"التنظيم والإدارة" يتيح الاستعلام عن نتيجة التظلمات بمسابقة 3500 وظيفة معلم مساعد علوم    إجازة المولد النبوي الأقرب.. العطلات الرسمية المتبقية في 2025    وزير الإسكان يتابع آخر مستجدات تفعيل قانون الإيجار القديم    الخارجية القطرية: رد حماس الأخير إيجابي جدا    أمين خارجية "المصريين": استقبال رئيس الوزراء الفلسطيني عند معبر رفح يؤكد استمرار دور مصر المحوري تجاه القضية الفلسطينية    رئيس وزراء السودان يطالب الأمم المتحدة بالتدخل لفك الحصار عن مدينة الفاشر    الزمالك يعقد مؤتمرًا صحفيًا بسبب فرع 6 أكتوبر    حملات تموين المنيا تضبط 318 مخالفة تموينية متنوعة    جهود «أمن المنافذ» في مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    الليلة.. مصطفى حجاج والفلكلور الكولومبي نجوم سهرة مهرجان القلعة    بعد سقوط شعرها.. رحمة حسن تكشف عن إصابة جديدة    محافظ الدقهلية: - إحالة المدير المناوب وعدد من أفراد النوبتجية المسائية بمستشفى نبروه المركزي للتحقيق    فنان شهير يفجر مفاجأة عن السبب الرئيسي وراء وفاة تيمور تيمور    مدير أوقاف الإسكندرية يتابع لجان اختبارات مركز إعداد المحفظين بمسجد سيدي جابر    رحيل الدكتور يحيى عزمي أستاذ معهد السينما.. وأشرف زكي ينعاه    والد الطفل «حمزة» يكشف اللحظات الأخيرة في حياته بعد تناول وجبة سريعة التحضير (التفاصيل)    طبيب الأهلي يكشف حالة إمام عاشور ومروان عطية قبل مواجهة المحلة    رئيس الرعاية الصحية: بدء تشغيل عيادة العلاج الطبيعي للأطفال بمركز طب أسرة العوامية بالأقصر    جولة تفتيشية للوقوف على انتظام حركة التشغيل في مطاري الغردقة ومرسى علم    كامل الوزير: تشغيل خطوط إنتاج الأسمنت المتوقفة وزيادة القدرات الإنتاجية    الأرصاد: فرص أمطار رعدية على حلايب ونشاط رياح بكافة الأنحاء يلطف الأجواء    وزارة النقل تناشد المواطنين التوعية للحفاظ على مترو الانفاق والقطار الكهربائي    قرار جديد من وزارة الداخلية بشأن إنشاء مركز إصلاح (نص كامل)    وزير الري: تطوير مؤسسي ومنظومة إلكترونية لتراخيص الشواطئ    وزيرة التخطيط والتعاون تتحدث عن تطورات الاقتصاد المصري في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية    الأردن: عبور 85 شاحنة محملة بالمواد الإغاثية إلى غزة    بلتون للتمويل العقاري تصدر أول توريق بقيمة 1.32 مليار جنيه    محافظ المنوفية يشدد على الإسراع فى معدلات تنفيذ الخطة الاستثمارية    واعظة بالأزهر: الحسد يأكل الحسنات مثل النار    " ارحموا من في الأرض" هل هذا القول يشمل كل المخلوقات.. أستاذ بالأزهر يوضح    حسن عابد مديرا لبطولة أفريقيا ل شباب الطائرة    "قصص متفوتكش".. 3 معلومات عن اتفاق رونالدو وجورجينا.. وإمام عاشور يظهر مع نجله    ميدلزبره يقترب من ضم موهبة مانشستر سيتي    البورصة تواصل ارتفاعها.. وانخفاض ربحية شركة كونتكت بنسبة 17%    53 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" خلال 34 يومًا؟    80 قطارًا.. مواعيد انطلاق الرحلات من محطة سكك حديد بنها إلى المحافظات الثلاثاء 19 أغسطس    وزيرا السياحة والإسكان ومحافظ الجيزة يتابعون مستجدات المخطط الاستراتيجي لتطوير منطقة سقارة    استكمال أوراق الشهادات المعادلة العربية بجامعة بنها الأهلية (للمتقدمين إلكترونيًا فقط)    وزير العدل من البحيرة: نعمل علي تطوير ورفع كفاءة دور العدالة    كامل الوزير يستقبل سفير الهند بالقاهرة لبحث التعاون    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    5 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات حاسمة من السيسي لمحافظ البنك المركزي    عماد