الكلية الفنية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    «التنظيم والإدارة»: تطبيق هيكل جديد بنظام الشباك الواحد أول أكتوبر    وزير قطاع الأعمال: الاستثمار في رأس المال البشري هو الركيزة الأساسية لنجاح خطط الإصلاح والتطوير    وزير الإسكان يتفقد المركز التكنولوجي بالعبور الجديدة    بابا الفاتيكان يدعو لوقف إطلاق نار في الشرق الأوسط وأوكرانيا    وزير الخارجية السوري يجري مع نظيره اليوناني مباحثات موسعة    السيسي وماكرون يؤكدان أهمية تفعيل اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا    لافروف: روسيا مستعدة لبحث النواحي السياسية للتسوية مع أوكرانيا    حماة الوطن: التعنت الإسرائيلي يعرقل جهود التهدئة والمقترح المصري القطري نافذة أمل جديدة للفلسطينيين    الإسماعيلي: نتعرض لظلم تحكيمي «صارخ».. والمسؤولين لا يشعرون بنا    استراحة السوبر السعودي - القادسية (1)-(4) أهلي جدة.. نهاية الشوط الأول    كرة نسائية – سحب قرعة الدوري.. تعرف على مباريات الجولة الأولى    صحة سوهاج تضبط أكثر من 650 كيلو حلوى مولد مغشوشة ومجهولة المصدر في المراغة وطهطا    تموين الأقصر تضبط ربع طن أجزاء دواجن وكبده بقرى مجهولة المصدر بسيارة ثلاجة    «التضامن»: التدخل السريع يتعامل مع حالات مسنين بلا مأوى في عدة محافظات    بدء إجراء عمليات جراحية بمستشفى العظام الجامعي بأسوان    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    رئيس «اقتصادية القناة»: نمتلك تجربة ملهمة تبرهن على مدى مساهمة جاهزية البنية التحتية في مناخ الاستثمار    إزالة 19 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في المنيا    الأوقاف:681 ندوة علمية للتأكيد على ضرورة صون الجوارح عما يغضب الله    «دوري مو».. محمد صلاح يدفع جماهير ليفربول لطلب عاجل بشأن البريميرليج    هبوط المؤشر الرئيسى للبورصة بنسبة 1.02% بختام تعاملات جلسة الأربعاء    بعد وفاة الطفل حمزة.. هل النودلز تؤدي إلى الوفاة؟ (خبيرة تغذية تجيب)    انتظام امتحانات الدور الثاني بالغربية الأزهرية ورئيس المنطقة يطمئن على لجان السنطة    ما حكم إخبار بما في الخاطب من عيوب؟    علي جمعة يكشف عن 3 محاور لمسؤولية الفرد الشرعية في المجتمع    انطلاق مهرجان يعقوب الشاروني لمسرح الطفل    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    "كلنا بندعيلك من قلوبنا".. ريهام عبدالحكيم توجه رسالة دعم لأنغام    بعد نجاح «قرار شخصي».. حمزة نمرة يستعد لطرح ألبوم ثاني في 2025    اليوم.. قصور الثقافة تفتتح معرض «وفاء النيل» بمركز الهناجر    تغيير اسم مطار برج العرب إلى مطار الإسكندرية الدولي    حالة الطقس في الإمارات.. تقلبات جوية وسحب ركامية وأمطار رعدية    القبض على طرفي مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالسلام    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    مقتل شاب في مشاجرة بدار السلام بسبب خلافات الجيرة    تحرك عاجل من "سلامة الغذاء" بشأن شكوى مواطن من مطعم بالبحيرة    الليلة.. إيهاب توفيق يلتقي جمهوره في حفل غنائي بمهرجان القلعة    العقارب تلدغ طفلين في أعمار حرجة بالفرافرة وسط موجة حر قاسية    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 وعدد الإجازات الرسمية المتبقية في العام    20 أغسطس 2025.. أسعار الذهب تتراجع بقيمة 20 جنيها وعيار 21 يسجل 4520 جنيها    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    الزمالك: منفحتون على التفاوض وحل أزمة أرض النادي في 6 أكتوبر    ضبط 111 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    رئيس وزراء أستراليا يرفض اتهامات نظيره الإسرائيلي بأنه ضعيف لاعترافه بالدولة الفلسطينية    الموعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والقادسية في كأس السوبر السعودي    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر عمر مرموش    الاحتلال الإسرائيلي يقتل نجم كرة السلة الفلسطينى محمد شعلان أثناء محاولته الحصول على المساعدات    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    "حياة كريمة" تقدم خدماتها الطبية المجانية ل 1200 مواطن بالمنيا    رعاية القلوب    ذات يوم 20 أغسطس 1953.. إذاعة صوت العرب تحرض المغاربة ضد نفى الاحتلال الفرنسى للسلطان محمد