أمانة الشؤون القانونية المركزية ب"مستقبل وطن" تبحث مع أمنائها بالمحافظات الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    ننشر التشكيل الجدبد لرؤساء الغرف الفرعية للشركات السياحية    جلسة مباحثات بين وزير البترول ورئيس "إنرجين" لبحث تعزيز التعاون في مجالات الغاز    دون إصابات.. الهلال الأحمر يتدخل فورا لإغاثة أسرة تضررت من حريق بالعريش    ترامب وستارمر: غزة تواجه "كارثة إنسانية" والوضع أصبح "مروعًا"    عبد الحميد معالى: "لم أتردد فى قبول عرض الزمالك"    تشييع جثمان الشهيد عبد الرحمن فرغلي ضحية حادث مدير أمن الوادي الجديد    محافظ القاهرة يكرم 30 طالبا وطالبة من أوائل الثانوية العامة والمكفوفين والدبلومات الفنية    "كلنا جنبك وبنحبك".. نجوم الفن يواصلون دعمهم ل وفاء عامر    وزير الثقافة يفتتح معرض الإسكندرية للكتاب    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    طريقة عمل التورتة بمكونات بسيطة في البيت    «الأعلى للإعلام» يُلزم 3 مواقع بسداد غرامات مالية بسبب مخالفة «الضوابط والمعايير والأكواد»    موسكو تبدأ رحلات مباشرة إلى كوريا الشمالية وسط تراجع الخيارات أمام السياح الروس    اندلاع حريق فى أحد المطاعم بمنطقة المنتزه شرق الإسكندرية    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    كمال حسنين: كلمة الرئيس السيسى كانت "كشف حقائق" ومصر أكبر داعم لفلسطين    عمار محمد يتوج بذهبية الكونغ فو فى دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    ضعف المياه بشرق وغرب بسوهاج غدا لأعمال الاحلال والتجديد بالمحطة السطحية    تجديد حبس متهم بقتل سيدة وسرقة 5700 جنيه من منزلها بالشرقية بسبب "المراهنات"    الغرف التجارية: تطوير قطاع العزل والنسيج خطوة نحو استعادة مكانة مصر الرائدة    التحقيق في وفاة فتاة خلال عملية جراحية داخل مستشفى خاص    فريق جراحة الأورام بالسنبلاوين ينجح فى استئصال كيس ضخم من حوض مريضة    تفاصيل حسابات التوفير من بنك القاهرة.. مزايا تأمينية وعوائد مجزية بالجنيه والدولار    لمواجهة الكثافة الطلابية.. فصل تعليمي مبتكر لرياض الأطفال بالمنوفية (صور)    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    الفنان محمد رياض يودع السودانيين فى محطة مصر قبل عودتهم للسودان    البربون ب320 جنيهًا والقاروص ب450.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية اليوم في مطروح    غرفتا الملابس الجاهزة والصناعات النسيجية تستقبلان وفدا صينيا لبحث فرص الاستثمار في مصر    وزير الصحة: مصر الأولى عالميا في الحصول على التصنيف الذهبي بالقضاء على فيروس سي    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    إجلاء أكثر من 3500 شخص مع اقتراب حرائق الغابات من رابع أكبر مدن تركيا    الإسكان تُعلن تفاصيل مشروعات محافظة بورسعيد    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    «الصحة» تحذر من الإجهاد الحراري وضربات الشمس وتوجه نصائح وقائية    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    وكيل الأمم المتحدة: الأزمة الإنسانية في غزة مدمرة    وزراء خارجية الآسيان يدعون تايلاند وكمبوديا لوقف إطلاق النار فورا    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    هل ستفشل صفقة بيع كوكا لاعب الأهلي لنادي قاسم باشا التركي بسبب 400 ألف دولار ؟ اعرف التفاصيل    المجلس الوزاري الأمني للحكومة الألمانية ينعقد اليوم لبحث التطورات المتعلقة بإسرائيل    كل عبوة مساعدات مجهزة لتلبية احتياجات الأسرة في غزة لمدة 10 أيام    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    منطقة الإسماعيلية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الثانوية    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    الكرتي يترك معسكر بيراميدز ويعود للمغرب    ثروت سويلم: ضوابط صارمة لتجنب الهتافات المسيئة أو كسر الكراسي في الإستادات (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاشت السينما.. ماتت السياسة
8 أفلام تناولت ثورة يناير فى أحداثها
نشر في الوطن يوم 17 - 09 - 2014

لسنوات طويلة ظلت العلاقة بين السينما والسياسة تسير فى أكثر من اتجاه، وتتفاوت مستوياتها، ما بين المعارضة الحادة فى أفلام مثل «الإرهاب والكباب» و«طيور الظلام» وحتى «هى فوضى»، أو الدعاية السياسية فى أفلام مثل «جواز بقرار جمهورى»، و«طباخ الرئيس»، وغيرهما، أو متحدثة بلسان حال الجماهير العريضة ترصد معاناتهم وهو المستوى الأكثر شيوعاً، لتظهر السياسة كخيط محورى فى إطار فكرة اجتماعية كما حدث فى أفلام «أهل القمة»، و«الغول»، و«سواق الأوتوبيس»، و«حين ميسرة»، و«صرخة نملة»، وغيرها. مؤخراً وبعد قيام ثورتى يناير ويونيو باتت هناك متغيرات كثيرة على الساحة السياسية تفرض بالضرورة متغيرات مشابهة فى الواقع الثقافى، وبالتالى فى السينما باعتبارها إحدى أبرز أدوات تشكيل الوعى وأكثرها تأثيراً، هذه المتغيرات أثارت داخل الوسط السينمائى العديد من المخاوف الناتجة عن تكهنات باحتمال اختفاء دور السينما فى الساحة السياسية باعتبارها أداة للتوعية والمعارضة والتحريض، ودلّل البعض على ذلك بوجود العديد من المشاريع السينمائية فى مرحلة التنفيذ أو الإعداد، وأغلبها خالٍ تقريباً من السياسة. فى هذا التحقيق نحاول رصد مواضيع الأفلام المقبلة، والحديث مع صناع السينما حول رؤيتهم لمستقبل العلاقة بين السينما والسياسة فى الأيام المقبلة.
نظرة سريعة على الأفلام التى تم إنتاجها خلال الشهور الماضية، أو حتى تلك التى لا تزال فى مرحلة الإنتاج، تكشف بشكل كبير عن غياب السياسة عن هذه الأفلام، إلا فى حالات نادرة، حيث من المقرر أن تستقبل دور العرض فى الفترة المقبلة ما يزيد على 30 فيلماً تم الانتهاء من تصوير بعضها، فى حين لا يزال البعض الآخر قيد التنفيذ أو يبحث عن جهة إنتاجية. وتعطى بعض هذه الأفلام أملاً فى مواسم سينمائية مميزة، بسبب حملها لتوقيع بعض كبار السينمائيين فى مجالى التأليف والإخراج، أو حتى أسماء نجوم كبار.
أول تلك الأفلام التى تدور أحداثها فى إطار سياسى «قط وفار»، تأليف وحيد حامد وإخراج تامر محسن، وبطولة محمود حميدة وسوسن بدر وسوزان نجم الدين ومحمد فراج، وتدور أحداثه فى إطار سياسى كامل، حيث يتناول دور الأحزاب فى الواقع المصرى، ويتناول ما يحدث من الأحزاب فى البرلمان من خلال شخصيات سياسية واقعية معروفة، حيث تدور الأحداث فى منطقة الحطابة، ليكشف من خلال هذه المنطقة الشعبية كيف تحاول الأحزاب السيطرة على مثل هذه المنطقة، وما يمكن أن يفعله عضو مجلس الشعب فيها.