أبوغازي: هناك حاجة ماسة لتغيير مناهج التاريخ فى الجامعات    رئيس الوزراء يلتقى وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني    ضبط ترسانة أسلحة بيضاء ومواد مخدرة متنوعة بمطار القاهرة الدولي (صور)    بعد إلغاء تأشيرات دبلوماسييها.. أستراليا: حكومة نتنياهو تعزل إسرائيل    إيمي طلعت زكريا: أحمد فهمي سدد ضرائب والدي بعد وفاته    أبرز تصريحات لقاء الرئيس السيسي مع الشيخ ناصر والشيخ خالد آل خليفة    «عارف حسام حسن بيفكر في إيه».. عصام الحضري يكشف اسم حارس منتخب مصر بأمم أفريقيا    شروط الحصول على منحة الزواج 2025.. الخطوات والأوراق المطلوبة (كيفية حسابها من المعاش الشهري)    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    عماد النحاس يكشف موقف لاعبي الأهلي المصابين من المشاركة في المباريات المقبلة    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    إطلاق حملة لرفع وعي السائقين بخطورة تعاطي المخدرات    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الألغام الدستورية وقانون تقسيم الدوائر
نشر في الوطن يوم 16 - 11 - 2014

فى ظل المرحلة التى تمر بها الدولة المصرية ورغبة أبنائها فى بناء دولة مدنية حديثة تُرسى قواعد العدل والمساواة وتكافؤ الفرص وتُعلى من سيادة القانون، وبعد أن وضعت أقدامها بالفعل على هذا الطريق وقطعت فيه شوطاً ليس بالقليل، ورضى الجميع الاحتكام إلى دستور يفترض أنه يرسخ لتلك القواعد ويُعلى من شأن تلك القيم والمبادئ التى طالما حلمنا بها جميعاً.
وانطلاقاً من تلك القناعة فإن مقتضيات المنطق تفرض على اللجنة المشكّلة لوضع قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، تلك المبادئ والقواعد الدستورية والواردة بالمادتين 102، 228 لما تضمنته من معايير أربع لتقسيم الدوائر.. المعيار الأول أن يكون التقسيم عادلاً للسكان، والثانى عادلاً للمحافظات، والثالث متكافئاً للناخبين، والرابع ملائماً لبعض الفئات الخاصة، والتى جاءت واردة بنص المادة 228 مثل «العمال والفلاحين والمرأة والشباب والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين بالخارج».
وكانت صدمتى كبيرة عندما اكتشفت أن تلك النصوص جاءت فى ظاهرها برّاقة بينما فى حقيقتها لا تخرج عن كونها نصوصاً فضفاضة، فى ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، تصلح فقط للخطب المنبرية والمناسبات أكثر من كونها تُعد مواد دستورية ملزمة للمشرّع لما شابها من تعارض وتشابك وتصادم عند التطبيق الفعلى.
فمن غير المنطقى، بل ومن غير المقبول، إصدار قانون الدوائر الانتخابية وسط لغط يؤكد احتمالية وقوع القانون المحتمل فى هاوية عدم الدستورية، خاصة أن الدستور قد تضمّن عبارات يستحيل على من يتصدى لمهمة إعداد ذلك التشريع أن يطبقها مجتمعة، إذ قررت المادة 102 «يشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن 450 عضواً.. و.. ويبين القانون شروط الترشيح ونظام الانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية بما يراعى التمثيل العادل للسكان، والمحافظات، والتمثيل المتكافئ للناخبين»، كما تضمنت المادة 228 ما نصه «تعمل الدولة على تمثيل العمال والفلاحين والمرأة والشباب والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين بالخارج تمثيلاً ملائماً فى أول مجلس نواب». وبالتالى فنحن أمام أربعة معايير وجب على المشرع الالتزام بها وهى:
التمثيل العادل بين السكان، والعادل بين المحافظات، والمتكافئ بين الناخبين، والملائم للفئات السابق ذكرها. وعلى المشرع أيضاً الالتزام بالتفسير اللغوى والقانونى للكلمات الثلاث «العادل.. المتكافئ.. الملائم».