الخامس.. و«علال الفاسى» يبكى أثناء تسجيل كورال أطفال نشيد «يا مليك المغرب»    حبس سائق أتوبيس بتهمة تعاطي المخدرات والقيادة تحت تأثيرها بالمطرية    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 .. كليات ومعاهد دبلوم تجارة 3 سنوات وتوقعات الحد الأدنى للقبول    خلال أيام.. آخر موعد لحجز شقق الإسكان الاجتماعي الجديدة 2025 لمتوسطي الدخل «سكن لكل المصريين 7»    اصطفاف قافلة المساعدات الإنسانية ال19 تمهيدًا لدخولها قطاع غزة    وسام أبو علي يكشف رقم قميصه مع كولومبوس كرو الأمريكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا جزية فى الإسلام
نشر في الوطن يوم 02 - 11 - 2014

منذ فترة وقد آليت على نفسى ألا أخاطب أصحاب العقول «المبرمجة»، فهؤلاء نحن فى غَنَاء عنهم، ولا يعنينا أن تتحرك الأحجار التى فى رؤوسهم فتنبض بالفهم، ولكننى أخاطب الذين يفهمون، أولئك أصحاب القلوب الحية والعقول النابضة، أما أصحابنا الذين يعيدون لنا قول أصحاب القرون الأولى «وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ»، أى أن هؤلاء بحثوا عن أعمال أسلافهم فاتبعوها فكانوا من أهل السلف! فهؤلاء هم من قال عنهم الشاعر لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادى، وحين ناديت بضبط مصطلح الكفر على القرآن الكريم، هاج أصحاب العقول المتيبسة، فماذا لو كتبت عن أهل الكتاب وقول القرآن الكريم عنهم! لن ينظر أحدهم للقرآن، ولكنه سيقول لك: قال ابن فلان، وروى ابن ترتان، أما آيات القرآن فنحن نضبطها على عقول هؤلاء ولا نضبط عقول هؤلاء على القرآن!.
ولكننا الآن سنضبط الكل على القرآن، فهو الميزان، أنزله الله بلسان عربى مبين، وتأمل يا صديقى فى كلمة «لسان» ولك أن تسأل: لماذا لم يقل الله إنه أنزله بلغة عربية مبينة، لأن اللسان أصح وأفصح، أما اللغة فمن اللغو، لذلك لم ترد كلمة لغة فى القرآن أبداً، ولكنه اللسان، لذلك قال الله: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ»، وقال أيضاً: «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِى يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ» وقوله «بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ»، وهكذا فى كل آيات القرآن، ولأن جيل النهضة الحديثة فى مصر كانوا يفقهون هذا الاختلاف، لذلك عندما أنشأوا مدرسة تدرس لغات الأمم أطلقوا عليها «مدرسة الألسن»، فى حين أن الأزهر عندما أنشأ كلية لهذا الغرض أطلق عليها «اللغات والترجمة»!.
هذا القرآن الكريم يا صديقى الذى جاء بلسان عربى مبين، جعل الله له لساناً خاصاً به، له قاموسه ومفرداته، ولا يمكن أن نفهم كلماته بمجرد أن نمررها فقط على اللسان العربى، ولكننا يجب لتمام فهمها أن نمررها على باقى القاموس القرآنى، أو قل باقى اللسان القرآنى، ولكى أقرب المعنى للأذهان، أقول إننا من خلال القرآن عرفنا أن الضوء غير النور (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا) فليست كلمة النور هنا من مترادفات الضوء، ولكن الضوء هو الذى يأتى من المصدر مباشرة، أما النور فهو الذى يأتى كانعكاس من المصدر، والجسم غير الجسد، فالجسم يطلق على ما يكون فيه روح وحركة، أما الجسد فيستعمل لما ليس فيه روح أو حياة؛ وذلك استناداً لقول الله تعالى «وَإذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ»، وقوله تعالى: «وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً»، والصب غير السكب، فالصب يدل على شدة الاندفاع والقوة، لذلك يقال عن المحب الذى اندفعت مشاعره بقوة إنه صب، كقول الشاعر: الصب تفضحه عيونه، وعن الصب الذى يدل على شدة الاندفاع قول الله سبحانه وتعالى فى سورة عبس: «أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا»، ومنها قوله سبحانه وتعالى فى سورة الفجر: «فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ»، أما السكب فيدل على نزول السائل برفق وهدوء وتتابع كمثل قوله سبحانه وتعالى فى سورة الواقعة «وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَّسْكُوبٍ» ولا يقال كأساً إلا إذا كان فيها شراب وإلا فهى زجاجة ومنها قوله سبحانه وتعالى فى سورة النبأ «وكأساً دهاقاً» وقوله فى سورة الصافات «يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ»، وفى سورة الإنسان: «إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا».