ويتناول فيلم «القط» قضية أطفال الشوارع والتجارة بهم بجانب طرح قضية سرقة الأعضاء البشرية، وهو بطولة عمرو واكد وفاروق الفيشاوى وصلاح الحنفى وسارة شاهين وعمرو فاروق وسلمى ياقوت، وإخراج إبراهيم البطوط، فى ثانى تعاون له مع عمرو واكد بعد فيلم «الشتا اللى فات»، الذى تناول أحداث ثورة يناير. ويقدم داود عبدالسيد تجربته السينمائية الجديدة «قدرات غير عادية» بطولة خالد أبوالنجا ونجلاء بدر ومحمود الجندى وعباس أبوالحسن وحسن كامى وأحمد كمال وأكرم الشرقاوى، وتدور أحداثه داخل «بنسيون»، ويتعرض للعلاقات بين الشخصيات داخل البنسيون، وخلفية كل شخصية من النزلاء، وهم طبيب وأستاذ موسيقى ورجل دولة وشيخ، وصاحبة البنسيون هى المرأة الوحيدة وتجمعها علاقة عاطفية بالطبيب. ويقدم المخرج أحمد عبدالله تجربته الرابعة فى السينما من خلال فيلم «ديكور» بطولة خالد أبوالنجا وماجد الكدوانى وحورية فرغلى، وتدور أحداثه فى إطار اجتماعى حول «مها»، وهى سيدة حالمة رومانسية تمتلك «جاليرى» تعمل به فى الديكورات والتحف، ولكن حياتها لا تخلو من المشاكل مع زوجها، ما جعل كلاً منهما يقرر التخلى عن الآخر والانفصال، وهنا تقرر المهندسة «مها» أن تنتقل لتبدأ حياة جديدة فى مدينة جديدة ومهنة جديدة.
ويستمر فيلم «الجزيرة 2» فى التعرض لعالم الاتجار بالمخدرات وكواليسه فى الصعيد، تأليف محمد دياب وشيرين دياب وإخراج شريف عرفة، وبطولة أحمد السقا. فى حين يقدم عمرو سعد فيلم «حديد»، تأليف مصطفى سالم وإخراج أحمد البدرى. و«عمر وسلوى» تأليف مصطفى السبكى وإخراج تامر بسيونى. كما يواصل المخرج هانى خليفة تصوير فيلمه «سكر مر» مع هيثم أحمد زكى وأحمد الفيشاوى ومحمد فراج، الذى تدور أحداثه فى إطار اجتماعى حول مجموعة من الشباب يواجهون مشاكل عاطفية تغير مجرى حياتهم. وفيلم «حماتى بتحبنى» يدور فى إطار رومانسى كوميدى حول شاب يقع فى غرام فتاة ويتزوجها ويتعرض للعديد من المواقف الكوميدية مع والدتها، الفيلم بطولة حمادة هلال وكل من ميرفت أمين وإيمان العاصى وسمير غانم، تأليف نادر صلاح الدين وإخراج أكرم فريد. وتدور أحداث فيلم «بتوقيت القاهرة» فى قالب اجتماعى أيضاً، وهو يمثل عودة نور الشريف للسينما بعد غياب ست سنوات، وهو تأليف وإخراج أمير رمسيس، بجانب فيلم «يوم للستات» الذى أوشكت المخرجة كاملة أبوذكرى على الانتهاء من تصويره، بطولة إلهام شاهين ونيللى كريم وأحمد الفيشاوى، ويدور حول مجموعة من السيدات يقررن اختيار يوم للتحرر من قيود المجتمع. وهناك فيلم مؤجل لم ينته تصويره بعد وهو «الراهب» بطولة هانى سلامة، تأليف مدحت العدل وإخراج هالة خليل.
