المنيا.. مصرع أمين شرطة في حادث انقلاب سيارة بسمالوط    «منصة مصرية عالمية للعلم والإبداع».. مدبولي يدشن الأكاديمية الدولية للعمارة    «البترول» تصدر إنفوجرافًا يوضح نجاحها في تأمين إمدادات الطاقة بالكامل    البنك الأهلي المصري يحتفل بتخريج دفعة جديدة من الحاصلين على منح دراسية بمدينة زويل    تعكس التعطش للنهل من كتاب الله.. أوقاف الفيوم: المقارئ القرآنية تشهد إقبالًا واسعًا من رواد المساجد    تجارية الجيزة: أهلاً مدارس يواصل نجاحه.. لن نسمح بتخفيضات وهمية    نائب محافظ القليوبية تُشارك في احتفالية توزيع شنط مدرسية على 200 طالب    البورصة: ارتفاع جماعي لكافة المؤشرات بمستهل تعاملات اليوم الأربعاء    وزير المالية: زيادة 80 % فى حجم الاستثمارات الخاصة أول 9 أشهر من العام المالى    كامل الوزير: مصر أصبحت قاعدة لتصنيع وتصدير المركبات الكهربائية للعالم    جامعة سوهاج تخفض رسوم برنامج بكالوريوس العلوم المصرفية ومد التقديم لنهاية سبتمبر    البنك المصري لتنمية الصادرات يطلق النسخة الجديدة من تطبيق الموبايل البنكي    نزوح كثيف لسكان غزة على طريق الرشيد الساحلي تزامنا مع العملية العسكرية الإسرائيلية    مدبولي: مصر ترحب باستضافة المؤتمر الوزاري لمنتدى الشراكة «روسيا-أفريقيا»    برشلونة يحدد ملعب يوهان كرويف لمواجهة خيتافي في الجولة الخامسة من الليجا    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل في دوري أبطال آسيا    منتخب الطائرة يخسر من الفلبين في بطولة العالم    تشكيل آرسنال المتوقع أمام أتلتيك بلباو بدوري الأبطال    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 سنة يختتم تدريباته قبل السفر إلى غينيا الاستوائية    الأهلي يفاوض روي فيتوريا والمدرب البرتغالي يتحفّظ على العرض    فوق الممتازة.. وزير التعليم: معلمون وأساتذة جامعات شاركوا في وضع المناهج    ضبط مستحضرات تجميل وسجائر وسكر مجهولة المصدر في حملة تموينية بالإسكندرية    وزير التعليم: لا يوجد ربط نهائيا بين تسليم الكتب ودفع المصروفات الدراسية    ضبط 3 متهمين بتعدى على عامل داخل محطة وقود بالبحيرة    الطقس غدا.. تحسن بالأحوال وانخفاض درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 33 درجة    إصابة 6 أشخاص فى حادث انقلاب توك توك على طريق جمصة المنصورة    مصرع شاب بإسفكسيا الغردقة بمنطقة الشاليهات بالقصير    يسرا: فخورة أني جزء من مهرجان الجونة    "صيف قطاع المسرح" يختتم فعالياته بالاحتفال باليوم المصري للموسيقى    أيمن وتار ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التوني غداً الأربعاء    خارجية السويد: الهجوم العسكرى المكثف على غزة يفاقم الوضع الإنساني الكارثى    مهرجان الجونة السينمائي يكشف عن برنامج أفلام الدورة الثامنة خارج المسابقة    هند صبري عن والدتها الراحلة: علاقتنا كانت من نوع خاص وعايشة باللي باقي منها    هل سمعت عن زواج النفحة؟.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعى    موعد شهر رمضان الكريم وأول أيام الصيام فلكيًا    وزارة الصحة تطلق خطة لتأهيل 20 ألف قابلة وتحسين خدمات الولادة الطبيعية    وكيل صحة الدقهلية يتفقد مستشفى دكرنس المركزي    محافظ المنيا يتابع أعمال القافلة المجانية لخدمة 5 آلاف مواطن    وزير الصحة يترأس 
