أثار مشروع قانون الإدارة المحلية، الذى انفردت «الوطن» بنشره أمس، ردود فعل متباينة بين خبراء الإدارة المحلية والقانونيين، حيث اتفق بعضهم مع مشروع القانون وبنوده، بينما اعترض البعض الآخر على كثير من مواده وبنوده. الرأى المؤيد للقانون استند إلى أنه يتوافق مع أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو، بضرورة الضرب بيد من حديد على أيدى الفاسدين من قيادات وموظفى المحليات وتقليص الفرص أمامهم للوصول إلى هذا الفساد، بينما رأى المعارضون له أنه يعيد إنتاج فساد الأنظمة السابقة فى قطاع المحليات. المستشار محمد عطية، وزير التنمية المحلية الأسبق، يقف مع الرأى الأول، وقال إن مشروع القانون الجديد يأتى تطبيقاً لدستور 2014 وأهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو، خاصة المواد الخاصة بزيادة مساحة مشاركة الشباب والمرأة فى المجالس المحلية الشعبية، لافتاً إلى أن مشروع القانون ينص على أن يكون لكل وحدة محلية من وحدات الإدارة المحلية مجلس شعبى محلى يشكل من أعضاء يتم انتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر السرى العام وفقاً لأحكام هذا القانون لمدة أربع سنوات، ويُشترط فى المترشح ألا يقل سنه عن إحدى وعشرين سنة ميلادية بخلاف الشروط الأخرى التى يحددها القانون، على أن يخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة، وربع المقاعد للمرأة، على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالى عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسب تمثيلاً مناسباً للمسيحيين ولذوى الإعاقة، ولا يجوز لأحد موظفى وحدة محلية ما الترشح لعضوية المجلس الشعبى المحلى فى نفس دائرة عمله، مؤكداً أن هذه المادة من شأنها إعطاء فرصة أكبر للشباب والمرأة عما كان عليه الوضع فى قانون الإدارة المحلية لعام 1986 الذى كان يتجاهل تماماً أى نصوص تخص مشاركة الشباب أو المرأة فى المجالس المحلية. وأضاف وزير التنمية المحلية الأسبق أن هذا النص يكرس لدور الشباب الذين قامت على عاتقهم ثورتى يناير ويونيو ومكافأة لهم على هذا الدور العظيم، مضيفاً أن تخصيص نصف المقاعد للمرأة والشباب فى مشروع القانون الجديد يأتى كنوع من تدريب الشباب على العمل فى المحليات بشكل تدريجى، تمهيداً لتوليهم فيما بعد مناصب قيادية يكونون قادرين على تحقيق إنجازات فيها. وأوضح «عطية» أن تخصيص نصف المقاعد للمجالس الشعبية والمحلية للعمال والفلاحين جاء لحفظ حقوق الفلاحين والعمال بعدما تم إلغاء النسبة المخصصة لهم فى مجلس النواب، مؤكداً أنه مع بقاء هذا النص، ولكن بشروط أهمها أن يكون المرشح للمجالس المحلية على مقاعد العمال عاملاً بإحدى الحرف ومسجلاً ذلك فى بطاقة رقمه القومى وليس حاصلاً على مؤهل عال. وطالب «عطية» بوضع شروط للمرشح على مقعد الفلاحين وهو أن يكون مزارعاً ومدوناً ذلك فى بطاقة الرقم القومى ولم يحصل على مؤهل عال، مشيراً إلى أن هذه الشروط تضمن عدم تكرار قيام أصحاب المصالح الخاصة من أصحاب المؤهلات العليا واللواءات السابقين المتقاعدين الذين يستغلون هذا النص للترشح على هذه المقاعد بحجة أنهم يملكون حيازات زراعية أو يعملون فى إحدى المهن الحرفية، وهى كانت إحدى مساوئ قانون المحليات المعمول به حالياً. وفيما يخص المادة 147 من القانون، والتى تنص فى أحد بنودها على أحقية المحافظة فى الحصول على ربع حصيلة الضريبة الأصلية المقررة على الأطيان وضرائب ورسوم السيارات والموتوسيكلات والعربات والدراجات ووسائل النقل، قال وزير التنمية المحلية الأسبق، إنه نص جيد ويساعد المحافظات على الحصول على موارد ذاتية تدعم إقامة المشروعات الخدمية والتنموية بها وإعادة تطوير مرافقها، مشيراً إلى أن القانون القديم، والذى ما زال معمولاً به حالياً، كان لا يتيح للمحافظات مثل هذه المساعدات المالية، وكانت تورد حصيلة الضرائب لخزانة وزارة المالية مباشرة. واتفق «عطية» مع المادة التى تنص على أن يكون بقاء منصب المحافظ بالتعيين، مشيراً إلى أهمية ذلك، لأن المحافظ من أدوات السلطة التنفيذية التى يجب أن تحاسَب من قبَل القيادة السياسية، وحتى نضمن ذلك لا بد أن يكون منصبه بالتعيين وليس بالانتخابات. من أصحاب هذا الرأى أيضاً الدكتور عماد الفقى، أستاذ القانون، الذى أكد أن القانون الجديد يساهم فى تمكين الشباب والمرأة خلال الفترة المقبلة داخل المجالس الشعبية والمحلية، مضيفاً أن القانون ليس به أى عوار دستورى، ويدعم اللامركزية بمنحه سلطات واسعة للمجالس المحلية والشعبية. وأضاف «الفقى» أن الدستور نص فى مادته «175» على أن تقسم الدولة إلى وحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية، منها المحافظات، والمدن، والقرى، ويجوز إنشاء وحدات إدارية أخرى تكون لها الشخصية الاعتبارية، إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك. وأوضح أن القانون يطابق فى العديد من مواده ما نص عليه الدستور فى المادة «176» التى تنص على أن «تكفل الدولة دعم اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية»، لافتاً إلى أن القانون يهدف إلى تنمية موارد الدولة من خلال التوسع فى الوعاء الضريبى، وهو ما نص عليه الدستور أيضاً فى المادة «177» التى تنص على أن «تكفل الدولة توفير ما تحتاجه الوحدات المحلية من معاونة علمية، وفنية، وإدارية، ومالية، وتضمن التوزيع العادل للمرافق، والخدمات، والموارد، وتقريب مستويات التنمية، وتحقيق العدالة الاجتماعية بين هذه الوحدات»، والمادة «178» التى نصت على أن «يكون للوحدات المحلية موازنات مالية مستقلة يدخل فى مواردها ما تخصصه الدولة لها من موارد والضرائب والرسوم ذات الطابع المحلى الأصلية والإضافية، وتطبق فى تحصيلها القواعد والإجراءات المتبعة فى تحصيل أموال الدولة». واختلف الدكتور محمد شتا، الأمين العام الأسبق للإدارة المحلية، مع كثير من مواد قانون الإدارة المحلية الجديد، ومنها بقاء مادة تعيين المحافظين، مشيراً إلى أن المحافظ موظف ولا يجب أن يكون قائد التنمية فى أى إقليم، وأنه كان يجب أن يكون اختيار المحافظين بالانتخاب. وأضاف «شتا» أن الانتخاب يضمن ولاء الحاكم للجماهير وليس للسلطة التى اختارته، وبالتالى حصوله على دعم شعبى ممن انتخبوه، موضحاً أن التعيين يفتح الباب أمام المجاملات فى اختيار المحافظين.