البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    بتواجد منتخب مصر| النتيجة الكاملة لقرعة كأس العالم تحت 20 سنة    مصرع تلميذ صعقاً بالكهرباء أثناء تشغيله التليفزيون بمنزله في سوهاج    فلسطين.. 6 شهداء جراء قصف طائرات إسرائيلية لمنزل في جباليا شمالي قطاع غزة    ترامب: يجب تمكين الرئيس من حماية الاقتصاد الأمريكي    مفاجأة، ريا أبي راشد تعلن خوض تجربة التمثيل لأول مرة (فيديو)    3 تحفظات لحماس على مقترح ويتكوف، ما هي؟    «بنتلي» تشوق لنسخة جديدة من بنتايجا عالية الأداء مع وضع الانجراف    طاهر أبوزيد ينتقد الخطيب.. ويوجه له رسائل خاصة بسبب بيراميدز    بعد إمام عاشور.. (3) لاعبين ينتظرون عفو حسام حسن    عيار 21 يسجل رقمًا جديدًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة بعد الانخفاض    مصرع شاب صدمته سيارة والده عن طريق الخطأ في العاشر من رمضان    سعر السمك اليوم والجمبري بالأسواق الجمعة 30 مايو 2025    أسامة كمال: 600 يوم من الإجرام الإسرائيلي وغزة لا تزال تتنفس وتكتب التاريخ بالدم    روسيا تتهم حليفتها صربيا بالخيانة لتوريدها الأسلحة إلى أوكرانيا    في 13 نقطة مفصلة، النص الكامل لمقترح ويتكوف بشأن وقف حرب غزة    رئيس "حماية المستهلك": 550 موظفا بالجهاز لخدمة 110 ملايين مواطن    بالأسماء، وزير البترول يصدر حركة تكليفات وتنقلات لبعض رؤساء شركات القطاع    موعد أذان الفجر اليوم الجمعة ثالث أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    إمام عاشور: زيزو هنأني بعد الفوز بالدوري.. وهذه رسالتي لميسي قبل كأس العالم للأندية    "بسبب بن رمضان وتريزيجيه".. إمام عاشور يكشف حقيقة طلبه تعديل تعاقده مع الأهلي    عضو مجلس الأهلي يتحدث عن.. إيرادات النادي.. أسعار تذاكر مونديال الأندية.. وحقيقة مفاوضات رونالدو    الأهلي يوضح حقيقة خلاف حسام غالي مع الإدارة    حزب "الجبهة الوطنية" يطلق مؤتمرًا موسعًا لريادة الأعمال في بورسعيد    ديوان عام محافظة الجيزة يعلن توفر عدد من الوظائف    موعد نتائج سنوات النقل للمرحلة الثانوية في البحيرة برقم الجلوس (روابط)    مصرع شاب في انقلاب سيارة على طريق أسيوط – الوادي الجديد    بالأسماء، إصابة 23 شخصا في انقلاب أتوبيس عمال وردية بمدينة السادات    «الأرصاد» تكشف عن طقس اليوم الجمعة.. والعظمى في القاهرة 32    ترامب: يسعدني ترشيح بول إنجراسيا لرئاسة مكتب المستشار الخاص في الولايات المتحدة    20 صورة ومعلومة عن الفنانة هايدي رفعت بعد خطوبتها    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    ضبط 3431 أسطوانة غاز و1000 لتر سولار قبل بيعها في السوق السوداء بالبحيرة    مصرع شخص وإصابة آخرين فى حادث تصادم بالحوامدية    "مصر الخير" تطلق جائزة ريادة العطاء 2025 لمحور المياه النظيفة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 30 مايو 2025    4 أبراج «بيحبوا السيطرة».. قياديون يتمتعون بالكاريزما لكن ثقتهم الزائدة قد تتحول لغرور    ليلى علوي تحتفل بنجاح نجلها خالد في مشروع التخرج.. ماذا قالت؟    بعد إزالة الوشم.. أحمد سعد يصلي في غار حراء والمسجد النبوي (صور)    والدة إبراهيم شيكا: "عايزة كل قرش في ورث ابني ومراته بصمته في المستشفى"    زلزال بقوة 4.4 ريختر يضرب باكستان    ننشر استعدادات محافظ الإسماعيلية لاستقبال عيد الأضحى    الإمساك.. الأسباب الشائعة وطرق العلاج بوصفات طبيعية    تجاهل تنظيف منطقة في الأذن قد يعرض حياتك للخطر.. تحذير خاص لأصحاب «النظّارات»    وزير الأشغال العامة الفلسطينى: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية    وكيل أوقاف الفيوم يشهد فعاليات كتاب مسجد على مفتاح.. صور    متحدث الأوقاف: صكوك الأضاحى بدأ فى 2015 ووصلنا إلى 10 ملايين أسرة    أحمد رضا: هدفي أمام بيراميدز كان حاسمًا.. وهذا طموحي في المونديال    «الإسعاف»| 123 سنة إنقاذ.. 