من السادسة صباحاً حتى الثالثة عصراً يباشر عم «خميس» عمله فى الشوارع والميادين كعامل بالهيئة العامة للنظافة والتجميل التابعة لمدينة رشيد، يستحضر يومياً فى جسده النحيف بنيان شاب فى مقتبل عمره رغم تخطيه ال56 سنة، ولا يتوانى عن بذل الجهد رغم الوضع الوظيفى الذى يبقيه على عقد مؤقت وينذره بمصير مجهول بعد بلوغ سن التقاعد بعد 4 سنوات دون معاش مالى ولا تأمين صحى. الرجل الخمسينى لم يحصل على قسط كاف من التعليم، حيث قادته الظروف للعمل مزارعاً باليومية فى قريته «الغبش» حتى ابتسم له الحظ بالحصول على وظيفة عامل نظافة بيومية 3 جنيهات زادت تدريجياً لتصل إلى 5 جنيهات فى السنوات الأخيرة لا تكفى، حسب كلامه، للإنفاق على أسرة مكونة من زوجة و3 أبناء: «كنت بشتغل مزارع باليومية، ومجلس المدينة أعلن عن مسابقة فى هيئة النظافة، واستلمت شغلى سنة 1990، من وقتها بشتغل بعقد مؤقت 500 جنيه فى الشهر، مش بتكفى العيش حاف، وبستلف كمان باقى الشهر». يتطلع «خميس» للتثبيت قبل بلوغ سن المعاش: «العضمة كبرت خلاص، ومن حقى أحصل على معاش بعد ما أكبر»، هموم ثقيلة تُبقيه أياماً طويلة حزيناً وشارد الذهن: «بفكر فى عيالى لما اطلع على المعاش أو أموت، أكيد مش هيلاقوا حد يصرف عليهم، وأنا مش عايزهم يشحتوا ولا يمدوا إيديهم لحد». «عمرى ما اقبل إن ابنى يشتغل زبال»، هكذا قرر عم «خميس» الذى عانى فى مهنة تسببت له فى الأمراض والفقر وأثقلته بالهموم، مضيفاً: «ابنى بيشتغل مبيض محارة، يوم يشتغل وباقى الشهر قاعد فى البيت، بس أى شغلانة أكرم له من الشقا اللى هدّ حيل أبوه بسبب المرتب القليل وانعدام المعاش».