بجسد صغير ووجه لم تغادره براءة الطفولة بعد، حملته الأيادي لتضعه فوق راية سوداء مكتوب عليها "الشهادتين" باللغة العربية، وبجانبه سلاح كلاشينكوف وبضعة قنابل يدوية، لتلتقط الكاميرا صورة للرضيع مع علم "داعش". تلك الصورة تعد الأحدث بين مجموعة الصور التي نشرها أعضاء التنظيم في الآونة الأخيرة، واستخدموا خلالها أبناءهم الصغار، فألبسوهم زي القتال ومنحوهم الأسلحة، والتقطوا لهم الصور التذكارية. بمجرد ضغط زر الكاميرا، تصبح تلك الصور جزءا من ذكريات هؤلاء الصغار، سيعيدون حتما مشاهدتها بعد أن يشبوا، سيرى حينها هذا الرضيع "الكلاشينكوف" والقنابل اليدوية التي حاوطته بدلا من ألعاب الصغار، كما سيشاهد نجل مقاتل التنظيم الأسترالي، خالد شاروف، صورته وهو ابن السابعة ممسكا في قبضته برأس جندي سوري مفصولا عن جسده. الصور ليست بطلة التوثيق الوحيدة هنا، فمقاطع الفيديو أيضا توثق طفولة هؤلاء الصغار. في وقت سابق من هذا الأسبوع ظهر فيديو لطفل ملثم يطلق النار من بندقية AK47، ويصيح بشعارات إسلامية، وفيديو آخر يبدو وكأنه تم تصويره بالقرب من دمشق لطفل لا يتجاوز عمره السادسة، وهو يتلقى أمر من قبل أحد الرجال لإطلاق النار. مشاهد تتنافى مع اتفاقية حقوق الطفل التي وتراقب لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة تنفيذها، فتتضمن الاتفاقية ضرورة أن يتمتع الطفل بالحماية من جميع صور الإهمال والقسوة والاستغلال، وأنه لا يجوز استخدام الطفل قبل بلوغه سن الرشد، ويحظر في جميع الأحوال حمله على العمل أو تركه يعمل في أية مهنة أو صنعة تؤذي صحته أو تعليمه أو تعرقل نموه الجسمي أو العقلي أو الخلقي، وهنا تبرز عددا من الاسئلة حول ما يسفر عنه استغلال "داعش" لهؤلاء الأطفال في حربها مع مخالفيها. جيل كامل من الأطفال ينشأ على التطرف، مشاهد الدماء والقتل والرؤوس المفصولة تصبح جزءا من حياتهم اليومية، قلوبهم تموت وعيونهم تشتعل بالرغبة في سفك الدماء يوما بعد يوم، هؤلاء من كان ينتظرهم مستقبل مشرق لولا ولادتهم لآباء وجدوا في القتل طريقا إلى الجنة.