3200 سيارة حديثة و186 مقعدا لاستقبال البلاغات يوميًا    المنوفية تُطلق جيلًا رقميًا جديدًا في وحدات الرعاية.. وتُنهي 96 دورة تدريبية    مطار سفنكس يستعد لاستقبال الوفود الرسمية المشاركة في افتتاح المتحف المصري الكبير    "مستقبل وطن" يستقبل وفدًا من السفارة الأمريكية بالقاهرة لتبادل الرؤى حول العلاقات الثنائية والقضايا الدولية    خالد الجندي: لا يصح انتهاء الحياة الزوجية بالفضائح والانهيار    رئيس جامعة بنها يتفقد الامتحانات بكلية الهندسة بشبرا    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعرف على إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجيوسياسية.. «ترويكا الشام»
نشر في الوطن يوم 27 - 06 - 2021

شهدت العاصمة العراقية بغداد القمة الثلاثية الرابعة بين قادة مصر والعراق والأردن ضمن آلية التعاون الثلاثي التي انطلقت بالقاهرة في مارس 2019، وشهدت اجتماعين تالين في القاهرة والبحر الميت بالأردن، ضمن مساعيهم لتوحيد الجهود المشتركة في العديد من المجالات خاصة في الشأنين الاقتصادي والسياسي، والبناء على ما تحقق خلال القمم السابقة، وتقييم التطور في مختلف مجالات التعاون، ومتابعة المشروعات الجاري تنفيذها، وتعزيز التشاور السياسي بينهم بشأن سبل التصدي للتحديات التي تواجه الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط.
أبعاد محور «مصر –الأردن –العراق»
وحول أبعاد محور «مصر –الأردن –العراق»، تقول الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، ماري ماهر: «تشكَّلت بنية النظام العربي على مدار سنوات من محورين أساسيين؛ محور الاعتدال ويضم مصر والسعودية والإمارات والكويت والبحرين والأردن وبعض الأطراف اللبنانية وأحيانا المغرب وتونس، ومحور الممانعة ويضم إيران وسوريا وحزب الله اللبناني وحركتي حماس والجهاد الإسلامي وأحيانا السودان والجزائر. وباندلاع ما سُمي بثورات الربيع العربي خلال العقد الماضي وتصاعد حركات الإسلام السياسي تشكَّل محور جديد ضم تركيا وقطر والإخوان المسلمين. وفي الوقت نفسه ضعف التنسيق بين دول محور الاعتدال بشأن سبل تسوية الصراعات القائمة في سوريا واليمن وليبيا والعراق ربما لاختلاف الأولويات ودرجة التهديد، بينما أظهروا ترابطًا قويًا بشأن احتواء التهديدين القطري والإيراني وتأمين مصادر الطاقة، وهو ما أظهره الاصطفاف في منظمتي غاز شرق المتوسط ودول البحر الأحمر وخليج عدن والتحالف العربي».
وتضيف ماري ماهر: «كما نشب صراع سياسي وعسكري بين المحاور الثلاثة على أراضي دول سقطت في حلقة مفرغة من الفوضى السياسية والأمنية؛ تجسد بين محوري الاعتدال والممانعة في اليمن، وبين محوري الاعتدال والإخوان في ليبيا، وبين ثلاثتهم في سوريا والعراق، ما أدى لتعدد وتعارض المشاريع السياسية المطروحة للحل وتفاقم الأوضاع العسكرية على الأرض. وعليه، أوجد هذا المشهد المفكك والمتشابك حالة من الفراغ على الساحة العربية أسرعت القوة الإقليمية الثلاث؛ إيران وتركيا وإسرائيل، لملئها، حيث أوجد تفكك الدولة الوطنية والسيولة الأمنية بيئة خصبة لإحياء المشروعات الإقليمية التقليدية، فعملت إيران على ترسيخ وجودها بسوريا ولبنان والعراق ومدته لليمن، بينما تطلعت تركيا لبسط نفوذها على ليبيا وشرق المتوسط والأجزاء الشمالية من سوريا والعراق، فيما انخرطت إسرائيل في علاقات أوسع مع العرب لتشكيل جبهة موحدة بمواجهة المشروعين الإيراني والتركي لتميل بشكل أكبر نحو محور الاعتدال».
