بيراميدز يهزم بلدية المحلة ويبتعد بصدارة الدوري    وكيل وزارة الصحة بالإسماعيلية تتفقد مستشفى حميات التل الكبير    حرائق ضخمة تتسب في إخلاء مدينة أمريكية.. كيف حدث ذلك؟    159 ألف مستفيد من مشروع «صك الأضحية» في 140 قرية بالمنيا    موقف محمد صلاح.. الكشف عن تشكيل ليفربول للموسم المقبل مع آرني سلوت    فعاليات ترفيهية ومحاكاة لمناسك الحج في مراكز شباب القليوبية احتفالا بالعيد    المتاجرون بالحجاج رقيقى الحال وبناء الوعى    ثوابت نحوية مهمة في اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    «أوس أوس»: أثق في اختيارات أحمد فهمي وأعشق العمل معه.. و«لبلبة» أصيبت بجرح في القدم بسببي أثناء تصوير «عصابة الماكس»    الاحتلال يستهدف تجمعا للمدنيين في رفح.. واستشهاد وإصابة 36 فلسطينيا    في أول مقابلة له كمدرب.. آرني سلوت: متحمس للتحدي الجديد الذي ينتظرني في ليفربول    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    موعد صرف معاشات شهر يوليو 2024 بالزيادة الأخيرة.. كيفية الاستعلام وطرق الصرف    المفوضية الأوروبية تقترح موازنة بقيمة 270 مليار يورو لعام 2025    رنا سماحة تعلق على نجاح أول ليلة عرض لمسرحية «العيال فهمت»    بعد انتهاء أعمال الحج.. علي جمعة يكشف عن آداب زيارة مقام النبي والمسجد النبوي    فيفا يخطر اتحاد الكرة المصري بإيقاف قيد مودرن فيوتشر    هل لحم الأضحية يفقد قيمته الغذائية بعد التجميد؟    إجازات شهر يوليو 2024.. تصل إلى 11 يومًا    حماس: سنعمل على تحرير كامل أرضنا وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس    غيابات جديدة فى مران منتخب فرنسا قبل قمة هولندا وظهور مبابى بدون قناع    حماس: 40 طفلًا قتلهم الجوع بغزة والمجاعة تتفاقم نتيجة حرب الإبادة الجماعية    اللحمة ب 250 جنيهًا عند الجزارة «أم سعيد»    النائب العام يلتقي نظيره الصيني على هامش زيارته للعاصمة الروسية موسكو    رؤساء لجان فى مجلس النواب ل«الشروق»: الحكومة الجديدة تواجه تحديات «جسامًا» تتطلب تغييرات جوهرية بأدائها    تفاصيل استراتيجية جديدة لقطاع الصناعية المصرية حتى عام 2027    الملحن محمد يحيى يشارك لأول مرة كموزع في أغنية تتحبي لعمرو دياب    تداول 74 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحرالأحمر    لا تفوت فرصة التقاط صورة مع كريستيانو رونالدو!    غيابات الأهلي صداع في رأس كولر أمام الزمالك    اليوم العالمي ل الأنيميا المنجلية.. 4 أعراض تكشف الإصابة بالمرض    ماتيوس: ثنائي ألمانيا يمكنه الفوز بالكرة الذهبية    طريقة عمل كفتة الحاتي، مناسبة للأصدقاء في زيارات العيد    حسن الخاتمة.. وفاة صيدلي من الشرقية أثناء أداء مناسك الحج    وزيرة الهجرة: نتابع موقف الحجاج المصريين والتنسيق مع الجهات المعنية بشأن المفقودين وعودة الجثامين    النيابة تندب لجنة من حى بولاق أبو العلا لمعاينة العقار المنهار    ما حكم ترك طواف الوداع لمن فاجأها الحيض؟.. الإفتاء توضح    عيد الأضحى 2024.. "اليخت والبانانا والبارشوت" أبرز الألعاب المائية بشواطئ مطروح    منسق قوات الطوارئ الدولية اللبناني: أمريكا زودت إسرائيل ب«إف-15»    هل ينتهي الغياب المتكرر دون إذن إلى فصل الموظف من العمل؟    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    3 أبراج فلكية تكره النوم وتفضل استغلال الوقت في أشياء أخرى.. هل أنت منهم؟    