لم يتخيل «صابر إبراهيم حسين النجدى»، 27 سنة، أن يكون من ضحايا الإرهاب، ولم يتصوّر للحظة واحدة، أن الشاب الذى ألقى عليه السلام هو وصديقه، قبل لحظات، سيُفجر فيهما عبوة ناسفة، لاستهداف مدرعة الشرطة التى مرت بجوارهما فى مدينة أبوكبير بمحافظة الشرقية الجمعة الماضية، مما أدى إلى إصابته و6 آخرين، هم 5 من رجال الشرطة، والطفلة «صابرين» بنت ال10 سنوات. «صابر»، الذى فقد يده اليسرى فى الانفجار، قال فى تصريحات ل«الوطن»، التى زارته فى عنبر الجراحة بمستشفى الزقازيق الجامعى: أنا شغّال ترزى ومتجوز من شهرين، وبعد الإصابة مش هاعرف أشتغل ترزى تانى، والله أعلم هاشتغل إيه وهاعيش إزاى. وتوقف للحظات قبل أن يُكمل قائلاً: «حسبى الله ونعم الوكيل، حقى عند ربنا، هو مش هيسيب المجرمين وهينتقم منهم». وحول تفاصيل ما حدث له يوم «ثورة المصاحف» التى دعا إليها الإخوان، يقول «صابر»: بعد ما صليت فى مسجد قريب من البيت، توجهت مع صديقى، لشراء بعض الأطعمة للإفطار، وأثناء سيرنا بالقرب من كوبرى أبوكبير، قابلنا إخوانياً وهو ينزل من سيارته، وألقى علينا السلام، ولاحظت فى يده «ريموت كنترول»، وبعد لحظات، وقع انفجار مدوٍ أثناء مرور 3 سيارات شرطة ومدرعة بجوارنا، فسارعت وصديقى للاختباء بمدخل إحدى العمارات، وهناك اكتشفت وجود شظايا فى كف يدى اليسرى، وتقطع أصابعى. وتابع الشاب المصاب: الإخوانى ألقى السلام علينا، وفجر العبوة فينا بعدها، لاستهداف المدرعة، وسيارات الشرطة. والتقط خالد محمد أحمد، 19 سنة، صديق «صابر» طرف الحديث، قائلاً: «الإخوان قالوا هيتظاهروا بالمصاحف، وضربوا القنابل فى المناطق السكنية، دول حتى لو كانوا مستهدفين الشرطة، كانوا يراعوا أن فيه مواطنين وأطفال، مالهومش ذنب فى حاجة، وكان ممكن أى حد يموت». وأضاف: «كنا ماشيين فى أمان لحد ما ظهر الإخوان ووقع الانفجار، وحاولت إسعاف (صابر)، ونقلته إلى مستشفى أبوكبير المركزى ومنه إلى الزقازيق الجامعى». وقالت مايسة إبراهيم، شقيقة «صابر»: «صاحبه اتصل علينا، طلعنا نجرى لاقيناه نقله إلى مستشفى أبوكبير وبينزف، وجينا على الزقازيق الجامعى وعمل عملية استغرقت 7 ساعات، وسيخضع لإجراء عمليات أخرى». وفى مستشفى الأحرار بالزقازيق، جلست الطفلة «صابرين حسن ربيع»، 10 سنوات، تلميذة بالصف الرابع الابتدائى، وبجوارها والدتها وخالتها، تحاولان تهدئتها وطمأنتها. «(صابرين) بنتى الوحيدة، ماليش غيرها، ربنا يشفيهالى»، بهذه العبارة استقبلتنا، أميرة عبدالنبى، والدة الطفلة المصابة فى تفجير المدرعة، قبل أن تضيف: «إحنا ساكنين فى القاهرة وجيت أبوكبير فى زيارة عائلية لأختى، وفوجئت بها تتصل بى وتقول لى إن ابنتى أصيبت فى انفجار قنبلة بمدرعة شرطة، وموجودة فى مستشفى أبوكبير». وتابعت: هرعت إلى المستشفى، الذى حوّلنا إلى مستشفى الأحرار، وهناك علمنا أنها مصابة بشظايا بالحوض من الناحية اليسرى، ووضعها الأطباء تحت الملاحظة 24 ساعة، لإجراء عملية لها بعد استقرار الشظايا. وانهمرت الأم فى البكاء، قائلة: «يا رب اشفيها لى، أنا ماليش غيرها»، وتابعت: «لو مسكنا المجرمين اللى عملوا كده مش هنسيبهم، وهناكلهم بسناننا». وحول تفاصيل ما حدث وقت الانفجار، قالت «سماح» خالة الطفلة: «كنت باحضر طعام الغداء، وابنى الصغير و(صابرين) نزلوا الشارع يلعبوا مع أطفال الجيران، وبعد فترة قصيرة، سمعت صوت الانفجار، ونزلت جرى أطمن عليهما، فوجدت (صابرين) مصابة وبتنزف، فنقلتها فى سيارة ملاكى تصادف مرورها بالمنطقة، إلى مستشفى أبوكبير».