عينان لا يفارقهما الدمع، وقلب لا يفارقه الحزن، وروح شاردة سكنت داخل منزلها الصغير فى شبرا؛ ففى شهر واحد، ودعت «آمال» أفراد أسرتها بالكامل: زوجها وابنها وابنتها، كل ما خرجت به من الدنيا. الابنة راحت ضحية «سرطان الرئة»، تاركة وراءها 3 أطفال، ظنت أن زوجها وابنها سيكونان عوناً لها فى تربية الأطفال الثلاثة، لكن المرض الذى اختطف البنت الكبرى للحاجة «آمال» سرعان ما اتجه لرب الأسرة، لتفقده هو الآخر بعد 3 أيام من وفاة ابنتها «كان تعبان هو كمان، لكن كان واخد بحسى فى البيت ومصبرنى على فراق حبيبتى، لكن حزنه عليها كان شديد عليه وماقدرش يقاوم». لم ينقطع ترتيل القرآن داخل «صوان العزاء» الذى أقيم فى الشارع الصغير بحى شبرا، ولم تغادره وجوه المعزين الذين فقدت كلماتهم أثرها على نفس السيدة الستينية، تقول: «خلاص، من كتر البكا مش لاقية دموع وكلام العزا ما بقاش له طعم وكفاية علينا ربنا هو اللى حاسس باللى فىّ». يأبى الشهر أن يرحل ويتركها، تواصل مسيرتها مع ابن وحيد تبقّى لها و3 أحفاد تحملت مسئوليتهم فى صبر، لكن الموت كان لم يزَل قابعاً فى ركن المنزل ينتظر الضحية الثالثة «ابنى راح ضحية إدمان المخدرات بعد ما جاله ورم فى رجله وما استجابش للعلاج بسبب الإدمان»، الوحيد الذى لم تصدم لوفاته رغم الحزن «الموت بالنسبة له كان راحة وربنا يقدرنى ويعوضنى فى أحفادى».