«سيب وأنا أسيب».. تلك هى النظرية التى تفسر الصراع بين الرئيس والنائب العام، وتكشف لنا بشكل أعمق عن أسس الصراع بين فلول الحزب الوطنى من ناحية والإخوان المسلمين من ناحية أخرى طبقاً لأسلوب المصريين فى «الخناق» حين يمسك كل طرف برقبة الآخر «وسيب وأنا أسيب». فقد قام الرئيس محمد مرسى بخلع (وبلاش إقالة) النائب العام، ثم خرج الدكتور عبدالمجيد محمود علينا بعد ذلك، معلناً أنه لم يستقل من منصبه، وأنه متمسك بالبقاء فيه. ويبدو أننا على شفا صراع غير عادى، ما بين الطرفين: الفلولى والإخوانى. ولكى نفهم أبعاد هذا الصراع علينا أن نتذكر جيداً أنه عندما قامت ثورة 25 يناير، جن جنون ثلاثة أطراف رئيسية فى هذا البلد، أولها: فلول النظام الذى تم قطع رأسه، وارتبط مصدر غيظهم بالإحساس بسحب بساط المال والنفوذ من تحت أقدامهم، وثانيها: هو المجلس العسكرى الذى طمح أعضاؤه إلى وراثة ملك مصر بعد الإطاحة ب«المخلوع» وتفكيك سيناريو التوريث، وسقط المجلس فى بركان الغضب حين أحس برفض الشعب لفكرة استمرار حكم العسكر، أما الطرف الثالث فيتمثل فى جماعة الإخوان التى وجدت أن الثمر «طاب واستوى» وحان قطافه، فتقدمت صفوف القوى الوطنية معتمدة على ضعف الآخر أكثر من الاعتماد على قوة الذات، فأخذت تلاعب الجميع حتى فازت بكرسى الحكم، ورغم وصول الجماعة إلى منصة التتويج، فإنها تحيا بعقدة «المشاركة المتأخرة» فى الثورة، والاتهامات المستمرة من جانب الثوار بأنها أخرت وما زالت تؤخر قطار الثورة عن الوصول إلى منتهاه ومشتهاه، بسبب ميلها إلى عقد الصفقات من أجل حصد المكاسب. تواطأت هذه الأطراف معاً على الثورة منذ بدايتها، وأخذوا يلاعبونها معاً بصور مختلفة، حتى استطاعوا تثبيطها و«تهميدها»، ثم بدأ كل طرف منها يتفرغ للآخر. خرج المجلس العسكرى من المعادلة بعد الإطاحة بالمشير والفريق، لكن الأمور لم تستقر للإخوان، لأن الخصم الأكثر احترافية والأشد انتشارية وتغلغلاً فى كل مؤسسات الدولة ما زال قائماً، وكعادتها لعبت الجماعة لعبة الصفقات من أجل السيطرة على الأوضاع، لكن يبدو أن الطرف الفلولى اكتشف -بعد حين- ضعفها وركاكة أداء رموزها داخل المواقع المختلفة، وعجزهم عن السيطرة على الأوضاع، وأن القسمة مع الإخوان هى قسمة «ضيظى»؛ فبدأ يطمع فى الكعكة كاملة، خصوصاً بعد أن بدأت الجماعة تفقد الكثير من شعبيتها، وظهر ضعف قدرات كوادرها وعجزهم عن التعامل مع المشكلات التى تحتشد فى الواقع.. إنها مرحلة اختلاف «شركاء الأمس».. وانتظروا أن ينشر كل طرف منهما «غسيل» الآخر، حتى تحين لحظة «شطف» وكنس الجميع.. ومفيش أكتر من المقشات!