كان مايكل شوماخر مثل الصبي الذي يقفز في الهواء فرحا عندما تم الإعلان عن عودته من الاعتزال لبطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا - 1 عام 2009 . فبعد ابتعاد عن عجلة القيادة دام لثلاثة أعوام، عاد بطل العالم سبع مرات إلى الساحة من جديد. وانضم إلى فريق مرسيدس ليقود سيارته "السهم الفضي". ومع قيادة نيكو روزبرج سيارة الفريق الثانية، كانت التجربة في غاية الإثارة بالنسبة لشوماخر، فقد أصبح ببطولة فورمولا -1 فريقا ألمانيا خالصا من حيث الصانع والسائقين، وعادت ماركة شهيرة إلى الساحة لزلزلة ميزان القوة ببطولة العالم. لكن بعد 1010 أيام من المنافسة و52 محاولة يائسة للتويج بلقب سباق جائزة كبرى جديد، ظهرت الحقيقة القاسية. وانتزع من شوماخر "43 عاما" مكانه بالفريق الألماني بداية من موسم 2013 المقبل لمصلحة السائق البريطاني لويس هاميلتون "27 عاما". فماذا سيكون وضع شوماخر الآن؟ بالنسبة لسائق فرض هيمنته على عالم السباقات لسنوات طويلة، في البداية مع فريق بينيتون ثم مع فريق فيراري. وبالنسبة لسائق لم يعرف المساومات أو الحلول الوسط أبدا خلف عجلة القيادة والذي لم يقبل أبدا بالمركز الثاني ، فإن ما حدث مؤخرا قد يعني نهاية طريقه. ولم يعلق شوماخر بأي كلمة على مستقبله خلال البيان الذي نشره عن طريق مرسيدس أمس الجمعة بعدما أعلن الفريق عن توقيعه عقدا يمتد لثلاثة أعوام مع هاميلتون ، سائق فريق ماكلارين. وقالت سابينا كيم مديرة أعمال شوماخر إن إمكانية انتقال السائق المخضرم إلى فريق آخر "ليست مطروحة للنقاش حاليا". وقال شوماخر نفسه: "أمضيت ثلاثة أعوام جيدة مع الفريق ، ولكن مع الأسف لم تأت بالشكل الذي كنا نريده على المستوى الرياضي". وأضاف: "أتمنى للويس كل الخير وأتمنى للفريق أن يحقق كل النجاح الذي عملنا بجد من أجله خلال فترة بناء الفريق. أود أن أشكر الفريق على ثقته في ، وكل أفراده على التزامهم غير المشروط. والآن سأركز على السباقات المتبقية بالموسم". وطوال تاريخ سباقات فورمولا -1 لم يتمكن سائق آخر من ترك علامة كبيرة بقدر شوماخر ورغم أنه لم يعتل منصة التتويج سوى مرة واحدة فقط منذ عودته من الاعتزال ، باحتلاله المركز الثالث في سباق الجائزة الكبرى الأوروبي ببلنسية في يونيو الماضي، فإن مساهمته مع فريق مرسيدس تحظى بكل تقدير. وأشاد مدير مرسيدس روس براون ، الذي أقنع شوماخر بالعودة إلى الساحة لقيادة سيارة الفريق في عام 2010 ، بالسائق الألماني الذي حقق معه نجاحا كبيرا في العمل سويا خلال السنوات الماضية. فقد كان براون هو العقل المدبر لنجاحات شوماخر بفريقي بينيتون وفيراري. وأكد براون أن السائق الألماني المخضرم قدم "مساهمة بالغة الأهمية" في تطوير فريق مرسيدس خلال المواسم الثلاثة الماضية. كما شهدت رياضة سباقات السيارات شخصا جديدا بعد عودة شوماخر، فهو لم يعد ذلك السائق المهووس بنفسه والمتحفظ الذي كان إعجاب الناس به يفوق حبهم له بكثير، ولكنه عاد سائقا يبدو أكثر تصالحا مع نفسه ومع السائقين اليافعين على مضمار السباقات. وأصبح لدى شوماخر الآن ستة سباقات بهذا الموسم بداية من سباق الجائزة الكبرى الياباني بعد أسبوع واحد تقريبا حيث سيسعى لتحقيق فوز يبدو غير مرجح للمرة 92 بسباقات الجائزة الكبرى. وكان الفوز الوحيد الذي حققه مرسيدس منذ عودته لسباقات فورمولا -1 كفريق فاعل هو الذي حققه نيكو روزبرج في سباق الجائزة الكبرى الصيني في أبريل الماضي. ويحتل شوماخر حاليا المركز 12 في الترتيب العام للسائقين بهذا الموسم. وكان شوماخر أكد في مقابلة سابقة له مع (د.ب.أ) الشهر الماضي أنه يتمنى حقا تجربة فوز جديد آخر ولكنه مع ذلك يجد العزاء لنفسه في أن تقديم أداء جيد بسيارة لا تتمتع بالقدرة على المنافسة يعتبر إنجازا في حد ذاته. وقال شوماخر وقتها: "بالتأكيد سيكون (الفشل في إحراز ألقاب) أمرا مؤسفا ، لأنني أود تجربة الفوز مرة أو اثنتين من جديد". وأضاف: "ولكن تأكيد جودة مستواك لا تأتي من خلال الانتصارات وحسب. فقد مررت ببعض اللحظات منذ عودتي إلى الساحة شعرت فيها بالرضا عن نفسي. مثلا عندما أتمكن من استغلال جميع طاقات السيارة حتى لو لم يسفر الأمر عن نتائج يمكنك لمسها". وجاء آخر السباقات ال91 التي أحرز شوماخر لقبها بمشواره الرياضي في الصين في أول أكتوبر 2006 عندما كان سائقا بفريق فيراري. بينما كان سباقه ال250، سباق الجائزة الكبرى البرازيلي في ساو باولو ، هو آخر سباق له في عام 2006 قبل اعتزاله. ويبدو أن هناك عهدا جديدا لشوماخر شارف على الانتهاء في البرازيل أيضا فيما سيكون السباق رقم 308 في عمر شوماخر الرياضي. وقال براون معلقا على شوماخر: "لم تهتز طاقته أو التزامه أبدا ، حتى عندما كانت النتائج لا تناسب مستوى توقعاتنا. ونحن مصرون على إنهاء موسم 2012 سويا على أعلى مستوى".