وتتابع الباحثة بالمركز المصري: «كان لذلك أن خرجت الحسابات والمصالح العربية من خطط التسوية المطروحة للأزمات الإقليمية وباتت تخد فقط أجندات مقدميها، ما أوجد ضرورة لإعادة الاصطفاف الإقليمي وتشكيل جبهة عربية موحدة تكون قادرة على خلق توازن موضوعي في مواجهة التحديات الناجمة عن التحولات الإقليمية والدولية وطرح رؤية عربية لتصفية الصراعات المشتعلة بالمنطقة، وبالتالي يأتي محور (مصر-الأردن-العراق) كأحد تلك المحاولات».
وأردفت ماري ماهر: «ويتزامن بلورة محور (مصر-الأردن-العراق) مع تحولات دينامية يشهدها المسرحين الإقليمي والعالمي ومؤشرات لتغيرات هيكلية في بنية النظام الإقليمي العربي، بعد وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن للبيت الأبيض والعودة إلى السياسة التقليدية تجاه المنطقة وبالأخص ما يتصل بالرغبة في العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني وما يرتبط بذلك من تسويات محتملة لبعض الملفات الإقليمية التي تتداخل فيها طهران بشكل مباشر أو عبر الوكلاء، واختفاء الحديث عن صفقة القرن بشأن القضية الفلسطينية. فضلًا عن ميل إسرائيل بشكل أكبر إلى محور الاعتدال بعد التوقيع على اتفاقيات إبراهام مع الإمارات والبحرين، ومساعي تركيا لتحسين العلاقات مع مصر والسعودية والإمارات. علاوة على إنهاء الأزمة بين الرباعي العربي وقطر كأحد أهم مخرجات قمة العُلا (5 يناير الماضي) للالتفات إلى تنامي التهديد الإيراني بالتزامن مع تغير الإدارة الأمريكية».
وتابعت الباحثة بالمركز المصري: «ومن هنا ظهرت الحاجة إلى بناء أُطر تعاونية جديدة تستند إلى مساحة من التوافق والتضامن ووحدة المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية، فكان التفكير في تشكيل تحالف القاهرة-عمَّان-بغداد الذي سيمتد وسط العالم العربي بعكس إيران وتركيا اللتين تقعان على هامشه جغرافيًا، باعتباره محاولة لاستعادة الالتحام بين مصر ومنطقة الهلال الخصيب التي تضم العراق والأردن وسوريا ولبنان وفلسطين، وهو ما يكسبه أهمية جيوستراتيجية».
أبعاد المحور الناشئ
واستعرضت الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، ماري ماهر أبعاد المحور الناشئ، كالتالي:
• بعد جيوسياسي: في خضم التحولات المشار لها آنفًا تسعى البلدان الثلاثة إلى أخذ زمام المبادرة لقيادة العمل العربي المشترك، وسد الفراغ الناجم عن تصدع النظام العربي، وإحياء الدبلوماسية العربية البينية، وموازنة الخلل الحادث في ميزان القوى بالمنطقة لصالح المشروعين الإيراني والتركي، وإيجاد استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب جوهرها تبادل المعلومات الاستخباراتية بشأن تحركات العناصر الإرهابية ومخططاتها، وهو ما سيخدم مساعي القاهرة لملاحقة المصريين المنضمين لداعش والحصول على معلومات عمن يجري التحقيق معهم. وبلورة رؤية موحدة لخفض عمليات التصعيد وتصفية بؤر التوتر عبر طرح مبادرات حل على طاولة أي مفاوضات مقبلة بما يحقق الأمن القومي العربي ويضمن الحفاظ على كيان الدولة الوطنية العربية ووحدتها واستقلالها وسيادتها ويقطع الطريق أمام فرض مشاريع تسوية خارجية لا تراعي سوى مصالح مقدميها.