هل وضحت الصورة، إذن، لا يقل لى أحد إن القرآن فيه مترادفات، فهو ليس قصيدة شعرية يعبر فيها الشاعر عن أفكاره بكلمات مختلفة تؤدى نفس المعنى، لا يعنيه أن يقول فى موقع من القصيدة كلمة كأس، أو كلمة زجاجة، أو جسم، أو جسد، أو صب أو سكب، وفقاً للبحر الذى يكتب فيه أو القافية التى يرتجيها، ولكن كل كلمة فى القرآن الكريم تؤدى دوراً محدداً دقيقاً غاية ما تكون الدقة، وهذه الكلمة نستطيع معرفة معناها من خلال لسان القرآن الكريم وقاموسه.
ولأننا قلنا فى المقال السابق إننا سنكتب اليوم عن أهل الكتاب، لذلك فإننى سأعتبر هذا المقال بداية لموضوع فى منتهى الأهمية، أعرف أن أهل «هذا ما وجدنا عليه آباءنا» سيصخبون ويجهرون بالقول عندما يقرأون عناوينه فى الفيس بوك أو فى تويتر، ولكننا سنلقيهم وراء ظهورنا، أما الموضوع فهو عن أنه «لا جزية فى الإسلام» نعم يا صديقى لا جزية فى الإسلام! وليس الذى أعنيه أن مبررات الجزية لم تعد موجودة أصلاً، ولكن الذى أعنيه هو أن الله سبحانه لم يفرض جزية من الأصل على أهل الكتاب! والحقيقة أن هذا ليس من عندى أو من عند الشيخ ابن سرحان، أو مولانا السميدع، ولكنه محض كلام الله رب العالمين! أظن السيد سلفى والشيخ إخوانى سيقولون إن من كتب هذا الكلام لم يقرأ القرآن الكريم، ولم تمر عليه الآية الكريمة من سورة التوبة «قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ» وسيصيح صائح: ها هى الآية تلزمنا بأن نقاتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، أين أنت من هذه الآية، ولك يا صديقى أن تتوقع أن يقول أحدهم ما سلف لمجرد قراءة عنوان المقال.
ولكن يا صديقى هل يصمد صياحهم أمام الحقيقة القرآنية! القرآن لمن لم يعلم تحدث عن أربعة أصناف من أتباع الأديان السماوية، هم «أهل الكتاب»، وهم عموم جمهور أتباع الأديان السماوية، وصنف قال الله عنهم: «الذين آتيناهم الكتاب»، وصنف ثالث قال الله عنهم «الذين أوتوا الكتاب»، وصنف رابع قال عنهم «الذين آتيناهم نصيباً من الكتاب»، وكل صنف من هذه الأصناف له حكمه، ونظامه، والله عندما أمر بالقتال، أمر بقتال صنف من هؤلاء الأصناف حددهم وحدد مواصفاتهم حتى لا يختلط الأمر أمام أعيننا فنساوى بين الجميع، ثم بعد أن حدد مواصفاتهم قال إن القتال سيكون لبعض وليس لكل «مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ» من الذين أوتوا الكتاب وليسوا من جموع أهل الكتاب، والقتال سيكون ضد فريق من الذين أوتوا الكتاب، وليس كل الذين أوتوا الكتاب، ولكن من هم الذين أوتوا الكتاب وفقاً للسان القرآنى، وما الفرق بينهم وبين باقى الأصناف الأخرى؟ ولماذا قام الصحابة بفتح البلاد وأخذوا الجزية من أهل الكتاب بالمخالفة للقرآن؟! قبل أن يأتى المقال المقبل أدعوكم للبحث معى فى أى قاموس قرآنى عن الآيات التى جاء فيها «أهل الكتاب» والآيات التى جاء فيها «الذين آتيناهم الكتاب»، والآيات التى جاء فيها «الذين أوتوا الكتاب» والآيات التى جاء فيها «الذين آتيناهم نصيباً من الكتاب» وابحث وتفكر معى، ففهم الإسلام ليس حكراً على أنبياء الدين الرابع، دين التراث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.