لجنة الدعم الصحى والاجتماعى للجرحى والمرضى من قطاع غزة    نتيجة تقليل الاغتراب 2025.. مكتب التنسيق يواصل فرز رغبات الطلاب    أمين الإفتاء: الكلاب طاهرة وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    أستاذ فقه: الشكر عبادة عظيمة تغيب عن كثير من الناس بسبب الانشغال بالمفقود    99.1% هندسة بترول السويس و97.5% هندسة أسيوط بتنسيق الثانوي الصناعي 5 سنوات    السكك الحديدية: إيقاف تشغيل القطارات الصيفية بين القاهرة ومرسى مطروح    كرة طائرة - خسارة منتخب مصر من الفلبين في بطولة العالم    روسيا تستهدف زابوريجيا في موجة جديدة من الهجمات الليلية    ميرتس يسعى لكسب ثقة قطاع الأعمال ويعد ب«خريف إصلاحات» لإعادة التنافسية لألمانيا    مدرب الهلال: لودي اختار قراره بالرحيل.. ويؤسفني ما حدث    ترامب يستبعد شن إسرائيل المزيد من الضربات على قطر    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    "الأمم المتحدة" تنظم أول ورشة عمل إقليمية حول السياحة الاستشفائية في الشرق الأوسط    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 122 ألف سلة غذائية عبر قافلة زاد العزة ال38 إلى غزة    سفير إيطاليا بالقاهرة: نتشارك مع مصر في تعاون ممتد في مجال العمارة والعمران    القومي لذوي الإعاقة وتنظيم الاتصالات يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الخدمات الرقمية    الصحة: حل جميع الشكاوي الواردة للخط الساخن 105 استطاع خلال أغسطس الماضي    تعرف على برجك اليوم 2025/9/16.. «العذراء»: ركّز على عالمك العاطفى .. و«الدلو»: عقلك المبدع يبحث دومًا عن الجديد    مدرب بيراميدز: لا نخشى أهلي جدة.. وهذا أصعب ما واجهناه أمام أوكلاند سيتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكامنا وحكوماتنا.. و«الكتافاست»!
نشر في الوطن يوم 23 - 12 - 2014

هو طبيب بالتأكيد.. فقد حصل على مجموع كبير للغاية فى الثانوية العامة أهّله بمنتهى الراحة للالتحاق بكلية الطب.. وفى كلية الطب درس حتى تخرج بتقدير محترم.. وبالإضافة إلى عمله فى التدريس بالجامعة وفى المستشفى الجامعى، فعيادته الخاصة دائماً عامرة بالمرضى.. وهو صديق حميم ألجأ إليه للمشورة الهاتفية عندما أشتكى أو أى فرد من أفراد الأسرة أو الأصدقاء من أى مرض.. وهو دائماً يبعث بداخلى وداخلنا الاطمئنان، ودائماً، أو بمعنى أدق، غالباً يصف لنا دواء «الكتافاست» المسكن.. فإذا اشتكيت من صداع تكون نصيحته الطبية عبارة عن كيس «كتافاست» صباحاً وآخر مساءً، وإذا اشتكيت من آلام فى القولون كذلك «كتافاست» صباحاً ومساءً، وإذا اشتكى أحد الأصدقاء من آلام فى الصدر أو الكتف أو الظهر.. إلخ، كذلك «كتافاست» صباحاً ومساءً.. حتى أصبحنا فى العائلة وبين الأصدقاء نطلق عليه «الدكتور كتافاست» من كثرة وصفه هذا الدواء المسكّن فى غالب الأحيان.. ولمن لا يعرف، فالدواء «كتافاست» عبارة عن أكياس يتم خلط محتواها الشبيه بالبودرة مع قليل من الماء قُبيل تناوله، وهو دواء ذو مفعول سريع فى تسكين الآلام الخفيفة والمتوسطة.. إذن فهو دواء مسكن، وليس دواءً يعالج الداء، وكل مهمته هى تسكين الآلام لفترة محدّدة.. وهكذا يتعامل معنا حكامنا وحكوماتنا منذ عقود طويلة.. يسارعون باللجوء إلى «الكتافاست» وإلى المسكنات حلاً لأى مشكلة أو داء.. والمعروف أن «الكتافاست» والمسكنات ليست علاجاً للداء والأمراض، بل هى مسكنات وقتية، ويبدو أن حكامنا وحكوماتنا منذ عقود طويلة أدمنوا علاج كل المشاكل، بل وكل