وإلى جانب المصالح المشتركة تنطلق كل دولة من حسابات فردية؛ إذ يأتي انضمام مصر للتحالف امتدادًا لنمط جديد في التفاعلات الخارجية قوامه تأسيس شراكات وتحالفات استراتيجية عربية وإقليمية، انطلاقًا من موقعها الجيوستراتيجي وثقلها الإقليمي ودورها على المستوى الدولي ودبلوماسيتها النشطة، بغية تعزيز التنسيق إزاء قضايا معينة وتحجيم أدوار القوى الإقليمية بما يحقق السلام والاستقرار في المنطقة. ومن هنا، يأتي تحالف «مصر-الأردن-العراق» سادسًا بعد آلية التعاون الثلاثي مع قبرص واليونان، وتحالف الرباعي العربي مع السعودية والبحرين والإمارات، ومنظمة غاز شرق المتوسط، ومنظمة الدول المطلة على البحر الأحمر، ومنتدى الصداقة «فيليا»، بما يعكس تنوع المصالح وتقاطعها بين الدول المشكلة لكل منهم.
وقد دأبت مصر على زيادة نشاطها في الشرق الأوسط خاصة في القضايا ذات التأثير المباشر على أمنها القومي كشرق المتوسط وليبيا ونجحت في تحجيم الدور التركي المتزايد بالملفين وفرض رؤيتها لتسوية الأزمة الليبية من خلال الحل السياسي، بما يعزز موقعها كقائدة للعمل العربي وهو الدور الذي حاولت بعض القوى الإقليمية -ربما بمساعدة قوى دولية -انتزاعه منها في خضم حالة إعادة تشكيل الإقليم بعد الربيع العربي.
أما العراق فيسعى لتبديل نهج إدارة سياسته الخارجية من مسار الدوائر إلى الفضاءات بحيث تشكل فضاء اقتصادي مع الخليج، وإسلامي مع إيران وتركيا، وعربي مع دول المغرب العربي، وفضاء أوروبي وأمريكي وهكذا، والفكاك من ثنائية الولايات المتحدة-إيران إلى إقامة علاقات متوازية ومتوازنة تفضي إلى إضعاف قبضة إيران على السياسة العراقية ومنحه هوية ودورًا إقليميًا أوسع والتخلص من عقود الفوضى والسيولة الأمنية، خاصة مع وجود احتمالات قوية للعودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والرفع التدريجي للعقوبات التي فرضتها إدارة ترامب وما يعنيه ذلك من تدفق الأموال على الميليشيات الإيرانية بالعراق وزيادة نفوذ طهران على بغداد.
وكان لارتباط الأردن التاريخي بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وعلاقاته مع فلسطيني الضفة الغربية، أن تصاعدت مخاوفه واحساسه بالعزلة خلال حقبة الدعم غير المسبوق الذي قدمه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والخطوات التي اتخذاها بعيدًا عن حل الدولتين انتهاءً بطرح صفقة القرن ومساعي تل أبيب لضم الضفة الغربية، إلى جانب تبنيه رد فعل حذر لاتفاقات «إبراهام» بين إسرائيل والإمارات والبحرين في ظل توجس من تداعياتها على القضايا الخلافية مع الجانب الإسرائيلي المتعلقة بحل القضية الفلسطينية وموقع الأردن منها، فضلًا عن علاقاته مع دول الخليج.
ومع دخول القضية الفلسطينية حقبة جديدة بمجيء إدارة بادين التي تميل لمسار حل الدولتين وانخراط عمَّان في مسار رباعي يضم مصر وألمانيا وفرنسا أيضًا، تأمل المملكة أن يُبقي المحور الناشئ القضية الفلسطينية في مكانها التقليدي في قلب السياسة العربية تجاه إسرائيل، والتشديد على حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم بين فلسطين وإسرائيل، وتأكيد الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس.
• بعد اقتصادي طاقوي: يُمثل التحالف نموذجًا للعلاقات العربية القائمة على المصالح الاقتصادية؛ إذ يقوم على أساس الاستفادة من المزايا الاستراتيجية التي توفرها كل دولة لتحقيق التكامل والتغلب على الأزمات الاقتصادية، بحيث تساهم مصر بموقعها الجغرافي على البحر المتوسط وكتلتها السكانية الضخمة وخبراتها التنموية المتراكمة على مدار السنوات الماضية في كافة المجالات، بينما يمتلك العراق الموارد النفطية التي تقدر بنحو 150 مليار برميل على الأقل، ويعمل الأردن عبر موقعة الاستراتيجي المهم كحلقة وصل إلى جانب المزايا الاقتصادية التي يملكها، ويرتكز التحالف على عناصر تكاملية هي النفط والطاقة والتجارة والنقل.