يسرا تعود للمسرح بعد غياب 22 سنة    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    تنسيق الثانوية العامة 2024.. تعرف على درجات القبول في جميع المحافظات    ذكرى ميلاد الفنان حسن حسني.. 500 عمل فني رصيد «الجوكر»    في رابع أيام عيد الأضحى.. جهود مكثفة لرفع مستوى النظافة بشوارع وميادين الشرقية    تعرف على خريطة 10 مشروعات نفذتها مصر لحماية الشواطئ من التغيرات المناخية    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    صحة الشرقية تعلن تنظيم قافلة طبية بالفرايحة غدا    "رياضة الشرقية": مليون مواطن احتفلوا بالعيد في مراكز الشباب    حماس تطالب بالتحقيق في حادثة استشهاد الطبيب إياد الرنتيسي    مصرع وإصابة 6 أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين ملاكي في أسيوط    بعثة الحج السياحي: 14300 حاج مصري يقيمون بمنطقة العزيزية    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوطن» فى عنبر «مصابى الثورة» بمستشفى قصر العينى: هنا.. «الإهمال» على نفقة الدولة
معاناة 18 مصاباً فى ال19 شهراً.. أحلام العلاج محبوسة فى «درج الرئيس»

ممرات طويلة لا نهاية لها يسودها الصمت الحذر، لا يقطعها سوى صرخات طويلة من مريض اعتصره الألم، أو ضحكات قصيرة عالية صادرة من غرفة التمريض، التى لا يغلق بابها أبداً، لتراك وأنت تحاول الدخول، فتستوقفك وتسألك عن وجهتك، فترد عليها بسؤال آخر: «هى غرف مصابى الثورة فين؟»، ترمقك بنظرات يختلط فيها العطف بالاندهاشة، لكنها تحسم أمرها سريعاً، وتنصحك بجدية لا تتوقعها، بالصعود للطابقين السابع والتاسع، حيث «مملكة المصابين»، بحسب وصف الأطباء والممرضين.
48 ساعة عاشتها «الوطن» مع أحداث ثورة غيرت مجرى التاريخ، والجغرافيا أيضاً، تروى على لسان 18 مصاباً يفترشون أسرّة بالية، تفصلهم عنها ملاءات مهترئة يكسوها اللون الأصفر، بأحد عنابر مستشفى قصر العينى الفرنساوى.
إهمال طبى وحكومى امتد لأكثر من 19 شهراً ساعد على زيادة قسوتها الوعود الزائفة بالعلاج على نفقة «الدولة» بالخارج، تمسك بتلابيب الأمل ثم تصحو فتجد نفسك فى ذات المكان الذى حلمت طوال الليل أنك غادرته، إنها اللعبة التى ابتدعها كمال الجنزورى فى مارس ثم واصلها هشام قنديل ورجاله منذ وصوله لمقعد رئاسة الحكومة.
وبين عدم اكتراث المجلس العسكرى وعدم اهتمام الرئيس محمد مرسى، تظل فكرة التخلى عن «الكرسى المتحرك» حلماً تراه ليلاً فقط، إذا ما أغمضت عينيك بفعل حقنة المسكن، فحق «العودة للحياة»، حق الماء والهواء، مازال معطلاً فى «درج الرئاسة» فى انتظار توقيع رئيس إذا ما اهتم.
بمجرد أن تطرق باب الغرفة 31 بالطابق السابع، سيستقبلك أحمد عبدالخالق أو «القائد»، كما يحب رفاقه أن ينادوه، ملامحه تحمل عدم اكتراث يحاول أن يخفيه، بعد فترة عرفنا لماذا كان القائد غير مهتم، فلم نكن أول صحيفة تجرى معهم حواراً، فسيل الصحف والقنوات التليفزيونية لم يتوقف، «بس بردو مفيش نتيجة» أو كما قال أحمد عبدالخالق، قبل أن يصطبحك فى رحلة داخل «مملكة المصابين» بأروقة الطابقين السابع والتاسع حيث يتجمع «الرفاق» فى غرفة واحدة طوال اليوم ولا ينفصلون إلا عند النوم.
يبدأ «عبدالخالق» الذى تكفلت السيدة هبة السويدى بكافة مصاريفه، فى سرد قصته، وهو يسير بين ممرات الطوابق قاطعاً الغرف والمصاعد بمقعده المتحرك، يميزه صوته المرح العالى، متحدثاً عن إصاباته العديدة، التى جاءت كلها فى أحداث «جمعة الغضب»، بسبب طلق نارى سكن فخذه أمام وزارة الداخلية، بعدها تم نقله لمستشفى الهلال، وأجريت له جراحة عاجلة لتركيب 12 مسماراً وشريحة، لكنه تعرض للتلوث الطبى، وجاء بعدها لقصر العينى فى محاولة لاستكمال العلاج، مشيراً إلى أنه تلقى 15 ألف جنيه، لا يعرف هل هى تعويض عن الإصابة بالرصاصة، أم تعويض عن التلوث الذى ضاعف الألم ومد أجل الشفاء إلى أمد غير معلوم.
