بلا جدوى، يحاول تلاميذ تلك المدرسة الواقعة على أطراف الجيزة تحاشى الرائحة الكريهة التى تملأ جو دورات المياه فى مدرستهم، يشهقون شهقة كبيرة ويكتمون أنفاسهم على أمل عدم استنشاق الروائح المنبعثة فى الداخل. تقع مدرسة خالد بن الوليد الابتدائية فى كرداسة بالجيزة، ورغم الوضع السيئ الذى تعانيه المدرسة يقول أحد العاملين بها: «دى أنضف مدرسة فى القرية». تجوّلت «الوطن» فى بعض المدارس، التى تعج دورات المياه بها بفضلات ويكسو الصدأ مواسير وأنابيب المياه التى تغذيها بالمياه، ووجّه الكثيرون من الأطفال وأولياء الأمور اللوم لإدارات المدارس ووزارة التربية والتعليم بأنها «لا تنفق كفاية على النظافة العامة فى داخل المدارس» مما يعرض أبناءهم لأمراض خطيرة. وتعانى مدارس أخرى من أشكال من الإهمال، منها مدرسة أبوبكر الصديق التى تضم عدة دورات مياه متهالكة يستخدمها الأطفال ولا تزال فى الخدمة، فضلاً عن مدرسة مجمع مدارس الحرية فى كفر طهرمس بالجيزة، والتى تضيق بها الحمامات وتفتقر إلى النظافة الأساسية. ويعلق الدكتور هانى الناظر، أستاذ الأمراض الجلدية والتناسلية رئيس المركز القومى للبحوث سابقاً، بأن وجود دورات مياه ملوثة وغير صحية فى مدارس وأبنية وزارة التربية والتعليم تتسبب فى سلسلة من الأمراض التى يمكن أن تنتقل للإنسان عن طريق استعمالها. ويعدد «الناظر» الأمراض الجلدية التى يمكن أن تصيب تلاميذ المدارس، ومنها «تينيا بين الفخذين»، وهو مرض فطرى يصيب بين الفخذين والأعضاء التناسلية ويظهر كالتهابات حمراء ويصاحبه رغبة فى «الهرش» أو الحكة ويحتاج لعلاجات موضعية ومضادات حيوية لفترات علاج طويلة، بحسب أستاذ الأمراض الجلدية. «كما أن هناك أنواعاً أخرى من الفطريات، مثل التينيا الملونة وهو مرض فطرى يصيب منطقة الذراعين والبطن والصدر والأكتاف ويترك بقعاً بنية اللون أو بيضاء اللون على الجلد ويلزمه علاجاً طويلاً» يردف الناظر، الذى يوضح أن «هناك أمراضاً بكتيرية، غير الفطرية السابقة، يمكنها أن تصيب مستخدمى دورات المياه غير الصحية ومنها ما ينتج عن نموه صديد». بالإضافة إلى احتمالات وقوع عدوى تنفسية، ويشير «الناظر» إلى الإصابة عن طريق «استخدام الحنفيات وصنابير المياه الملوثة، والتى من الممكن أن تنقل العدوى من يد طفل لآخر عن طريق الجهاز التنفسى مما يتسبب فى وقوع أمراض صدرية خطيرة». ويسعى كثير من التلاميذ فى مدرسة «خالد بن الوليد» وغيرها من المدارس التى دخلتها «الوطن» لتقليل عدد مرات دخول دورات المياه غير النظيفة لأدنى عدد ممكن على مدار العام الدراسى وبالرغم من ذلك، فإن أحمد غازى، مدير مركز حماية الناشط فى مراقبة تطوير البنية التحتية فى المدارس، يقول: «نعمل من خلال المركز فى محافظتى الدقهلية وقنا، ورصدنا مدارس بالفعل آيلة للسقوط، منها مدرسة الشهيد عبدالرازق خلاف بقنا، ومدرسة أخرى أنشئت بين الزراعات مما يجعلها منطقة مفتوحة أمام الثعابين والعقارب». يقول اللواء المتقاعد محمد فهمى، رئيس هيئة الأبنية التعليمية، إن هيئته ليست مسئولة عن دورات المياه غير النظيفة «لأن الصيانة المحدودة والنظافة العامة فى المدرسة يُخصص لها ميزانية تُصرف للمدرسة على أن يُسأل مدير المدرسة عنها حال إهماله لدورات المياه فى مدرسته». وعلق اللواء بأن «كافة المدارس الآيلة للسقوط والتابعة لهيئة الأبنية التعليمية ووزارة التربية والتعليم صدر قرار بمنع الدراسة بها، وتم تحويل تلاميذها فى فترات مسائية إلى مدارس أخرى»