ومن السيناريوهات التى تم الانتهاء منها وتنتظر الدخول لحيز التنفيذ تبرز أفلام مثل «أوضتين وصالة»، المأخوذ عن قصة بنفس الاسم للأديب إبراهيم أصلان وسيناريو محمد صلاح العزب وإخراج شريف البندارى، بطولة محمود عبدالعزيز. وسيناريو فيلم «شرف» للمخرج سمير نصر، والمأخوذ عن رواية بنفس الاسم للأديب صنع الله إبراهيم، وتنتمى رواية «شرف» إلى أدب السجون، وتحكى قصة «شرف» الذى يدخل السجن بعد قتله سائحاً أجنبياً حاول انتهاك عرضه، وداخل السجن يتعرف على عالم جديد وقوانين جديدة. وهناك سيناريو فيلم «أسود وردى» للمخرج إبراهيم البطوط، والمأخوذ عن رواية بنفس الاسم للأديب والسيناريست مصطفى ذكرى، بطولة عمرو واكد وجميل راتب. وسيناريو فيلم «من ضهر راجل» للمخرج كريم السبكى والسيناريست محمد أمين راضى، وبطولة آسر ياسين وياسمين رئيس. وسيناريو فيلم «حب رومانسى بنفسجى» للمخرج يسرى نصر الله، تأليف عمر شامة. فى حين تتعرض المخرجة هالة خليل فى سيناريو فيلمها الجديد «نوارة» إلى أحداث الثورة، ولكن الفيلم لم يتم إجازته من الرقابة بعد.
اتفق عدد من السينمائيين والنقاد على أن الفترة المقبلة ستشهد غياباً للسياسة عن شاشة السينما، وأرجع البعض السبب إما لحدوث حالة من التشبع لدى الجمهور من السياسة، ورأى البعض الآخر أن هناك بوادر للتضييق على حرية الإبداع لن تسمح للسينما بممارسة دورها المعارض، كما كان يحدث فى فترات سابقة، واتفق الجميع تقريباً على أنه سيمر بعض الوقت حتى تتمكن السينما من رصد الواقع السياسى الجارى وتداعياته، من خلال رؤية متكاملة لن تتاح فى الوقت الحالى.
المخرج داود عبدالسيد قال: «لا أعتقد أن السياسة ستختفى من السينما، ولكنى أرى أن المعارضة السياسية فى السينما ستتأثر خلال المرحلة المقبلة، ولا أتصور إمكانية تقديم فيلم مثل «هى فوضى»، وهذا له علاقة بالاتجاه الواضح لعمل قيود على حرية الرأى والنقد، ولدى النظام دائماً سلاحه الخاص به وهو الرقابة، ولا علاقة للجمهور بهذا، فالجمهور سيتابع أى نوعية من الأفلام الجيدة والمقنعة الجذابة، أياً كان موضوعها الذى تناقشه سواء فى السياسة أو الرومانسية أو غيرهما».
أما المخرج محمد ياسين فقال: «لا ينبغى أن يتم النظر للفترة المقبلة دون أن نتعرض لعلاقة الدولة بالسينما فى السنوات الماضية، حيث ظلت لسنوات طويلة ممتدة لأكثر من ثلاثين عاماً لديها موقف غريب تجاه ما تقدمه السينما، هى تقف مع الإعلام وليس الثقافة، بسبب امتلاكها السيطرة عليه، فالمرحلة المقبلة ستتوقف بنسبة كبيرة على موقف الدولة من الثقافة، وتحديداً من السينما باعتبارها من أهم روافدها، ومن أقوى أدوات تشكيل الوعى من ناحية التأثير، وبالتالى سيبنى صناع السينما وجهة نظرهم ومواقفهم تجاه ما ينبغى أن يقدموه فى الفترة المقبلة، وأرفض ما يتردد بضرورة ابتعاد صناع السينما عن السياسة بسبب حالة الملل التى أصابت الجمهور من الجرعة المكثفة التى تظهر فى الإعلام، فتناول السينما للسياسة لن يتم بنفس طريقة برامج «التوك شو»، السينما ستلخص وجهة نظر أعمق وأقوى كثيراً مما يقدمه «التوك شو»، ولكن الأمر الأكيد هو أنه طالما هناك صناعة للسينما، ترصد وتقدم حال الناس فى الحياة فهذا فى صلب السياسة، وهو أخطر من أن تقدم فيلماً يناقش ويحلل فترة سياسية بعينها».