التقرير الطبى للإصابة، حصلت «الوطن» على نسخة منه، يتحدث عن التهابات صديدية شديدة بالجرح، برغم محاولات تنظيفه أكثر من مرة، ويحتاج للسفر للعلاج بالخارج، ولكن «عبدالخالق» يسخر من فكرة الوعد بالسفر، بقوله: «مستشار الرئيس جالنا هنا وقال لى هتسافر وبعد يومين قفل تليفوناته، كإننا مش موجودين». (يضحك ثم يكمل) «بس لو مسافرتش رجلى هتتقطع» (تتبدل الضحكات بنظرة طويلة جداً إلى قدمه).
قبيل الوصول لغرفة «الرفاق» يخرج «عبدالخالق» من طيات ملابسه «قصاقيص» دُوّن عليها عبارة «من باع بلاده وخان وطنه، مثل الذى يسرق من بيت أبيه ليطعم اللصوص فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه»، قال عنها إنها موجهة لتجار السياسة والدين الذين يتاجرون بحياتنا.
غرفة «الرفاق» يجلس بها أحمد إبراهيم الدسوقى الشهير ب«أبوموتة» على طرف سرير فى يسار الغرفة، وعلى جانبه شهادة تقدير من مجلس الوزراء بتوقيع الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء السابق، كونه من مصابى ثورة 25 يناير، ويستطرد أحمد عبدالخالق فى حديثه وهو يضحك: «ده الوحيد اللى فينا اللى مات قبل كده»، فيبتسم أحمد إبراهيم ذو ال27 عاماً ويقول بصوت ضعيف، حيث بدأ فى الكلام حديثاً بعد شهر رمضان، بعدما منعته: «الجهاز هو اللى وقف مش قلبى»، فى إشارة إلى جهاز «البيسميكر» الذى تم تثبيته فى كتفه اليمنى فى عملية الاستكشاف التى أجراها بمعهد ناصر.
«أبوموتة» حسبما يحب أصدقاؤه أن يلقبوه، يحتفظ ب«شارة مصابى الثورة» فى معصم يده اليمنى، يحكى أن إصابته جاءت عن طريق قناص من فوق المتحف المصرى يوم «جمعة الغضب»، حيث استقرت رصاصة قرب القلب ب3 سم، إلى جانب إصابته ب«الخرطوش» فى الكتف والفم، وهو ما أفقده النطق فترة طويلة، ثم قام بعمل جراحة استكشافية لإخراج الطلق النارى وعدد من «بلى» الخرطوش، فضلاً عن تغيير صمامين بالقلب تكلف كل منهما 55 ألف جنيه، على نفقة منظمات حقوقية، كاشفاً عن احتياجه للسفر للخارج أملاً فى الحصول على جهاز «بيسيمكر» خاص لحالته، فكابوسه اليومى هو حينما ينتزع المستشفى الجهاز من صدره بحجة «أنه ليس ملكه».
تمتد يد محمد مصطفى، أصغر المصابين، إلى جهاز البيسميكر بمرح ويقول ل«أبوموتة»: «ما تجيب ألعب دور»، «مصطفى» الذى لم يتجاوز عمره 16 عاماً لا يتوقف عن الحديث فى السياسة ولكنه يتوقف أمام وعود مرسى «هو بعد ما بقى ريس بيسافر بس.. واحنا هنا بنموت»، مهدداً بأن «ثورة غضب المصابين قادمة»، موضحاً أن أغلب المصابين رفضوا التوجه للمركز الطبى العالمى خوفاً من الطرد، مثلما حدث لزملائهم من مصابى الثورة بالسويس، الذين رفض المركز علاجهم وعادوا لمنازلهم، مصطفى أُصيب بطلقتين ناريتين فى القدم اليسرى يوم «جمعة الغضب»، وينتظر إجراء عملية توصيل عصب بعد أن أجرى عملية مماثلة فى أبريل الماضى على حساب «هبة السويدى»، التى يصفها ب«الملاك».
الغرفة الملاصقة لغرفة «الرفاق» لصاحبتها «منة الله أحمد» الفتاة المصابة الأشهر داخل المستشفى، التى يزوها باستمرار «أصدقاء الميدان» بصحبة والدتها التى لا تفارقها، واصفة نفسها بأنها «تتعلق بأى حبال» من أجل إنقاذ ابنتها من الموت المحقق.
