عندما سقط فى العملية الإرهابية الخسيسة أمام مبنى وزارة الخارجية، دارت حوله دوائر واسعة من الجدل وسؤال كبير: هل كان استشهاد المقدم محمد محمود أبوسريع عملية اغتيال نفذها الإخوان انتقاماً من الرجل لدوره «شديد الأهمية» - كما سيتضح لاحقاً - فى كشف تفاصيل عملية الهروب الكبير لقيادات الجماعة من سجن وادى النطرون خلال ثورة 25 يناير، أم أن استشهاده فى العملية الإرهابية كان محض «صدفة»؟. «الوطن» تقطع - بهذا الانفراد - الشك باليقين فى تلك القضية المثيرة للجدل، وتكشف الحقائق الكاملة: المقدم الشهيد قدم «أهم خيط» لأخطر قضية هروب شهدتها السجون المصرية، فالضابط الذى كان نوبتجياً بالسجن يوم الاقتحام الكبير من جانب جماعات الإخوان المسلحة استطاع أن يصور - بالموبايل الخاص به - نحو 125 صورة لآثار الدمار الهائل بالسجن، وقدم تلك الصور إلى المستشار «الشجاع» خالد محجوب رئيس محاكمة وادى النطرون أثناء شهادته فى القضية. مصادر رفيعة المستوى قالت ل«الوطن» إن الصور التى ننفرد بنشرها والتى قدمها الضابط الشهيد للمحكمة كانت بمثابة «العمود الفقرى» فى قضية الهروب من سجن وادى النطرون التى يحاكم فيها الدكتور محمد مرسى، الرئيس الأسبق، و131 من قيادات الإخوان وأعضاء من حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبنانى. وأوضحت المصادر أن المقدم الشهيد لم يكن رئيساً لمباحث السجن الذى كان مودعاً به «مرسى» وقيادات الإخوان، وإنما كان رئيساً لمباحث سجن آخر (ليمان رقم 430)، غير أنه التقط صوراً لآثار الاقتحام وما سبقها وقدم هذه الصور للمحكمة. كما تنشر «الوطن» أيضاً معلومات تتعلق بالقضية من واقع أوراقها التى حملت رقم 338 لسنة 2013 جنح مستأنف الإسماعيلية والمقيدة برقم 6302 لسنة 2012 جنح ثالث الإسماعيلية. وجاء ضمن هذه المعلومات أنه بعد التحقيق فى تعرض منطقة سجون وادى النطرون لهجوم مسلح فى مقدمتها ليمانات 430 و440 وسجن الملحق بعد الساعة الحادية عشرة والنصف مساء يوم 29 يناير 2011 وتم اقتحام السجن فى تمام الساعة الواحدة والنصف صباحاً يوم 30 يناير بمعرفة قوة مسلحة مستقلة سيارات مسلحة وعليها رشاشات جرينوف، وأن سجن 2 صحراوى تمت مهاجمته واقتحامه الساعة الرابعة والنصف صباحاً فى اليوم نفسه حتى الساعة السادسة صباحاً، مما أسفر عن إتلاف وتدمير أغلب مرافق السجون وسرقة تجهيزاتها المختلفة بالإضافة لهروب جميع السجناء بسجون المنطقة، وكذلك حرق وإتلاف جميع الملفات الخاصة بالمسجونين وجميع الأجهزة والمعدات الخاصة بتلك السجون. وتقول الأوراق إنه نتج عن الاقتحام هروب جميع المسجونين، ووفاة عدد 13 نزيلاً بليمان 430 الصحراوى، ووفاة نزيل واحد بسجن 2 صحراوى، كما بلغ إجمالى المسجونين الذين تم هروبهم خلال تلك الأحداث من مختلف سجون القطاع عدد (23710) مسجونين، كما بلغ إجمالى من تم ضبطهم أو قاموا بتسليم أنفسهم من هؤلاء المسجونين حتى تاريخ 12/4/2013 عدد (20828) مسجوناً، وأصبح المتبقى من الهاربين حتى يوم 12/4/2013 عدد (2882) مسجوناً منهم 34 من قيادات التنظيم الإخوانى من بينهم الرئيس الأسبق محمد مرسى والمعتقلون الهاربون من تنظيمات الجهاد والجماعات التكفيرية والقاعدة والسلفية. وقال مصدر قضائى ل«الوطن» إن المستشار خالد محجوب سلم أوراق القضية برمتها إلى النائب العام بعد عزل الرئيس محمد مرسى وسقوط جماعة الإخوان خوفاً من قيامهم ب«فرم» أوراق القضية، وسلم «محجوب» مستندات تتضمن صور اقتحام سجن وادى النطرون مع أوراق القضية التى تبلغ 4000 ورقة و14 «سى دى» إلى النائب العام الجديد - وقتها - هشام بركات، الذى قرر إحالة الأوراق إلى النائب العام المساعد المستشار عادل السعيد ليحيلها بدوره إلى نيابة أمن الدولة العليا برئاسة المستشار تامر الفرجانى لاستكمال التحقيقات ومباشرة الاتهامات التى قد تصل عقوبة التخابر واستقدام عناصر أجنبية تهدد سلامة أراضى الوطن والهروب من السجون ما بين مؤبد مشدد إلى إعدام. وقدم اللواء محمد ناجى، مساعد وزير الداخلية لمصلحة السجون، للمحكمة تقريراً يفيد قيام مجموعات كبيرة ترتدى زى الأعراب مساء يوم الجمعة 28 يناير 2011 بالهجوم المسلح على بعض السجون والليمانات وإطلاق نيران كثيفة من أسلحتها الآلية مختلفة الأنواع والعيارات تجاه قوات التأمين وتحطيم الأبواب وأجزاء من الأسوار بالاستعانة بمعدات ثقيلة (لوادر)، الأمر الذى تسبب فى هروب جميع سجنائها والاستيلاء على العديد من الأسلحة النارية التى كانت موجودة بكتائب التأمين وإتلاف وتدمير أغلب مرافقها وسرقة تجهيزاتها المختلفة والصيدليات وسيارات الشرطة. وأفادت أوراق القضية بأن المقدم أحمد عبدالفتاح الوكيل، رئيس مباحث سجن 2 صحراوى الكيلو 97، شهد بأن السجن تعرض للاقتحام من مجموعات خارجية مدربة تدريباً عالياً مستخدمين لوادر، فضلاً عن قيام السجناء من الداخل بأعمال شغب وقاموا بتهريب قيادات الإخوان المسلمين والجهاديين والجنائيين باستخدامهم عربات ربع نقل محملة بأسلحة جرينوف وكانوا يرتدون ملابس السيدات المنتقبات باللون الأسود وملثمين، وقاموا بتكسير أبواب العنابر والشراعات، وأن من بين الهاربين الدكتور عصام العريان ومجموعة ال 33 معتقلاً من جماعة الإخوان المسلمين. وقال إن تنظيم الإخوان يملك عناصر مدربة على الاقتحام، إلى جانب لوادر، وقيامهم بوضع مخطط لاستدراج القوات الشرطية لاستنفاد الذخيرة ومن ثم تمكنوا من دخول العنابر وتهريب إخوانهم ومعهم باقى المعتقلين السياسيين والمساجين الجنائيين حتى يوهموا الجميع بأن الشرطة المصرية هى التى قامت بفتح السجون لنشر الفوضى.