وأكد المخرج أحمد عبدالله أننا «لا نملك حتى الآن تصوراً كاملاً يرجّح ما يمكن أن يحدث فى الفترة المقبلة، حتى وإن كان هناك بالفعل الكثير من صناع السينما يفضلون إيثار السلامة، والابتعاد عن السياسة بسبب افتراض وجود بعض القيود، ولكنى أظن أن بعض صناع الفيلم المحترمين الذين يحترمون عملهم وما يقدمونه لن يتغيروا نتيجة للظروف الراهنة، ففى فترة حكم مبارك كنا نقدم ما نريده، وفقاً لما تسمح به الرقابة، وكذلك كان الأمر فى فترتى المجلس العسكرى وحكم مرسى، وفى النظام الحالى لا أظن أن الوضع سيتغير عما سبق، وأنا فى الأساس أرى أن تناول السياسة فى الأعمال السينمائية يندرج تحت بند تشكيل الوعى، وبالتالى أرى أن من إيجابيات ما حدث فى الأعوام السابقة أن الجمهور باتت لديه حالة من الوعى المضاعف بالشأن السياسى، وتزايدت لديه الرغبة فى المعرفة، وبالتالى لا أظن أن السينما تستطيع الابتعاد عن ذلك».
وفى المقابل أبدت المخرجة هالة خليل تخوفها من مستقبل العلاقة بين السينما والسياسة قائلة: «المؤشرات الحالية كلها تعطى انطباعاً بأن النظام «عينه على الفن» وأنه يرغب فى استخدامه لتنفيذ توجهات معينة أكثر من رغبته فى إطلاق حريته، وهذا للأسف لم يقتصر على المؤسسات والجهات المختلفة فى الدولة فقط، وإنما تم الدفع بالشارع المصرى نفسه فى اتجاه عدم قبول الرأى الآخر، فأصبح الوضع هو إما أن تقدم ما يتوافق مع النغمة السائدة، أو يتم اتهامك بالخيانة والعمالة أو اللاوطنية على أفضل حال، وأتصور أن الفترة المقبلة ينبغى أن تكون خصبة بالنسبة للإبداع السياسى فى السينما، ولكنى فى نفس الوقت أمتلك مخاوف لأن يتم الدفع بصناع السينما إلى مجاراة النغمة السائدة أو الابتعاد عن السياسة، والمحك فى رأيى هو إقدام المبدعين على تقديم أعمال تحمل رؤاهم وتصوراتهم للواقع السياسى، ويتم تقديمها للرقابة وانتظار رد فعلها، وعليه سيتم تحديد موقفنا من ذلك».
أما السيناريست طارق عبدالجليل فيرى أن الفترة المقبلة قد تشهد بالفعل إحجاماً عن انتقاد النظام الحالى، ولكنه يرى أن السياسة فى السينما ستسير فى اتجاه آخر، فيقول: «أعتقد أن بعض السينمائيين سيلجأون لتقديم أفلام سياسية تتعرض لفترتى حكم «الإخوان» أو مبارك، دون التعرض للفترة الحالية من خلال رصد أى سلبيات قد تكون موجودة، بدليل أن الرئيس عاتب الإعلام على تعرضه بالانتقاد لانقطاع الكهرباء، فما بالنا بالتعرض للنظام فى السينما، أذكر أننى تعرضت لعدم دستورية «الخصخصة» فى فيلم «عايز حقى» عام 2001، فهل يمكن أن يعرض اليوم فيلم يتعرض بالنقد لقانون التظاهر وأنه غير دستورى فى الفترة الحالية؟ لا أعتقد ذلك، هل سنتمكن من الحديث عن الفساد الذى لا يزال كما هو ولا شعور لدى المواطن بالتغيير الذى كان يأمله، لا أعتقد، هل سنعود لعصر الرمزية فى السينما؟ ربما، غالبية المؤشرات الحالية تتجه نحو تحجيم الإبداع، وتقليم أظافره.
