اختتمت الأسبوع الماضى فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان الفيلم القصير المتوسطى الذى ينظمه المركز السينمائى المغربي، حيث عرض 52 فيلما تمثل 21 دولة . المهرجان الذى استمرت فعالياته 6 أيام اشتعلت فيها المدينة الساحلية المغربية وتوهجت بهذه التظاهرة السينمائية شهد العديد من الملاحظات الايجابية والسلبية نحاول رصدها فى هذا التقرير . - رقي الافتتاح و بساطته: جاء الافتتاح الذي أقيم في قاعة روكسي بطنجة بسيطا ً و هادئا ً، حيث بدأ بكلمة من رئيس المركز السينمائي المغربي نور الدين الصايل الذي أعلن عن تأسيس لجنة إستشارية للمهرجان تضم الناقد محمد باكريم، والمخرجة فريدة بنليزيد ومصمم الرقصات لحسن زينون، وقد أوكل لهذه اللجنة مهمة تقييم المهرجان وتقديم الإقتراحات لتحقيق النقلة النوعية أو الطفرة ، ثم تولى إلقاء الكلمة الوزير السابق والقيادي في حزب الإتحاد الإشتراكي صاحب فكرة المهرجان محمد الأشعري و كان خطابه يحمل قدرا ً كبيرا ً من الشفافية محتفظا ً بلغته الشعرية قائلا "إن الذي يغتال التراكم إنما يغتال التقدم والحداثة". - إختيار الأفلام و التيمة المشتركة : لوحظ عرض كم كبيرمن الأفلام عالية الجودة ، وهذا يعكس حرص إدارة المهرجان على الإختيار الدقيق للأفلام المشاركة و الحرص على أن تكون هناك روحا مشتركة بين معظم الأفلام، أبرزها العلاقات الإنسانية والعائلية على خلفية سياسية. لجنة التحكيم: اللجنة ضمت عناصر نسائية، إضافة لعناصر شابة. كان رئيس لجنة التحكيم هو المخرج السينمائي حسن زينو، و الكاتب المغربي عمر سليم، والناقد علي حجي، ثم الكاتبة والمخرجة السينمائية، إيزابيل بوني كلافري من الكوت ديفوار، والناقدة السينغالية أومي أندرو والمخرجة الجزائرية صفيناز بوسيبة ومن أسبانيا نجد مونسيرات كيووفالس. سينما البلقان : جاءت مشاركة دول البلقان في الدورة العاشر للمهرجان هذا العام بعدد ليس بقليل من الافلام، و كانت المفاجأة هو المستوى التي صنعت عليه هذه الافلام سواء من حيث الشكل أو المضمون، فقد قدم صناع الأفلام موضوعات على مستوى عالي من الجودة و التقنية و الصورة السينمائية البديعة، أما الدراما فجاءت متنوعة بين لحظات ذاتية للأبطال أو علاقات عائلية، وما يتخللها من مشاكل أو لحظات عميقة بين زوجين. من أبرز هذه الأفلام، الفيلم اليوناني " أبي لينين وفريدي"، الذي تدور أحداثه في وقت كانت فيه اليونان تحت طائلة الحكم الشيوعي، والفيلم يروي الحكاية من وجهة نظر طفلة صغيرة تعاني من تزمت والدها الشيوعي المتعصب، وعندما يغادر الأب المنزل، تتغير حياتها هي وأسرتها ولكنها تظل تحلم بالأب وهو يتعرض للتعذيب على يد لينين الذي يتداخل في مخيلتها مع شخصية أفلام الرعب الشهيرة "فريدي:، للتوازى الدلالة السياسية بين لينين و فريدي في مخيلة الفتاة الصغيرة. أما فيلم "بيض الفصح"، فيحكي قصة أسرة تعيش في كرواتيا في ظل الدولة الشيوعية الواقعة تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية التانية، حيث كان ممنوع على الشعب اليوغسلافي ممارسة اي شعائر دينية في ظل النظام السياسي الشيوعي. و من البوسنة و الهرسك نجد فيلم "أربعة جدران" الذي تدور قصته حول الحرب الأهلية اليوغوسلافية في سييرايفو و ما خلفته من ضحايا، ومن بينهم بطل الفيلم الذي يعاني من هلع الحرب و يقوم بحبس و الده المعاق أثر الحرب ايضا ً في المنزل معتقدا أن الحرب مستمرة و لكنها في الحقيقة انتهت منذ عاميين. و يصور الفيلم السلوفيني " أبي هل يمكنني القيادة " عائلة تغيرت طريقة حياتها بعد العولمة لتصبح أكثر مادية و استهلاكية ، بينما يحكي فيلم "كل ذلك" من الجبل الأسود محاولة الأب أن يخرج ابنه من حالة الحزن الذي يعيشها إثر فقدانه لصديقه. - المشاركة العربية: تنوعت الموضوعات التي تناولتها الأفلام العربية هذا العام فجاء مضمونها على قدر كبير من الجرأة ، فبدأ ً من الكبت و المثلية الجنسية، وصولاً إلى حياة بائعات الهوى التى تناولها الفيلم المصري "حدوتة من صاج: للمخرجة عايدة الكاشف الذي يقدم معالجة لقصة حقيقية عن فتاة ليل شابة تدعى منى فرخة، وعلاقة صانعي الفيلم بعالمها الغريب. أما الفيلم المغربي"كيف ما يقولوا" للمخرج هشام عيوش، فتدور أحداثه حول شاب يقرر أن يخبر والده أنه مثلي جنسيا، فيحاول الأب أن يتقبل الفكرة، ويتعايش معها ولكنه لا يستطع فيقتل ابنه. ويصور الفيلم الجزائري "حراقة " رحلة شباب جزائريين مهاجرين بطريقة غير شرعية لأسبانيا و لكن أحدهم يغرق في عرض البحر بينما يصور شاب منهم الرحلة كلها بهاتفه النقال. - حضور الجمهور المغربي: طوال الأربع أيام التي شهدت عروض الأفلام لم يقتصر الحضور على السينمائين المتخصصين والصحفيين وصانعي الأفلام فقط، بل شهدت العروض حضور العديد من المواطنين المغربيين المولعين بفن السينما والساعين إلى التعرف على الثقافات المختلفة. - بانوراما الفيلم القصير المغربي: منذ الدورة السادسة حرص المهرجان على تخصيص عروض لما أنتجته السينما المغربية من أفلام قصيرة طوال العام وعمل بانورما للفيلم المغربي القصير حتى يضمن مشاهدتها من قبل النقاد و الصحفيين الدوليين و صناع الافلام الحاضرين و هو ما يرسم صورة جيدة لطبيعة السينما المغربية القصيرة ويشكل جسرا ً لخروج تجارب جيدة إلى أفق المهرجانات الدولية عبر إختيارها و ترشيحها من قبل ضيوف المهرجان. - مناقشة أفلام المسابقة الرسمية و الماستر كلاس: في صباح اليوم التالي لعرض الأفلام، أقيمت ندوة بحضور صناع الأفلام لمناقشة أفلامهم، ومن ثم فتح باب الأسئلة للصحفيين، أما في اليوم الاخير للمهرجان أقيمت محاضرة درس في السينما بعنوان السيناريو من أين نبدأ ؟ التي أدارته كاتبة السيناريو دانييل سويسا و السيناريست المغربي حسن لكزولي وكان جوهر المناقشة عن فن كتابة السيناريو و مدارسه المتعددة و مدى تعقيده مقارنة ً بكتابة القصة.