إن رفع مستوى أداء الوظيفة التشريعية يتطلب ضمان توافر عوامل كفاءة الأداء فى البرلمان من خلال تحديد مواصفات النائب البرلمانى التى تؤهله لما سيقدمه من دور حيوى والاضطلاع بمهامه الرقابية والتشريعية بكفاءة ليصب فى صالح الوطن بعيداً عن تأثير المال السياسى والاعتبارات العائلية والقبلية وعدم سيطرة فئات معينة على البرلمان، فى مقدمتهم أصحاب النفوذ والمصالح الخاصة، ومن ثم فإن إحدى أهم مواصفات النائب البرلمانى القادم هو إدراكه مهام وظيفته الفعلية والمهام المطلوب منه إنجازها ليستطيع من خلالها أن يربط العديد من الأفكار ما بين ماهية الدولة ونظام الحكم والدستور والقانون وسلطات الدولة وعلاقتها بمتطلبات المواطن البسيط وطموحاته وأحلامه، وحقوقه والتزاماته. وفى ظل السباق الماراثونى المتوقع أن يبدأ فى الأيام القليلة المقبلة والبرامج الانتخابية والحملات الدعائية وتشويه المبانى بالملصقات من قبل المرشحين والتى من المتوقع أن تعد بالكثير ومع الأسف يستغل البعض من راغبى الترشح ارتفاع معدلات الفقر والبطالة ونقص الخدمات الصحية والاجتماعية ليبهر ذلك المواطن البسيط المتلهف ويؤثر على اختياره لأعضاء البرلمان المقبل، وما بين مواطنين ومواطنات شرفاء وشباب طموح وأعضاء سابقين يريدون استعادة نفوذهم المفقود من جديد وبعض الطامحين وبعض الطامعين وبعض المتصيدين سيكون المشهد المقبل. إن مجلس النواب هو المؤسسة السياسية التى تمارس التشريع والرقابة على الحكومة باسم الشعب وليس عملها إجرائياً أو تنفيذياً، كما يشير أغلب المرشحين فى برامجهم ودعاياتهم الانتخابية. وحتى يتواكب مع المستقبل المأمول للدولة المصرية فى إطار استعادتها لريادتها من جديد وترسيخ استقلال قراراتها، فإننى أعتقد أن مجلس النواب الذى نحلم به، يجب أن يكون قوياً بأعضائه، قائماً على العديد من الخبرات العلمية والثقافية والاقتصادية والسياسية والقانونية ذات الرؤية الثاقبة المتطلعة لبناء مصر الحديثة، تعمل على تعزيز الإصلاحات الإجرائية العامة للعمل التشريعى للبرلمان، ولديها من المعلومات ما يمكنها من إعداد مشاريع القوانين بطريقة علمية فى إطار من النزاهة والموضوعية التى تتفق مع أهداف هذه المرحلة الاستثنائية من عمر الوطن دون أى تأثير عليها من أى حزب سياسى مستندة فى ذلك إلى الدراسات الاقتصادية والبيئية والبحث العلمى والتكنولوجيا، والدراسات السياسية والدولية تراعى فى ذلك السلم والأمن الاجتماعى والأمن القومى للدولة. كما أن استحداث لجان جديدة بمجلس النواب تهتم بالنظم التربوية والعدل والإنتاج والتجارة، وشئون المصريين فى الخارج، ومكافحة الفساد بالمؤسسات والشفافية وتعزيز الديمقراطية، وأفريقيا وحوض النيل، وتقييم التكنولوجيا والبحث العلمى والمساواة وحقوق الإنسان وتفعيل لجان الدفاع والأمن القومى والمالية والخطة والموازنة والشئون الخارجية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياحية وصولاً لتحسين معيشة المواطنين فى ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والأخلاقية التى تعيشها جمهورية مصر العربية. إن استعادة كرامة المواطن المصرى وضمان حاضره ومستقبله وانتشاله من معاناته وحالة العوز والإهمال الصحى وتدنى مستوى التعليم ورفع الوعى الحضارى له هى صميم مسئولية النخبة التى ستمنحها ثقة المواطنين.