فى زمن الإجرام الجميل كان آلفونس كابونى جابرييل أشهر مجرمى أمريكا فى فترة الكساد العظيم التى ضربت المجتمع الأمريكى، لتنتشر الجريمة المنظمة، والتهريب والمخدرات والتجارة فى الأسلحة وغش الخمور، وغيرها من الجرائم التى جعلت (آل كابونى) أشهر مجرمى أمريكا بلا منازع، حيث فشلت العصابات المنافسة فى التخلص من زعيم المافيا الأمريكية، وفشلت الشرطة فى القبض عليه بأى تهمة لأنه كان مسيطراً على الشرطة والقضاء والمحلفين، وله أتباع فى الحكومة، والسلطة الحاكمة، والإعلام، ليبدو آل كابونى من المحصنين غير القابلين للمس (untouchables) وهو الاسم الذى سيختارونه فيما بعد للفيلم الذى سيجسد قصة سقوطه، حيث قام بدور آل كابونى الممثل العالمى روبرت دى نيرو. حسناً: هل قلنا سقوطه؟.. نعم.. مثل أى حرامى أو فاسد أو بلطجى لا بد أن يسقط فى النهاية، لكننا هنا سنشير لمن أسقطه وهو (إليوت نيس) المحقق / وكيل النيابة / النائب العام الذى طارده (بالقانون) ليحصى أنفاسه، وجرت المباراة بين إليوت نيس وفريقه من الشرفاء، وبين آل كابونى وعصاباته وأصدقائه والإخوة والأقارب فى شيكاغو وأهديهم أغنية (كابونى) اللى غاروا منى. كان إليوت نيس شريفاً محترماً لم يفسده المال ولم يرضخ للضغوط والتهديدات، وظل يلاحق كابونى فى كل التهم التى حصن كابونى نفسه منها قبل أن يكتشف إليوت أنه يبحث فى الاتجاه الخاطئ، فالمهم هو أن يصبح كابونى فى السجن بغض النظر عن التهمة، وبذلك استطاع إسقاطه (بل تدميره لو شئت الدقة) بقضية تهرب ضريبى، وحاول كابونى شراء المحلفين، لكن إليوت نيس استطاع تغييرها فى اللحظات الأخيرة ليسجن كابونى ويدمر عصاباته، ويخلد اسم إليوت، وتجسد شخصيته فى عدة أفلام وأعمال درامية كمثال للرجل الشريف المحترم، الذى طارد - خلال تحقيقه فى قضية آل كابونى - قاتلاً متسلسلاً قتل 12 ضحية فى كليفلاند، وقطع أطرافها وتوصل إليه (نيس) وإن لم يتوصل لإثبات، فلم يفعل سوى أن أعلن وضعه قيد المراقبة المشددة، فاختفت الجرائم وكفت عن الحدوث. شتان بين إليوت نيس وعبدالمجيد محمود النائب العام الذى تدور حوله دائماً علامات الاستفهام، والذى طالبت حركات وقوى ثورية بإقالته بعد نجاح الثورة لكنه تحصن بالقانون، ولم يكن شجاعاً ولا صاحب موقف ليقدم استقالته بعد الإطاحة بالنظام الذى عينه فى منصبه، بل وتباطأ فى التحقيق فى العديد من البلاغات، وأخر تحقيق العدالة بأدائه المترهل المثير للتساؤلات بأكثر العبارات تهذيباً، وكان من الغريب أن عدداً من الذين طالبوا بإقالته طيلة عام ونصف يرفضونها الآن لأنها جاءت من رئيس إخوانى ويذكرون الآن - والآن فقط - القانون الذى يمنح عبدالمجيد محمود حصانة. يا سيادة النائب العام هناك شىء أقوى من القانون اسمه الكرامة، التى أسألك باسمها أن ترحل فى سلام لأننا لا نريد من يعطل العدالة بدلاً من إنجازها، ولأن الشهداء سيظلون ينظرون إلينا بمنتهى القرف لأنك ما زلت فى منصبك، ولتنظر لصفحة إنجازاتك فى منصبك لتدرك أنها بيضاء، أن دماء الشهداء الذين لم تستطع أنت ورجالك إثبات التهم على قاتليهم فى رقبتك إلى يوم الدين. * حدوتة آخر المقال: عظمة الزند شىء، وعظمة اللوح شىء آخر، وقد حاولت كثيراً إثبات ذلك لابنى الصغير لكنه مُصر على أن الزند واللوح شىء واحد.