واستنادًا إلى خبرات تجارب التكامل العربي السابقة يُمثل التعاون الاقتصادي نقطة دعم وارتكاز مهمة لاستمرار التحالف بعيدًا عن أي تباين قد يطرأ في وجهات النظر السياسية. وينطلق التكامل من تدشين مشروع أنبوب نفطي يمتد بين مينائي البصرة والعقبة ومن ثم مصر لنقل نحو 2.5 مليون برميل نفط خام يوميًا يُؤمن للأردن إمدادًا ثابتًا من النفط بأسعار تفضيلية ويوفر لمصر احتياجاتها من مشتقات النفط كالبنزين والسولار والمازوت بل ويتيح إمكانيات تصديره إلى أوروبا بعد تكريره في المعامل المصرية القائمة والمستحدثة، بينما تحصل بغداد على الكهرباء والمشتقات البترولية المكررة من مصر عبر الأردن، حيث يرتبط البلدان بخط كهرباء قدرته 450 ميجاواط تأمل مصر زيادته إلى 2000 ميجاوات، بما يحقق الربط الطاقوي والكهربائي للبدان الثلاثة ويحرز تقدمًا كبيرًا في هدف القاهرة المتعلق بالتحول لمركز إقليمي لتداول الطاقة؛ إذ سيكون الثالث في محاور التبادل التي تنخرط فيها مصر بعد محور "مصر-السعودية-الإمارات-البحرين" للربط الكهربائي بالشبكة الخليجية، ومحور "مصر-قبرص-اليونان-إسرائيل" لتبادل الغاز والربط الكهربائي أيضًا.
وتمتد خطط الربط الطموحة إلى إنشاء خط بري لنقل الركاب بين الدول الثلاث يبدأ من القاهرة ويستمر إلى عمان وبغداد. ويحقق هذا المشروع –حال تنفيذه –استفادة كبيرة لمصر كونه سيمهد الطريق لعودة العمال المصريين إلى العراق كما كان الحال قبل عام 2003 عندما عمل قرابة 4 ملايين مصري في العراق، وهو ما سيمثل إضافة للدخل القومي المعتمد بشكل كبير على تحويلات المصريين بالخارج. كما أنه سيسهم في زيادة استغلال مصر لاتفاقية أغادير التي وقعتها مع الأردن والمغرب وتونس في مايو 2001، وتنص على إنشاء منطقة تجارة حرة بين الدول الأربع لتعزيز التعاون المتكامل بينهم ومن ثم التصدير إلى أوروبا.
وتتطلع بلدان التحالف لدعم التجارة البينية في ظل سوق متسع قوامه 150 مليون نسمة، وبالأخص عبر تذليل كافة المعوقات بين مينائي مصر والأردن لنقل المنتجات المصرية إلى عمَّان ومنها للعراق وسوريا والعكس. كما يتيح العراق فرصَا للشركات والعمالة المصرية للمشاركة في جهود إعادة الإعمار مدعومة بخبراتها في صناعة البناء والتشييد التي تؤكدها مشاريع البنية التحتية والإسكان العملاقة المنفذة في الداخل أو في البلدان الأفريقية والعربية. بينما يرى الأردن فرصًا في القطاعين المالي والخدمي العراقيين، لا سيما مع تراجع لبنان مؤخرًا في هذا المجال، كما يتطلع لتفعيل منطقة صناعية مشتركة على الحدود مع العراق تعمل إلى جانب دورها الاقتصادي كحائط صد أمام أي تدفقات للعناصر الإرهابية عبر الحدود.
الفرص والتحديات للتحالف الناشئ
وحول الفرص والتحديات للتحالف الناشئ، تقول ماري ماهر: «يمتلك التحالف الناشئ فرص نجاح جيدة بالنظر إلى خطوات أطرافه الجادة للانخراط في التعاون عبر إبرام اتفاقيات ثنائية وثلاثية في مجالات عدة، وعقد لقاءات دورية بين قادة دوله على كافة المستويات، فضلًا عن الدعم الأمريكي والخليجي المتوقع له كجزء من استراتيجية مشتركة لفك الارتباط العراقي الإيراني قدر الإمكان وتقليل اعتماده اقتصاديًا على طهران وبالأخص في قطاع الكهرباء، إلى جانب دوافع فردية تتعلق بالروابط الجغرافية بين العراق والأردن ودول الخليج بما يجعل تحصين أمنهما ينعكس بشكل مباشر على منظومة الأمن القومي الخليجي، ورغبة واشنطن في إخراج العراق من مخطط التمدد الصيني الروسي في المنطقة».
