فى كل مرة تشتعل أزمة انطفاء الكهرباء تخرج علينا الحكومة باعتذار. ومع كل شهيد جديد يسقط فوق تراب سيناء تخرج علينا بتصريحات تؤكد أن «الإرهاب» يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأن منابعه تجف، وكوادره تحتضر. لا الاعتذار أصلح الكهرباء وأعادها إلى الانتظام فى ضخ الخدمة على مدار عدة أيام متتابعة، ويبدو أن هذا الأمر أصبح حلماً بعيد المنال! ولا التصريحات التى تتحدث عن لفظ الأنفاس واحتضار الإرهاب أغنت عن سقوط المزيد من دماء «المجندين» فى أرض سيناء! فى كل الأحوال يكتفى وزراء حكومة «محلب» بالتصريحات الإعلامية والمؤتمرات الصحفية، يقدمون فيها البيانات والمقاطع والأفلام وخلافه، ويبادر الإعلام والإعلاميون الذين اعتادوا الرقص والتطبيل إلى تبليع الناس المآسى التى أصبحت تلف مواضع عدة من حياتهم. أكرر أننى أعلم أن التركة ثقيلة و«الجتة» المصرية عليلة، ونحن لا نريد أكثر من المصارحة التى تستوعب دقة الظرف الذى تعيشه البلاد، وحجم الإرهاق الذى يشعر به المواطن، نريد من الوزير المسئول أن يخرج علينا ليتحدث بحقائق، وليس بتصريحات لمجرد الاستهلاك المحلى، فيتصل بهذا الإعلامى أو ذاك ليدفع بها فى الوسيلة التى يعمل بها، ويكون من المفيد أن يكون الخبر مشفوعاً بصورة المسئول، أو لقطة من جمال نظرته، أو رشاقة خطوته، أو عذوبة حنجرته! هل تذكر الأخبار التى تداولتها وسائل الإعلام على ألسنة مسئولين تتحدث عن شحنات الوقود التى أبحرت فى الطريق إلى مصر، مرة من المملكة العربية السعودية، ومرة من الكويت، ومرة من الإمارات؟ هل تأتى هذه الشحنات ثم توجه إلى مجهودات حكومية أخرى غير الكهرباء، أم أن «فأر السبتية» يقوم بابتلاعها عشان ينور فى حياتنا أكتر وأكتر؟! ولمن لا يعرف موضوع «فأر السبتية» أقول إن فكرته ولدت منذ عدة عقود على لسان مسئولين مشابهين لوزراء حكومة المهندس «محلب». وهو فأر اعتاد على دخول محطات الكهرباء واللعب فيها حتى ينتهى الأمر بصعقه وقطع النور. دعك من أخبار «الفأر»، وقل لى: هل تذكر تصريحات المهندس «إبراهيم محلب» رئيس الوزراء حول مشكلة الكهرباء التى ستحل خلال أربعين يوماً؟ ومر أربعون وخمسون وستون وسبعون يوماً دون حل. مرة أخرى بشرنا بالانتهاء من أزمة انقطاع الكهرباء مطلع الخريف فى شهر سبتمبر الحالى الذى يلفظ أيامه العشرة الأخيرة، ورغم ذلك ما زلنا نعيش أسرى الظلام! أما التصريحات التى سبق وتحدثت عن قرب التخلص من «كابوس» الإرهاب، فحدث ولا حرج، وكلها تجمع على أن الأمن «مسيطر»، وأن الانتهاء من هذا الملف بات قريباً، ومع ذلك نفاجأ ما بين يوم وآخر باعتداء غاشم على مجندينا الغلابة، وسقوط شهداء وجرحى من بينهم، ومع ذلك لا تتوقف الحناجر عن الكلام الفخيم الذى يحدث رنيناً فى الأذن دون أن يكون له صدى فى الواقع. أحياناً ما أشعر أن بعض المسئولين من مواليد برج «الإعلام»، أو أن نجمهم راكب على نجم الاستوديوهات أو ورق الصحف. ولعمرى فإن «التمثيل» الإعلامى أحياناً ما يتفوق على «الواقع»!