بداية، فليأذن لى وليسمح لى الصديق العزيز محمود الكردوسى أن أستعير فى عنوان هذا المقال «لامؤاخذته».. وحديثنا، وكما يبدو من العنوان، عن مستشفيات و«لامؤاخذة» الحكومة وحديثنا موجه للسيد وزير «ولامؤاخذة» الصحة وقيادات وزارته. لن نتحدث عن الطفلة التى رفضت مستشفيات الحكومة علاج قدمها المتقرحة بسبب عدم امتلاكها لبطاقة تأمين صحى، حتى أصبحت الفتاة مهددة ببتر قدمها التى استفحل بها الداء لرفض المستشفيات الحكومية علاجها!.. وكذلك لن نتحدث عن ذلك المواطن المغيب عقلياً، والذى لا يحمل إثبات هوية عندما رفضت مستشفيات الحكومة علاجه.. بل قامت سيارة الإسعاف التابعة لأحد المستشفيات الحكومية بعاصمة أحد الأقاليم بنقله من المستشفى وإلقائه فى مقلب زبالة خلف سور المستشفى، وذلك لأن المستشفى وإدارته الحكيمة الناصحة رفضوا دخوله المستشفى وتلقيه العلاج، لأن بسلامته غير محدد الهوية، ولابد من إثبات هويته فى سجلات المستشفى حتى ولو كان فى ذلك بتر قدميه وهلاكه..! وكذلك لن نتحدث عن سيارة الإسعاف التى رفضت نقل متسول دهسته سيارة فى طريق المنصورية، لأن رائحته كريهة..! كذلك لن نتحدث عن قذارة المستشفيات الحكومية والجامعية. ولن نتحدث أيضاً عن فقرها المادى «لدرجة أن أهل المريض يضطرون لشراء العلاج من الخارج بما فيها السرنجات لعدم توفرها فى تلك المستشفيات»..!! وكذلك لن نتحدث عن المعاملة اللاآدمية التى يتعامل بها الأطباء والممرضون والإداريون مع من تضطرهم ظروفهم المادية التعسة للجوء لتلك المقابر «أقصد المستشفيات».. فقط سأحكى حكاية صديقى محمود، الذى داهمته آلام فى صدره، وتم تشخيص حالته بأنه يحتاج وفوراً لعملية تركيب دعامات فى ثلاثة شرايين بالقلب.. ولأنه لم يكن ميسور الحال، فقد لجأ للتأمين الصحى بما أنه موظف حكومى، وللنقابة بما أنه نقابى.. وبالفعل تكفل التأمين الصحى والنقابة بعلاجه وتكاليف إجراء العملية بأحد المستشفيات الجامعية.. وهناك وبعد أن تم تخدير الصديق محمود وإدخاله غرفة العمليات لعمل القسطرة وتركيب الدعامات اكتشف الناصح المدير الإدارى بالمستشفى عدم وضوح ختم النسر على خطاب هيئة التأمين الصحى، فهرول إلى الأطباء داخل غرفة العمليات، ليتوقفوا عن تكملة إجراء العملية حتى يسدد شقيق محمود التكاليف كاملة.. ولأن شقيقه لم يكن يملك تلك التكاليف، اكتفى الأطباء بعمل قسطرة استكشافية لحين إعادة ختم خطاب التأمين الصحى بصورة واضحة! وتسبب هذا فى انهيار عصبى للصديق محمود أدى إلى دخوله فى غيبوبة استمرت عدة أيام قضاها فى العناية المركزة، حتى قام شقيقه بإعادة ختم خطاب التأمين الصحى بوضوح.. وتم إدخال الصديق محمود مرة أخرى غرفة العمليات لتركيب الدعامات.. وغادر المستشفى، وقد انخفض وزنه من 92 كيلو إلى 56 كيلو.. وظل حاله فى تدهور حتى اكتشف الأطباء بعد إجراء التحليلات أنه أصيب بعدوى فيروس C بالمستشفى أثناء إجرائه عملية الدعامات «لتلوث أجهزة القسطرة» مما أدى لإصابته بالصفراء.. بل ورفض جسمه للدعامات لسوء خامتها!!.. وباع الصديق محمود معظم ما يملك وهو يتلقى العلاج «علاج شرايين القلب وعلاج فيروس C وعلاج الصفرا» حتى تدهورت حالته ودخل فى غيبوبة كبدية مات على أثرها.. نعم.. مات الصديق محمود ليس بمرض شرايين القلب بل بمرض فيروس C وارتفاع الصفرا.. نعم قتله ذلك المستشفى الجامعى بإهمال أطبائه وقذارة جنباته.. مات والسبب انتقال فيروس C له أثناء عملية القسطرة.. وعندما تحدثت مع أحد الأطباء الأصدقاء حول مأساة الصديق المرحوم محمود أكد لى وهو يقسم أن أكثر إصابات فيروس C وفيروسات الكبد تأتى من العدوى التى تنتقل داخل جنبات المستشفيات الحكومية والجامعية.. خاصة داخل غرف العمليات بها..!! وللسيد وزير و«لامؤاخذة» الصحة.. بالله عليك هل تستحق راتبك ومخصصاتك، بينما المستشفيات الحكومية بهذه القذارة والسوء.. ونفس الكلام للسيد وزير التعليم العالى بالنسبة للمستشفيات الجامعية.. وفقط حسبنا الله ونعم الوكيل. والله سبحانه وتعالى من وراء القصد..