النكبات باستعمال «الكتافاست» والمسكنات.. مع أنهم لو كلفوا أنفسهم بعضاً من مشقة البحث والتمحيص والتفكير لوجدوا أدويةً كثيرة لعلاج مشاكلنا وأزماتنا ونكباتنا.. وتعالوا مثلاً ننظر إلى مشكلة المرور والانفلات المرورى لنرى حكامنا وحكوماتنا تعاملوا معها بمنطق وثقافة «الكتافاست» والمسكنات حتى تفاقمت المشكلة وأصبحت كارثية، مع أن حل هذه المشكلة كان يستدعى علاجاً جذرياً منذ عقود طويلة، معظمها يتعلق بآداب وسلوكيات المواطن وبقوانين رادعة يتم تنفيذها بمنتهى الصرامة والحزم.. وكذلك مشاكل الصناعة والزراعة، كلها تعاملت معها حكوماتنا، بل وحكامنا بمنطق وفلسفة «الكتافاست».. مسكنات لا أكثر ولا أقل.. لم يجهد حكامنا ولا حكوماتنا أنفسهم فى الكشف الدقيق والفحوصات الدقيقة للوصول لسبب الألم.. حاولوا فقط معالجة الألم وقتياً بالمسكنات الوقتية ولم يجتهدوا على الإطلاق فى بذل أدنى مجهود لمعالجة المرض الذى استفحل للغاية حتى أصبح كارثياً وأصبح جسد مصر مملوءاً بالأمراض الفتّاكة التى تم التعامل معها لعقود طويلة ب«الكتافاست» والمسكنات، حتى وصل حالنا إلى ما وصل إليه من هزال وتفاقم أمراض.. حتى حكومتنا الحالية أراها، وللأسف، ورثت عن الحكومات السابقة التعامل بالمسكنات و«الكتافاست».. لا أرى حلولاً جذرية ولا علاجاً شافياً لأى من أمراضنا المستعصية التى أصبحت من كثرة التعامل معها بالمسكنات، متفاقمة ولا تحتمل الشفاء إلا بتدخل جراحى ماهر.. نعم من كثرة تناولنا «الكتافاست» والمسكنات ومن كثرة إهمالنا موطن المرض والداء، تراكمت الأمراض وتفاقمت وأصبحت غير قابلة للشفاء إلا بتدخل جراحى ماهر، فقد ظللنا مثلاً نتعاطى «الكتافاست» والمسكنات بالنسبة لمشكلة عوائق الاستثمار حتى أصاب الاستثمار فى بلدنا أمراض عضال، بالرغم من كوننا بلداً مؤهلاً جغرافياً وتاريخياً وبشرياً لأن نكون بلداً جاذباً للاستثمار.. ولكننا من كثرة تعاملنا مع مشاكل الاستثمار بمنطق «الكتافاست» والمسكنات أصبحنا بلداً طارداً ومنفراً للاستثمار، والعلاج لا يحتمل على الإطلاق مزيداً من «الكتافاست» والمسكنات.. العلاج لا بد أن يبدأ بتشخيص المرض ووصف العلاج المداوى للمرض وليس المسكن المخفف لآلام المرض.. إذا فعلنا ذلك ففى خلال سنوات قليلة ستختفى أمراض عوائق الاستثمار المدمرة وسنكون بلداً جاذباً للغاية للاستثمار.. وكذلك بالنسبة لآفة التعليم وتدهور منظومة التعليم.. ظللنا نتعامل معها بالمسكنات وترقيع المناهج وترميم المنظومة، حتى تهاوت منظومة التعليم، ومنذ عقود طويلة وهى تصارع الموت فى غرفة العناية المركزة.. وذلك لكثرة وكثافة استخدام «الكتافاست» والمسكنات فى علاجها وإهمال علاج المرض والاهتمام فقط بتخفيف آلام المرض.. وهكذا فى كل المجالات، اهتمام حكامنا وحكوماتنا منصب منذ عقود طويلة وحتى الآن، على استخدام «الكتافاست» والمسكنات مع أنها ليست أدوية علاج.. بل هى مسكنات فقط ولمدة محدّدة.. فهل آن الوقت لتشخيص أمراضنا وعلاجها بضمير يقظ حتى تتماثل هذه الأمراض للشفاء حتى يصح جسد هذا البلد الذى تنهش فيه مئات الأمراض الخطيرة منذ عقود طويلة، والذى يعيش طوال هذه العقود على تعاطى المسكنات حتى أدمنها وأصبحت أكثر ضرراً عليه من أمراضه المتفاقمة..؟ أرجو أن نكتفى بهذا القدر من المسكنات ونلتفت سريعاً وجدياً لعلاج أصل الأمراض قبل فوات الأوان.
والله سبحانه وتعالى من وراء القصد.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.