عدو أم سلاح.. أيهما التوصيف الدقيق للعلاقة بين إرهاب «داعش» والولاياتالمتحدة؟ أيهما نصدق أنه عدو لها أم سلاح فى يديها؟ هل نصدق أن إرهاب «داعش»، كما زعم، اخترق، وبكل جسارة، المواقع الإلكترونية لوزارة الدفاع الأمريكية، ودخل على الصفحات الشخصية لكبار الضباط والقادة، ووجه ضربة قوية لأقوى منظومة استخبارات وأمن فى العالم، أم نصدق نفى الولاياتالمتحدة لمزاعم «داعش»؟ كل الاحتمالات قائمة؛ نصدق أو لا نصدق، فالمؤكد أن الولاياتالمتحدة تدعم إرهاب «داعش» سراً وتحاربه علناً، ولكنها حرب إعلامية رقيقة؛ لأن «داعش» صناعة أمريكية برعاية يهودية، وإلا فكيف يعلن رئيس الولاياتالمتحدة، الدولة الأقوى فى العالم، أنه يحتاج إلى ثلاث سنوات للقضاء عليها؟! الحقيقة الواضحة أن الولاياتالمتحدة صنعت «داعش» وتدعمه، وما زال مشروع «داعش» مستمراً وسيبقى لأن مشروع الفوضى المرسوم للشرق الأوسط لم ينته بعد، وبالتالى فالأموال والأسلحة الأمريكية تذهب إلى إرهاب «داعش»، وهناك طائرات تلقى إليهم الأسلحة، والحقيقة المؤكدة أيضاً أن العالم بعد جريمة فرنسا أصبح على يقين بأن اللعب بورق العقيدة والدين هو النار بعينه، وعندما تشتعل النار فليس لديها بصيرة ولا تمييز، ولهذا وقفت فرنسا على أطراف أصابعها بعد الجريمة الإرهابية الأخيرة، والكارثة أن جرائم الإرهاب تجعل كلمة مسلم فى مرمى النيران، وكما قال وزير الأوقاف، دكتور محمد مختار جمعة: «جريمة إرهاب فرنسا حولت المسلمين من ضحايا إلى جناة»، بينما رأى دكتور عمار على حسن أن الجريمة الإرهابية جعلت من محررى جريدة «شارلى إيبدو» رموزاً للحرية. فناتج هذا الفعل الإجرامى الإرهابى الجاهل أنه أعطى ناساً ما لا تستحق وجنى على الدين الإسلامى وأهله، هذا ما جناه الإرهاب على الإسلام والمسلمين. والمؤسف والملفت للنظر أن بعض الإعلام المصرى حوّل هذه الجريمة إلى «فرح بلدى» تسابق البعض فيه بتقديم «وافر النقوط»، وتحوّل معازيم وأصحاب هذا الفرح إلى خبراء فى مكافحة الإرهاب «وليس على المزايدين حرج». مؤكد مصر اكتوت بنار الإرهاب وما زالت هدفاً لهذه النيران المستعرة، ومؤكد أن فرنسا عندما جاءها الإرهاب جاء رد فعلها مشابهاً لما حدث فى مصر، ولكن فى المقابل ليس صحيحاً أن يقيم البعض الأفراح ويعلن الشماتة، فالأذى للإسلام قبل أن يكون لفرنسا. وما ينسب للإسلام جراء هذه الجرائم يجعله فى عداء مع العالم كله، والمفارقة المؤسفة أنه فى صخب «حمى» الشماتة فى فرنسا أو التضامن معها وإظهار العداء للإرهاب، وفى صخب سرادق الأداء الإعلامى المصرى المبالغ فيه لم يحدث تحليل موضوعى بسيط لا يضع فرنسا فى موقع الضحية البريئة تماماً. كما أن الإرهاب جاء من قلب فرنسا وليس من خارجها، وهو نتيجة لسياسات فرنسا الداخلية؛ فمن ارتكبوا هذه الجريمة يحملون الجنسية الفرنسية، وتعرضوا للاضطهاد الاجتماعى، فهم صنيعة أيادى الحكومة والإدارة والسياسات الفرنسية، ففرنسا هى من سمحت لهم بالتدريب والتجنيد فى أفغانستان وغيرها ليعودوا قنابل موقوتة. الحكومة الفرنسية مثل غيرها من بعض الحكومات الأوروبية تؤوى الإرهابيين والمتطرفين، وتتوهم أنه يمكنها استخدامهم دون أن تصل إليها نارهم، مع كل التأكيد أن الإرهاب خطر وجريمة تهدد الإنسانية كلها، ورغم المسيرة العظيمة التى حضرها قادة وزعماء العالم فى فرنسا فإنه لا يمكن أن نتصور أن هذه المسيرة سوف تغير مشروعات وخطط سنين طويلة تبنى بقيادة الولاياتالمتحدة، التى تجعل هذا الإرهاب أداة تفكيك للمنطقة العربية تحديداً وإثارة الفوضى فيها. ربما تجمد الجرائم الداعشية الأخيرة أو تؤجل هذا المشروع مؤقتاً لكننا لا نستطيع أن نصدق أنها سوف تمحيه. ربما الذى سوف يتغير هو أسلوب الولاياتالمتحدة فى استخدام إرهاب «داعش»، أو أسلوب درء أخطاره عن الغرب، وجعله حصرياً إرهاباً لمنطقة الشرق الأوسط فقط إلا إذا كانت الولاياتالمتحدة هى من يريد إيصال هذا الإرهاب إلى أوروبا لهوى وغرض يهودى، أو ربما لها فى هذا الإرهاب منافع أخرى.