فى قلب الظلمات تولد ومضات أمل. مشاهد متقاطعة تمر أمام عينى وكأننى فى اللحظات الأخيرة من العمر. مشاهد الأمل فى التوحّد الذى صاحب ثورة 30 يونيو وحشود المصريين مجتمعين على كلمة واحدة طالبت البرافان بالرحيل. ومشاهد الحشود ذاتها فى 3 يوليو تحتفل برحيله ومشاهد أكبر وأقوى بكثير فى السادس والعشرين تفوّض الجيش العظيم فى مواجهة إرهاب بات وشيكاً. قطع. صحفيون يتبارون لنيل مغانم لم يدن قطافها بعد. اقتتال على من يمثل أو لا يمثل الجماعة الصحفية والإعلامية فى تجميع آراء الزملاء فيما يجب أن يكون من تشريعات. عودة الجماهير إلى الملاعب فى مباريات منتخبنا الوطنى للكرة وشوقى غريب يقود منتخب مصر إلى الخروج من تصفيات كأس الأمم وسط هتافات «روّح». إعلاميون وصحفيون مع فكرة أن «يناير» مؤامرة، وآخرون متمسكون بأنها ثورة. منفلتو اللسان والألفاظ يملأون الشاشات صراخاً وعويلاً وهبوطاً بمستوى الأخلاق. عنتيل فى المحلة وآخر فى السنطة وثالث فى قطور. هو إيه الحكاية؟ ولماذا التركيز فقط على هذه القصص والروايات المعوجة؟ أليس فيكم رجل رشيد؟ كله عشان نبيع، و«التوك شو» يشتغل وهكذا. قطع. مشاهد التصويت فى الدستور والنتيجة الباهرة. مشاهد تتويج الرئيس عبدالفتاح السيسى. مشاهد الرجل يكرر للشعب أن العمل معاً هو السبيل إلى الرقى والتقدم وأن الصبر مفتاح الفرج. لا أحد يعمل. الكل يريد ثماراً دانية بلا عمل. ثقافة الذهاب إلى العمل موجودة عشان نقضى وقت لطيف أو مش لطيف ونروّح دون إنجاز وفوت علينا بكرة. مشاهد تصفية الحسابات بين قطاعات الشعب المختلفة. الإرهاب يسعى لزعزعة ثقتنا فى الجيش بالذات والشرطة من بعده. قطع. أتوقف هنا وأجد تعبيرات من قبيل فراغ المعلومات الصادرة من الجيش أو أجهزة الأمن وغير ذلك. البعض يقول إنه عندما تتوقف الدولة عن ملء الفراغ المعلوماتى يملأه الاجتهاد. ربما يكون عندك حق، لكن حينما تكون المطاردات مستمرة ويكون البحث عن هؤلاء مستمراً ونديهم المعلومات التى يهربون بها، فهذا حُمق. المعلومات التى صدرت كافية وربما تزيد. ليس من المهم الآن جنسيات من ألقى القبض عليهم فى حادث دمياط الإرهابى. المهم أن نحصل على ما لدى هؤلاء من معلومات واعترافات. قد لا يفيد النشر الآن فى تأمين حضرتك وحضرتى وأولادنا الذين نرسلهم إلى مدارسهم يومياً. لم نقضِ على الإرهاب فى الثمانينات والتسعينات بالنشر. كان العائدون من أفغانستان يترقّبون ما يُنشر، ويعرفون أسماء من تم القبض عليهم. كثير من المطالبين بالنشر والبث لم يعش تلك الأيام المريرة. وحينما منع النشر والبث فى قضايا الإرهاب مجتمعة، عاش الإرهابيون فى الظلام، فسقطوا كما تتساقط أوراق الشجر فى الخريف وتعرى. نعم اليوم هناك إيميل وموبايل وغيره. لكن من غير المطلوب الآن أبداً أن تقوم جهات مكافحة الإرهاب بإصدار البيانات التى ستسهم فى وصول المعلومات إلى العدو أسرع. وسط الظلمة أرى البعض رشيداً. سيتوحدون. سيتكاتفون. سينجزون. سيمتنعون عن العمل خبراء فى الكرة والأمن والسياسة والفن والثقافة والطماطم والخيار والباذنجان. أرى قومى يفقهون. فلما استحكمت حلقاتها فُرجت.