عقلى خاوٍ. أعانى وأنا أمسك بالكمبيوتر لكتابة هذه السطور. الانتظام فى الكتابة ليس أمراً سهلاً. سيقولون لك إنك داخل المعترك ولن تعدم موضوعاً شائقاً وقوياً ولافتاً للانتباه لتكتب عنه. تلك هى حالة الاحتراف. لكنى ما زلت أتعامل مع المهنة بانطباعات الهواية، رغم أننى احترفتها لسبع وعشرين سنة. قلبت كثيراً فى الفيس بوك، لأرى ما يشغل الناس. قد يلهمنى أحدهم أو يغيظنى آخر، فتتدفق الدماء حارة فى العروق فيفتح الله علىّ. لكنى عاجز. الحديث فى مجمله يدور عن الرئيس ورحلته الأخيرة إلى الأممالمتحدة وأمور أخرى، منها رحيل فنانينا خالد صالح ويوسف عيد وحمزة الشيمى بعد رحيل سعيد صالح رحمهم الله كما أمتعونا. أخيراً فتح الله علىّ. إنها قيمة العمل والضمير من منطلق رحلة الرئيس. أولاً: قل إن الرحلة كانت إلى الأممالمتحدة، ولا تقل إلى أمريكا. الهدف هنا هو المنظمة الدولية. لو كان الاجتماع فى جنيف بسويسرا، المقر الآخر للأمم المتحدة لذهب الرجل إلى هناك. إذن لم يكن قاصداً أمريكا، بل هى قصدته. الأمريكان أرادوا إظهار وجه جديد لرجل مصر القوية. لا شك أن عالمنا هذا الذى لا يعرف سوى لغة القوة قد فهم الرئيس القوى الواثق فهماً صحيحاً. رجل ما التوت ذراعه ولم يخر ساجداً طالباً للاعتراف الأمريكى. أدامه الله هكذا. لكن أهم ما كان فى الرحلة وما عرفناه عن الرجل أنه يعمل يومياً ما لا يقل عن ست عشرة ساعة دون كلل. كل الملفات فى رأسه ويريد من ينفذ كل الخطط الطموحة فى مسارات متوازية. سرعته تفوق سرعة من يعملون حوله، ولا أقول معه. العمل هنا مفهومه مشوه عند الغالبية إلا من رحم ربى. أخيراً لدينا رئيس يعمل ويعرف معنى العمل وقيمته. لكن أحداً لا يساعده ويبدو الأمر أن الرجل انفرد بالعمل وحده. للأسف يبحث الناس كيف يريحون أنفسهم ويتنصلون من الانتهاء مما هم مكلفون به. فهذا يقول لك على قد فلوسهم بينما من يتقاضى الكثير من المال لا يخلص النية فى العمل ولا يؤدى على ما يرام، منشغلاً بالأمور الخاصة. وهذا يرمى المسئولية على الآخر وذاك ألف ما يفعل فصار عنده روتيناً فضاع وضيع من يثقون به. الخواء العقلى الذى بدأت منه الكتابة ينقشع الآن، فأزمة العمل السليم وراءها أسباب كثيرة، منها قلة الضمير والنفاق. الضمير يتجلى فى أداء العمل على أكمل وجه. إن لم تكن قادراً، فأفسح المجال لغيرك عله يقدر. وهناك من ينافق، فلا يعمل ويعتقد أنه إذا جلس طوال الوقت فى حضرة رئيسه سيكون «كله تمام». هناك من يلعب أدواراً ليست مطلوبة منه. وهناك من يرى فى أمور جسام واضحة وضوح الشمس أموراً ثانوية مخطئاً التقدير غير عابئ إن كان الثمن مستقبلاً باهظاً. لا عصمة لأحد إلا بالعمل. لن نرتقى بالنفاق ولن تصبح مصر فى مكانتها التى نرجوها جميعاً إلا بالكثير من العمل والقليل جداً من النفاق. بالكثير من التفانى وروح الجماعة بلا خلافات. دائماً أُتهم بالمثالية. لكنى رادار مبكر. إن شئت فاعمل، وإلا فلا تلومن إلا نفسك.