انعكست العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا، وما تبعها من فرض حزمة من العقوبات الاقتصاية ضد «موسكو»، على أسعار الطاقة والمنتجات الغذائية على مستوى العالم، حيث شهدت ارتفاعًا في الآونة الأخيرة بصورة ملحوظة. هذا الأمر كان قد حذر منه الرئيس الروسي فلاديمر بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف، في تصريحات رسمية سابقة، حيث أكدا أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الأوروبية على روسيا برعاية الولاياتالمتحدةالأمريكية سوف تنعكس بشكل مباشر على جميع دول العالم، وخاصة بعد قيام عدة دول بحظر الغاز الروسي، وتجميد أصول البنوك الروسية المدعومة من الحكومة الروسية، وعزل روسيا عن نظام التحويلات المالية الدولية «سويفت». تأثيرات العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، كان لها الأثر الواضح على عدة دول أوروبية تأتي في مقدمتها ألمانيا، التي شهدت ارتفاعًا في أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة بلغت 20%، وهو ما جعل الحكومة الألمانية تصدرعدة قرارات من بينها تحديد عدد السلع الغذائية للمواطنين، حيث خصصت لكل مواطن، زجاجة زيت واحدة وكيس دقيق واحد، وليس من المسموح لأي مواطن الحصول على أكثر من ذلك، خاصة في ظل نقص كبير في الدقيق لم تشهده البلاد من قبل، وتوقف عمليات استيراد القمح من روسياوأوكرانيا على خلفية الحرب الدائرة بينهما باعتبارهما من الدول الأكثر انتاجًا وتصديرًا للقمح لباقي دول العالم. ارتفاع أسعار الغاز في أمريكيا 20% ولم تنج الولاياتالمتحدةالأمريكية من موجة غلاء الأسعار، على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، حيث ارتفعت أسعار الطاقة ووصل سعر جالون الغاز العادي إلى 71 سنتًا، أي بزيادة بلغت حوالي 20% منذ نهاية شهر فبراير وبعد بدء الحرب بخمسة أيام، بحسب بيان صادر عن جمعية السيارات الأمريكية. وتعليقًا على إمكانية استمرار فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا، رغم انعكاساتها المباشرة على عدة دول غربية، قال الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن الحرب الدائرة في الحقيقة هي ليست حرب بين روسيا وأوركرانيا، وإنما هي حرب بين المعسكر الشرقي الذي يترأسه روسيا والمعسكر الغربي الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية، واصفًا إياها بأنها «حرب تكسير عظام» وأنها سوف تستمر خلال الفترة القادمة حتى يتمكن كل طرف من تحقيق أهدافه منها. وأضاف أستاذ التمويل والاستثمار في تصريحات خاصة ل«الوطن» أن الولاياتالمتحدةالأمريكية نجحت في ملئ الفراغ المتواجد داخل الاتحاد الأوروبي واستطاعت أن تعزل روسيا وتأخذ مكانها في الوقت نفسه تقوم روسيا بتشكيل محور وتكتل في الشرق بين روسيا والصين والهند وباكستان، مشيرًا إلى أن العقوبات الاقتصادية المفروضة بين الجانبين سوف تكون مستمرة حتى يتمكن كل جانب من تحقيق أهدافه. روسيا أقرب من الولاياتالمتحدة في تحقيق أهدافها وأوضح «إبراهيم» أن روسيا هي الأقرب في تحقيق أهدافها، وهي إبادة القوة العسكرية في أوكرانيا، وإرسال رسالة قوية لكل الدول التي تمتلك حدودًا معها بأنه لا يمكن لهم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو»، لافتًا إلى أن روسيا تتعامل بشكل ناجح مع العقوبات المفروضة عليها خاصة أن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض لها موسكو لفرض عقوبات من دول غربية. وحول استمرار العقوبات من عدمها، خاصة مع تصاعد الغضب الشعبي في عدد من الدول الغربية نتيحة ارتفاع الأسعار، يرى «إبراهيم» أن العقوبات سوف تستمر مع قيام البلدان بوضع سياسات لضمان توفير السلع الأساسية لمواطنيها كما حدث في ألمانيا. موضحًا أن الغضب الشعبي سوف يزداد في معكسر الدول الغربية أكثر من المعكسر الروسي لأن الموضوع بالنسبة للمواطنيين الروس له علاقة بأمنهم القومي وأن الأمن القومي يسبق العقوبات وهو أمر يتفهمه المواطن الروسي، على عكس المواطن في المعسكر الغربي الذي لا يجد مبررًا لنقص السلع الاستهلاكية وارتفاع أسعارها في الوقت نفسه، مؤكدًا أنه مع الوقت سوف تأخذ الدول الغربية احتجاجات مواطنيها على محمل الجد.