الابتسامة لا تفارق وجه «منة»، ذات ال21 عاماً الطالبة فى كلية السياحة والفنادق، حتى وهى تتحدث عن حالتها، التى ازدادت تدهوراً بعد فشل الجراحة التى أجريت لها فى مارس الماضى، والخاصة باستئصال العصب الرابع فى يدها اليسرى، حيث حدثت مضاعفات فى قدمها اليسرى وتوسع الكسر فى عمودها الفقرى.
«منة» أُصيبت فى 28 يناير بكسر فى يدها اليسرى، إلى جانب كسر فى الفقرة الصدرية الرابعة، وقطع فى الضفيرة العصبية، بسبب قوة التدافع فوقها أثناء الاشتباكات فى يوم «جمعة الغضب».
والدتها بعينين تكادان تبكيان تقول وهى تنتهى من رفع أطباق الطعام: «بنتى خرجت من الرعاية المركزة من 10 أيام بسبب المضاعفات التى جاءت لها»، مشيرة إلى أن معهم 3 تقارير من أساتذة فى جامعات عين شمس والقاهرة والأزهر توصى بسفرها إلى ألمانيا لإجراء جراحة فى الذراع، ولكن مستشار الرئيس لم يعد يرد على هاتفه بعد أن وعدهم بسفرها القريب.
تضيف «منة» أن الصندوق القومى لرعاية أسر الشهداء والمصابين لا يدفع لها سوى تكاليف الإقامة فى المستشفى، فيقطع حديثها دخول «أبوموتة»، فتقول: «بلاش أنت.. أنا بخاف منك»، فيضحك الأخير.
مصطفى عبدالدايم الشاب الذى لم يتجاوز عمره ال25 عاماً يجلس على سريره، انتظاراً للانتهاء من جلسة «العلاج الطبيعى» اليومية، فالجلسة اعتاد عليها منذ ديسمبر الماضى بعدما تلقى طلقة فى رقبته فى أحداث مجلس الوزراء تسببت فى قطع بالحبل الشوكى، وإصابته بشلل نصفى، ينتظر نزهته الأسبوعية بفارغ الصبر التى عادة ما يقضيها بشارع محمد محمود متذكراً الماضى.
مصطفى يرقد منذ مارس 2012 بقصر العينى الفرنساوى بعد رحلة «علاج كعب داير» بدءاً من قصر العينى القديم مروراً بالمركز الطبى بالعجوزة وصولاً للفرنساوى، تبددت فيها أحلام «العلاج بالخارج»، هو عائل الأسرة الوحيد، الذى لم يكل والده من تنظيم وقفات احتجاجية وصلت لحد رفعه للافتة أمام ديوان المظالم بعابدين طالب فيها إسرائيل بعلاج ابنه على نفقتها بعدما أهملته الدولة.
الدموع لا تتوقف وهو يروى ل«الوطن» رحلة إهمال استمرت 10 أشهر من أجل «الحق فى الحياة»، يقول مصطفى: «منذ ليلة الإصابة فى 18 ديسمبر 2011 وأنا احتسبت نفسى متوفى إكلينيكياً، فالكلمة الأولى من طبيب الجراحة فى مستشفى قصر العينى القديم: «الإصابة صعبة واحنا معندناش الإمكانيات»، الأمر الذى انتهى بتفاقمها لتصل إلى الفقرات «الثانية والثالثة والرابعة» بالعمود الفقرى، مما جعل حركتى مقتصرة على «كرسى متحرك»، قبل أن تطالبه إدارة قصر العينى بالمغادرة بعد أقل من 25 يوماً على الإصابة رافضة منحه التقرير الطبى بالإصابة من أجل تقديمه للمجلس القومى لأسر الشهداء والمصابين.
«عبدالدايم» الذى انتقل بعدها للمركز العسكرى لتأهيل مصابى الثورة بالعجوزة لمدة شهرين قبل أن تتفاقم إصابته بسبب عدم إجرائه أى جلسات علاج طبيعى، ليصاب بجلطة فى قدمه اليمنى أنهت حلم السير على قدميه، قبل أن ينتقل للمستشفى الخيرى بالعجوزة ليرقد به لمدة 60 يوماً، دون أى اهتمام طبى ليتوسط له بعدها «فاعلو للخير» للعلاج على نفقة السيدة الشهيرة برعايتها للمصابين «هبة السويدى» بقصر العينى الفرنساوى.
