"إذا فقدت الثقة بنفسك فلا تنتظر من الآخرين أن يثقوا بك"، "قد يكون الفشل في الوصول لشيء ما مرحلة إيجابية تعطي فرصا أعلى لتحقيق النجاح"..كلمات وردت على لسان الشابة هند عبد الفتاح التي قررت أن تفتح لنفسها آفاقا جديدة بخوضها لتجربة قد تكون عسيرة بالنظر إلى ظروفها "كانت علاقتي بالتنمية البشرية في بدايتها مجرد حب استطلاع حيث كانت قاصر فقط على قراءة بعض فروعه المتعلقة بالتحليل النفسي للشخصية لرغبتي الشديدة في إتقان فن الإقناع والتأثير في الآخر، إضافة إلى الاطلاع وقراءة العديد من الكتب عن طريق بعض مواقع الإنترنت". تتحدث هند، الشابة الثلاثينية التي فقدت بصرها منذ مولدها، عن الشخص الأكثر تأثيرا في حياتها والذي اعتبرته مثلا أعلى لها "كان لقائي بالراحل الدكتور إبراهيم الفقي بمثابة نقطة التحول في حياتي، التقيته في إحدى محاضراته وحاولت التقرب منه والاستزادة من علمه، هو أول من نصحني بدراسة التنمية البشرية واحترافها، وشجعني على البدء في إلقاء محاضرات كاملة عن الموضوعات التي أدرسها وبالفعل كان مشرفا على أول محاضرة قمت بإلقائها وكانت تحت عنوان (التحكم في الخوف)". لم يكن مشوار مدربة التنمية البشرية الكفيفة في سبيل تحقيق الذات مفروشا بالورود "تمثلت أبرز الصعوبات التي واجهتني حينما كنت أقف على المسرح أمام مئات الحاضرين، وربما يصلون إلى الآلاف في بعض الأحيان، في أنني كنت أحتاج إلى المساعدة في تصميم المحاضرة ورضها على الشاشة الموجودة أمام الحاضرين بالمسرح عن طريق برنامج الباور بوينت إلى شخص مبصر، لكني استطعت التغلب على هذه المشكلة بمساعدة بعض أصدقائي الذين كانوا يسخرون لي جانبا كبيرا من وقتهم لمساعدتي في تصميم المحاضرة وعرضها على المسرح، وكان من أبرزهم زميلي المدرب الدكتور محمد جوا، -وبحمد الله لاقت محاضراتي نجاحا كبيرا ولم يشعر أي من الحاضرين بأي فرق بيني وبين أي مدرب أو مدربة أخرى رغم محاربة البعض لعملي وعدم استيعابهم لفكرة نجاحي". ساهمت هند عبد الفتاح ببعض الدراسات في العديد من الموضوعات المتعلقة بالمجال مثل: "التحكم في الخوف، الثقة بالنفس، كيف تتجنب الغضب"، كما تقوم بإلقاء العديد من المحاضرات ببعض المراكز الثقافية أبرزها مركز التغيير الذي يعتبر الوكيل الحصري للمركز الكندي بمصر. استطاعت الشابة، الحاصلة على ليسانس آداب قسم فلسفة جامعة عين شمس، التغلب على عائق آخر فرضته الظروف المجتمعية المحيطة بأمثالها من فاقدي البصر على حد قولها "كان حلما من أحلامي أن أتعلم اللغة الإنجليزية وأن أتقنها تمام الإتقان، وبالفعل تقدمت للالتحاق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية ولكن نظرا لظروف كف بصري لم تتقبل إدارة الكلية دخولي، وبعد أن حصلت على الليسانس قررت أن أنتسب إلى الجامعة المفتوحة لدراسة اللغة الإنجليزية وإتقانها عن طريق قراءة كل ما توفر لي من كتب حتى نجحت في تحقيق حلمي بإتقانها". لم تكتف هند بما حققته من نجاحات بل قررت أن تبدأ رحلة جديدة في مشوار تحدي الصعب الذي تمشيه، وهذه المرة تتطلع الشابة الكفيفة للعالمية، حيث شرعت في تنفيذ الخطوات الأولى للحصول على شهادة الماجيستير من جامعة الميتافيزيقا بمدينة لوس أنجلوس بالولايات المتحدةالأمريكية "أعتقد أنه طالما قررت أن أتحمل مسئولية تعليم الغير فلا بد ألا أترك بابا للعلم إلا وطرقته لأكون قادرة على الإجابة عن أي سؤال من الأشخاص الذين أتولى تدريبهم حتى ولو كان خارجا عن موضوع المحاضرة التي ألقيها". التغلب على مصاعب فقد البصر والنجاح في مجال يصعب الغوص في بحوره الواسعة ليست كل التحديات في حياة الشابة الثلاثينية وإنما تمثلت التجربة الأنجح والأصعب، على حد تعبيرها، في انتصار إرادتها على مرض عضال تهابه الأنفس كلها قويها قبل ضعيفها "كانت تجربة إصابتي بمرض السرطان اختبارا كبيرا من الله -سبحانه وتعالى- وقد بدأت تلك التجربة وقتما كنت في العشرين من عمري حينما أحسست بآلام شديدة في بعض المناطق بالجسم، وعندما قرأت التقارير الطبية تبينت الحقيقة وبدأت رحلة مقاومتي لذلك المرض إلى أن شفاني الله منه، وكانت المفاجأة بعدها بسنوات حينما علمت بإصابتي بالمرض نفسه للمرة الثانية، وهنا أحاطتني عناية الله التي وهبتني الثبات وقوة الإرادة في مقاومته والانتصار عليه ثانية". وختمت هند حديثها قائلة "أتمنى من أي شخص أو مؤسسة تهتم بأمور الثقافة في هذا البلد أن يأخذوا على عاتقهم تبني أي كفيف يسعى لطلب العلم، وتنمية قدراته بمحاولة توفير الإمكانيات المادية اللازمة لهم للحصول على المراجع العلمية التي يحتاجونها لاستكمال رسائلهم أو مشروعاتهم العلمية لأن هناك أشخاص يعانون الأمرين للحصول على الكتب اللازمة لهم، وقد لا يحصلون عليها بعد كل هذه المعاناة، ما يؤدي إلى استسلام بعضهم في النهاية ونفقد عطاءهم".