وتضيف الباحثة بالمركز المصري: «علاوة على تأييد الرأي العام في الدول الثلاث للمحور الجديد لعوائده الاقتصادية المتوقعة ودوره في تعزيز أوراقهم السياسية والأمنية، وهنا يُشكل الرأي العام العراقي ظهير شعبي قوي لحكومة مصطفى الكاظمي للمضي قدمًا في ترسيخ أركان التحالف في ظل تصاعد الحراك المطالب بالإصلاح وإزاحة وكلاء إيران عن دوائر الحكم».
وتابعت: «ومع ذلك، لا يزال التحالف يواجه بعض التحديات لعل أخطرها إمكانية تحريك طهران وأنقرة لأدواتهم في العراق لعرقلة المشاريع المشتركة كونها ستمثل خصما من رصيد المشاريع القائمة والمستقبلية التي تطمح لها القوتان الإقليميتان؛ إذ تخشى أنقرة من وجود بديل عربي لتصدير النفط العراقي لأوروبا الذي يُمر حاليًا عبر ميناء جيهان التركي. بينما تتحسب طهران لتداعياته على طموحها للوصول إلى البحر المتوسط عبر ربط مدينتي البصرة العراقية وشلمجة بخط سكة حديد طوله 32 كيلومترًا، كجزء من خط يربط ميناء الإمام الخميني على الخليج العربي بميناء اللاذقية السوري على البحر المتوسط، بما يؤمن طريقًا تجاريًا بعيدًا عن المضايقات الأمريكية في مياه الخليج يستخدم في نقل الأسلحة لحزب الله اللبناني وترسيخ النفوذ في العراق وسوريا بعيدًا عن أي ترتيبات داخلية مستقبلية، ويؤمن بالنهاية وصولها لمياه المتوسط الدافئة ومن ثم شمال أفريقيا وأوروبا. وعليه، لا يُستبعد أن تعرقل الفصائل العراقية الموالية لإيران في البرلمان مشروعات التعاون الثلاثية، أو أن يكون خط النفط المزمع إنشاؤه هدفًا للميليشيات والفصائل المسلحة».
وأوضحت الباحثة: «أمر آخر يرتبط بابتعاد الأردن والعراق عن بعض القضايا الإقليمية كاليمن وليبيا وشرق المتوسط -رغم رؤيتهم المشتركة تجاهها- بحكم عدم الارتباط الجغرافي أو التأثير المباشر والانشغال بقضايا أكثر إلحاحًا كالملف الإيراني ومحاصرة الجماعات الإرهابية وإعادة الإعمار بالنسبة لبغداد، والقضية الفلسطينية بالنسبة للأردن، وهو ما يجعل البعض ينظر للتحالف على أنه تكتيكي أكثر من كونه استراتيجي أو مؤسسي. فضلًا عن تعرض الدول الثلاث لصعوبات اقتصادية ضاعفتها جائحة كورونا وبالتالي لن تكون أيًا منهم قادرة على لعب دور الممول للأخرتين وهي قضية مهمة عند حساب تكاليف إنشاء البنية التحتية للمشروعات المشتركة».
تحالف (مصر-الأردن-العراق)
واختتمت ماري ماهر، حديثها بالقول: «يُعد تحالف (مصر-الأردن-العراق) محاولة جديدة للتعامل مع تحولات ميزان القوة الاستراتيجي في منطقة مازالت بدون توازن واضح للقوى، وهو خطوة مهمة على طريق تحريك العمل العربي المشترك، وإضافة لمؤسساته القائمة كونه يعمل إلى جانبها وليس بدلًا عنها. بينما تظل فرص نجاحه مرهونة بالقدرة على المناورة والتحرر من الضغوط الإقليمية والدولية، وتطوير آليات مرنة لتنسيق المواقف وتجاوز الخلافات التي قد تطرأ تجاه بعض القضايا، وتحويل الاتفاقيات المشتركة لخطط ومشاريع قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، مع الاستفادة من تجارب التكامل العربية السابقة التي لم يُكتب لها النجاح».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.