استوقفنى العنوان.. احتفالات العيد تتحدى «فلول المتحرشين» مانشيت لمقال ظهر منذ بضعة أيام قليلة فى أعرق الصحف القومية..!!! بجدية وانزعاج توقفت عنده!!! ثم بدأت أقرأ محتوى المقال الذى لم أجده مقالاً أو حتى يرتقى لمستوى الخبر، بل كان تحصيل حاصل لما يحرر فى هذا الموعد من كل عام لحال الناس فى العيد.. الأمر الذى زاد من غرائبية المانشيت ومعناه حتى وإن شمل مضمون الموضوع المصاحب له على ما يفيد أو ما تم إنجازه فى قضية التحرش، وذلك من خلال سطور قليلة لم توضح فى الحقيقة خلفية التفاصيل التى ساعدت الأجهزة المعنية على إنجاح مهمة كبت وجمح رغبات المتحرشين!!! وهو ما ينتقص من المسئولية الإعلامية التى كان عليها أن توضح طبيعة هذه المجهودات التى تم حصرها فقط فى هذا الحصار الأمنى المتشدد الذى حال من رغبة التلامس واستخدام الألفاظ الجنسية البذيئة متجاهلاً لب وحل المشكلة -التقويم والتعليم والإصلاح- تجنباً لتفشى هذه الظاهرة -إن كانت بالفعل ظاهرة-والتى تؤرق المجتمع والدولة مع كل تجمع احتفالى أو عام!!! أما ما ورد فى المانشيت من معنى فهو فى نظرى سقطة صحفية، فاستخدام مصطلح «فلول المتحرشين» جاء مستفزاً فى غير موقعه يذكرنا بعناوين الصحافة الصفراء التى تهدف لجذب وشد انتباه القارئ دون احترام عقليته، وذلك من خلال التمويه بالمعنى والإسقاط المتعمد البعيد عن الجوهر الحقيقى للموضوع!! وهذا ما حاول كاتب العنوان إبرازه!! فما المقصود بمعنى فلول المتحرشين؟؟.. من هم؟؟.. هل المقصود أنهم أفراد ينتمون إلى العهد السابق؟؟.. بمعنى أوضح: هل هم من أخلفهم النظام القديم؟؟.. هل المقصود أنهم من بقاياه..؟؟ ولهذا أراد المحرر الصحفى أن يربط بينهم وبين معنى كلمة «فلول» وهو المعنى -غير الدقيق- الذى استخدم لكل من كان له علاقة أو مشجعاً للنظام السابق، ليلصق كل من هو فاسد.. ضائع.. حقير.. بهذا النظام؟؟ وبالتالى فإن ما تقوم به هذه الأجهزة هو نوع من التطهير لهذه البقايا؟؟!! ترى هل تحرى المحرر الدقة للتأكد من أن هؤلاء المتحرشين بالفعل هم البقايا الناتجة عن العقود السابقة.. حتى يربطهم بهذا المعنى؟؟ هل أظهرت البحوث الاجتماعية والسيكولوجية نتائج تؤكد ذلك.. أو تؤكد أن مصر بالفعل تعانى مرض التحرش؟؟ لقد تعجبت وأنا أقرأ هذا العنوان الذى يعنينى مغزاه لكن يعنينى أيضاً دقة معناه والذى أصبح مشابهاً لكثير من العناوين والموضوعات الصحفية غير المفهومة والتى يفتقر الكثير منها إلى الدقة والمصداقية والموضوعية وتمر مرور الكرام دون حساب أو حتى عتاب!! لذا.. وأنا كاتبة صحفية أنتمى إلى هذه المهنة قررت أن أتوقف.. أعترض.. وأفصح عما أصاب مستوى الأداء الصحفى والإعلامى من تدهور مهنى واحترافى سبب فى فقد ثقة القارئ والمشاهد على حد سواء. إن انهيار الثقافة الأخلاقية ومفاهيمها الرصينة المستمدة من تراثنا الدينى وتاريخنا الحضارى لم تمس فقط «فلول المتحرشين» كما أطلق عليهم، وإنما مستنا كلنا، وتحديداً نحن أصحاب الفكر والقلم والكلمة..!!! أشعر بالأسى لما أصبحت أقرأه وأشاهده وأنقل صوتى ليس دفاعاً عن فلول أو نظام أو ما شابه ذلك -كما يمكن أن يصوره أصحاب العقول المحدودة- ولكن احتراماً لمهنتى التى أقدسها، واحتراماً لزملاء كثيرين يؤمنون مثلى بهذا الفكر وهذه الرؤية!!! أنقل صوتى لأن واجبى يحتم علىَّ نقل الصورة الحقيقية لواقع أصبح متردياً وسخيفاً.. يشعر وينبض بعلته جموع كبيرة من الشعب صاحب الحق.. نعم صاحب الحق فى أن يستند إلى معلومات وحقائق منزهة عن أى غرض أو دافع.. معلومات تم جمعها ونابعة عن جهد وبحث وواجب دقيق يغلفه الضمير الإنسانى قبل كل شىء أو مقام. رسالة قصيرة قد تفتح نيراناً صديقة وغير صديقة على شخصى ولكن هذا هو صوتى الذى ينتظر سماع صوتكم وينتظره معى الملايين من أصحاب هذا الحق.