فالعادل هو اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه الذى يسيّر الشىء معتدلاً من غير تفاوت، وكلمة «عادل» وفقاً للتفسير اللغوى تعنى المعادلة بين الشيئين، أى المساواة بينهما وجعل كل منهما مثل الآخر وقائماً مقامه، وأيضاً «عدَل» بين المتخاصمين أى أنصف فى الحكم بينهما وتجنب الجور والظلم.
ومن هنا فنحن أمام إشكالية كبرى عند التطبيق العملى تتمثل فى استحالة تطبيق تلك المعايير بالعدل بين المحافظات ذات الكثافة السكانية الضعيفة فى مواجهة نظيراتها من المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية.
وبمراجعة تفسير كلمة متكافئ نجد أن تكافؤ الشيئين يعنى أنهما تماثلا واستويا.
ووفقاً لهذا التفسير نجد أن المشرع الدستورى قد عمد إلى أن يكون التكافؤ بين الناخبين وليس بين المرشحين.
وبالتالى فنحن أمام إشكالية ثالثة تتمثل فى ضرورة إحداث التكافؤ وفقاً لما هو ثابت بقاعدة البيانات المدون بها أسماء الناخبين وأعدادهم وتوزيعهم، مع الأخذ فى الاعتبار التضارب والتعارض فى البيانات بين الجهات المسئولة عنها مثل «الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء وإدارة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية وقاعدة بيانات اللجنة العليا للانتخابات».
والسؤال هنا: هل يمكن أن تصب تلك الحالة فيما يسهم ويدفع فى الطريق الذى ارتضيناه جميعاً لمحاولة جمع شتات هذا الوطن والنهوض والعودة به إلى مكانته الطبيعية؟!
وللخروج من هذا المأزق نرى أهمية القفز خارج الصندوق والعمل على تقسيم الدوائر على أسس جديدة تخرج عن التقسيم الإدارى الذى اعتمد على نطاق المراكز معياراً للتقسيم، إذ يغل يد المشرّع ويفرض عليه واقعاً يصعب تطبيقه للتفاوت الكبير بين أعداد المقيدين فى تلك المراكز، مما يعصف بمبدأى العدالة والتكافؤ ويطعنهما فى مقتل.. ونرى ضرورة الأخذ بمعيار الوحدات المحلية الذى يعطى صغر حجمها وأعدادها للمشرّع حرية أكبر فى الحركة للتقسيم العادل والحقيقى وسهولة ضم بعضها للبعض طبقاً للواقع والأعداد الحقيقية المقيدة فى قاعدة البيانات الانتخابية.
كما أن التكافؤ بين الناخبين يستحيل تحقيقه عند ضم تلك المراكز لبعضها البعض، وبالتالى نجد أن الأخذ بمعيار الوحدات المحلية يقترب بنا من إمكانية تحقيق المبادئ التى قررتها نصوص الدستور، مع الأخذ فى الاعتبار أن الدستور قد عمد إلى وضع حد أدنى لعدد المقاعد التى يتشكل منها مجلس النواب دون حد أقصى يجب الالتزام به.
وعليه يثور التساؤل: لماذا لا يتم تقسيم الجمهورية إلى عدد من الدوائر الفردية تشكل كل دائرة من عدد من الوحدات المحلية يكون مجموع المقيدين بها مساوياً لعدد المقيدين بالدائرة المجاورة دون تمييز أو إخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، وتمثل كل دائرة بنائب واحد دون الدخول فى حسبة برمة التى ستؤدى حتماً إلى عدم دستورية ذلك القانون.
وهنا أقرر، وبلا مواربة، أننى أثمّن ما يقوم به المستشار إبراهيم الهنيدى وباقى أعضاء اللجنة المكلفة بإعداد المشروع لما يبذلونه من جهد ضخم لإحداث التوازن بين مواد وعبارات جاءت رنانة ومطاطة وفضفاضة كانت غايتها تحقيق العدل الكامل والمساواة وتكافؤ الفرص إلا أن الواقع يؤكد استحالة الوصول لتلك الغاية عند التطبيق العملى.
وللحديث بقية ما كان فى العمر بقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.