أما المخرج مجدى أحمد على فقال: «بكل تأكيد هناك حالة تشبُّع من السياسة لدى الجمهور، نتيجة متابعتهم المكثفة للإعلام خلال السنوات الماضية كلها، وأعتقد أن ذلك الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى يعود الناس للحديث فى السياسة مرة أخرى، خاصة أنه من الضرورى الحديث عن ثورتى يناير ويونيو، بعد مرور وقت كافٍ من قيامهما، حتى يتمكن صناع السينما من قراءة الواقع السياسى بشكل أفضل وتكوين رؤية متكاملة وغير منقوصة عن الثورة وأحداثها، خاصة أن الواقع السياسى فى الفترة السابقة والحالية يفرز أحداثاً يومية متغيرة بشكل متسارع، قد لا يسمح بتكوين رؤية كاملة وواضحة عن الأحداث، وبالتالى سيتم الانتظار لبعض الوقت، ولا أعتقد أن السينما ستختفى من السياسة على الإطلاق».
ويرى الناقد على أبوشادى أن الفترة الحالية تندرج تحت بند «الترقب»، وبالتالى لا يمكن أن يتم تقديم عمل معارض، يقول: «الناس حالياً لديها نوع من الأمل فى حياة أفضل، ومن المتعارف عليه أن الفترات التى تشهد حالة ترقب لا تفرز فناً جيداً، حيث يكون الموقف العام به الكثير من الغموض، والسينما الرافضة والمعارضة قبل ثورة يناير كانت تتوافق بشكل كبير مع رغبة شعبية تنفس عنها، وهو ما لم يتحقق فى الفترة الحالية، والمسألة مرتبكة والملامح غير واضحة بشكل كامل، وهذه الفترة من أكثر الفترات خطورة على الفن، وتفرز أعمالاً هزيلة».
ويتفق معه الناقد طارق الشناوى قائلاً: «مع الأسف هناك حالة من التضييق على الحريات بشكل عام، وبالتأكيد فالحديث فى السياسة بشكل يحمل انتقاداً للنظام سيكون غير مرحب به، خاصة أن المثقفين لا يلعبون دوراً فى مقاومة هذه الحالة من التضييق، والأمر الأهم من وجهة نظرى هو عدم وجود حقيقة واضحة وملموسة يمكن أن تبنى عليها الأحداث، فقد اعتقدنا جميعاً أن 25 يناير هى نقطة الذروة»، واكتشفنا أن ما كنا نعتقد أنه حقيقة بات فيه شك، وبالتالى اختفت مشاريع كثيرة كانت بصدد التنفيذ بسبب تجاوز الواقع للحظات التى تم رصدها.
وأخيراً يتحدث د. عبد الستار فتحى، المشرف على جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، مؤكداً أنه لا صحة لما يتردد عن وجود قيود، ويقول: «الرقابة تتحرر كل يوم، وسقف الانتقاد السياسى مفتوح إلى ما لا نهاية، وأعتقد أن المنتجين هم من يتحكمون فى المناخ العام للسينما، ويحددون ما ينبغى تقديمه، والمشكلة ليست فى المؤلفين، وإنما فى التوافق مع المنتج فى تقديم أفلام تحمل رؤية سياسية ومدى اقتناع المنتجين بهذا حالياً، أما الرقابة فهى كما أردد دائماً تهدف للإجازة وليس للمنع».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.