«دول همّا 15 ألف جنيه، يعملوا إيه، ده أنا محتاج 3 عمليات عشان يمكن أقدر أمشى». وأضاف عبدالدايم أن مستشار مرسى القانونى محمد فؤاد جادالله قام بزيارة للمصابين قبل أسبوعين وأبلغهم أنهم سيكملون العلاج فى الخارج على نفقة الدولة، وطالبهم بتجهيز التقارير الطبية ولكنه من وقتها «اختفى وأغلق هاتفه».
على بعد أمتار قليلة من غرفة مصطفى، فى الغرفة 45 بالطابق التاسع، يرقد المصاب الأشهر لأحداث «محمد محمود»، طالب الفرقة الرابعة بكلية الصيدلة معوض عادل معوض، الذى ذهب فى 20 نوفمبر 2011 للمساهمة فى توصيل المساعدات الطبية والاشتراك فى المستشفى الميدانى بالميدان، قبل أن يتلقى رصاصتين فى رأسه، ليدخل فى غيبوبة من وقتها متأثراً بإصابة «كسر فى عظام جمجمة الرأس».
المفارقة أن والد «معوض» هو الدكتور عادل معوض رئيس قسم الأمراض الصدرية بمستشفى الحسين الجامعى، تحدث عن أن المحاولة الأولى للعلاج فى مارس 2012 كادت تكلل بالنجاح، فعلى الرغم من الإهمال الحكومى فى العلاج فإن جهود «هبة السويدى» آلت إلى سفره للنمسا فى رحلة لم تستغرق إلا شهراً واحداً، فالعملية الجراحية أثمرت نجاحات أولية ليفيق الأخ الأكبر للأسرة ذات ال3 أبناء من غيبوبته، قبل أن يعود لانتكاسته مجدداً بسبب إصابته ب«تلوث طبى» فى موضع الإصابة من جراء إهمال الرعاية الصحية بمستشفى قصر العينى الفرنساوى.
والدة معوض التى لا تفارق غرفته، آملًة فى أى تحسنات تكون بمثابة «قُبلة الحياة» لها، ولكن الأمل الأخير لمعوض هو أن يعود مجدداً للنمسا لاستكمال علاجه، وهو الأمر الذى ينتظر «تأشيرة مرسى» على خطاب السفر، فوعود مستشاره ذهبت هباءً.
الغرفة الأخيرة فى طابق «مملكة المصابين» حسبما يلقبون أنفسهم، تقطنها «صابرين» صاحبة لقب «أول مصابة ثورة بالإسكندرية»، تلك السيدة التى حينما عرفت أن الزيارة هذه المرة من صحفيين ردت «بكفاية كلام.. اتكلمنا كتير.. ومبيحصلش حاجة»، قبل أن تروى مأساتها، الممتدة منذ «جمعة الغضب»، ف«صابرين» أصيبت برصاصة حية فى الجانب الأيمن نتج عنها شلل جزئى بالنصف السفلى لجسدها، قبل أن تقضى رحلة بين مستشفيات القاهرة والإسكندرية مصحوبة ببعض العمليات لتركيب شرائح ومسامير، لتنتقل فى يونيو الماضى لقصر العينى ولكنها تنتظر «الأمل الأخير» فى إجراء عمليتين بمستشفى «المقاولون العرب» ولكن الموافقة لم تأتِ بعد لأنها مازالت «فى درج الرئاسة»، صابرين تتحدث عن وعود «الرئيس» الزائفة بأنها تخرج فى أوقات «اللزوم» لإنقاذ مرسى من غضب «الغلابة» الذين خدعهم بوعود «القصاص».
وداخل غرفة ليست ببعيدة، يجلس حسن عويس يوسف صاحب ال60 عاماً على مقعد متحرك، حيث أُصيب بطلق نارى فى القدم اليمنى مما أدى إلى بتر فوق الركبة بقدمه، إلى جانب جرح فى القدم الأخرى تحول إلى قرحة كونه «مريض سكر».
يتحدث «عم حسن» الملقب ب«أبوالمصابين» عن حصوله على 15 ألف جنيه من صندوق مصابى الثورة على سبيل التعويض، ساخراً: «لجأت للاستدانة من أقاربى وزملائى، فالمبلغ الضئيل ضاع هباءً فى مصروفات العلاج الإدارية»، موضحاً أنه شخصياً الآن بات «على وشك الإفلاس» فبعد «البتر» لم يعد بمقدرتى الحصول على فرصة عمل، ومشكلتى الحالية عدم وجود مصدر رزق لأولادى الثلاثة.
يستدير «عم حسن» بمقعده، موجهاً ظهره لباب الغرفة ويقول منهياً حديثه: «مفيش واحد مرتاح كان هيخرج الشارع.. بس يا ريتنا ارتحنا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.