«قررت جامعة الأزهر التحقيق معك بسبب سفرك إلى إيران، وعقد عدة لقاءات مع مراجع شيعية، وزيارة الحسينيات والمزارات التابعة للشيعة، وتقديم نفسك على أنك مسئول أزهرى، واستغلال اسم الجامعة».. قرأها الشيخ السبعينى مندهشاً، لم يتوقع الدكتور أحمد كريمة أن مخالفته لقرار جامعة الأزهر بعدم سفر أى من أساتذتها إلى «عاصمة الشيعة»، سيضعه فى دائرة الاتهامات، ويجلب عليه أمواجاً عاتية لا تتوقف من الهجوم والانتقادات. عرف الناس «كريمة» بآرائه المساندة للشيعة والتقرب منهم، ورغم أن زيارته الأخيرة لإيران لم تكن الأولى من نوعها، حيث سبقتها عدة زيارات، فإن إدارة جامعة الأزهر قررت استدعاءه لتبلغه بإحالته للتحقيق، ربما جاء الاستدعاء هذه المرة بسبب ما قام به «كريمة» هناك، إذ دعا الشيخ للتقارب بين الشيعة والسنة، ورفض الهجوم عليهم، وطالب بترجمة الكتب الشيعية، وخاصة كتب المرجع الشيعى «المرعشى» إلى لغات أخرى، للاستفادة منها بدعوى أن بها معجزات ستهدى الناس، وجاء رد الجامعة على لسان الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، الذى قال إن زيارة «كريمة» خاصة، وليست رسمية، بالإضافة إلى أن «كريمة» غير مخول بالحديث باسم الأزهر. ولد الدكتور «كريمة» فى محافظة الجيزة عام 1951، وعمل أستاذاً للشريعة الإسلامية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بجامعة الأزهر بالقاهرة، وشارك فى التدريس بجامعات العديد من الدول العربية والإسلامية، غير أن شهرته جاءت فى الأساس من خلال تصدره للقضايا العامة، التى تلقى اهتماماً من الرأى العام، حيث سبق له أن تدخل لصالح الفنانة إلهام شاهين حين سبها أحد مشايخ السلفيين، فدافع عنها «كريمة»، ووصفها بأنها «شريفة وعفيفة»، وهاجم الشيخ السلفى مستعيناً بالآية القرآنية «وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ»، كما هاجم «كريمة» التعليم فى مصر، واتهمه بنشر التطرف، وقال من داخل مجمع كنائس مصر، إن نظام التعليم المصرى يساعد على التطرف، لما يتضمنه من مناهج تغييب عقلية، وذكر أن أكثر من 60% من طلاب المعاهد الأزهرية منقسمون بين فكر الإخوان والسلفية. وفى الوقت نفسه، اهتم «كريمة» بمعالجة التطرف المنسوب إلى الدين بمؤلفات منشورة، أهمها: «قضية التكفير فى الفقه الإسلامى»، و«اعتزل تلك الفرق»، و«إسلام بلا فرق»، و«قضية الحكم بغير ما أنزل الله»، و«فتنة التكفير»، وحرص على حضور العديد من الملتقيات الثقافية والدينية، سواء فى المساجد أو مراكز الشباب، وقصور الثقافة، كما شارك فى قوافل دعوية لجهاز الشباب والرياضة فى أنحاء مصر. خلال فترة حكم الإخوان، اشتهر «كريمة» بهجومه الشديد على الرئيس المعزول وجماعته، فضلاً عن الانتقادات الشديدة التى وجهها للتيار السلفى، مؤكداً أنهم يشوهون الدين، لكن أحداً لم يتوقع أن يأتى اليوم الذى يقف فيه «كريمة» على الجهة الأخرى من المؤسسة الدينية الرسمية للدولة، ويتصادم مع الأزهر، جامعاً وجامعة.