«عيد شهيد».. هكذا كانت تهنئة أهل غزة لبعضهم البعض بحلول عيد الفطر المبارك. لم يكن عيداً سعيداً بالطبع وسط القتل والدم والدمار، الذى خلفه الإرهاب الإسرائيلى على قطاع غزة منذ 22 يوماً، فيما ارتفع عدد الشهداء إلى أكثر من 1300 شهيد، و7090 مصاباً، منذ بداية القصف الإسرائيلى. وسط حزن دفين لف وجهها المنهك، قالت إحدى سيدات قرية الشجاعية شمال القطاع: «حسبنا الله ونعم الوكيل.. أولادنا مش لابسين شىء فى العيد، ومكناش عارفين عنهم حاجة، وكنا مشتتين، حتى المدارس اللى بنتخبى بيها بيقصفوها»، فيما أوضحت أن الطيران الإسرائيلى قصف منازلهم يوم السبت الماضى، فيما فشلت التهدئة، التى اعتبرتها فرصة لالتقاط الأنفاس، مضيفة: «لم يعد فى الحى اليوم سوى الموت وخراب الديار والجثث والدمار». وطالبت السيدة الدول العربية بضرورة إغاثة الشعب الفلسطينى ومساندته إزاء العدوان الإسرائيلى الغاشم، فيما اختتمت وصلة الألم بقولها «العيد ده عيد الشهداء، لا يوجد عيد، عيد مين هذا، مفيش عيد». وغير بعيد، وفيما غاب عن وجهها الفرحة والرغبة الطفولية فى اللهو واللعب احتفالاً بقدوم عيد طال انتظاره، قالت واحدة من أطفال الحى المتضرر من القصف الذى أحال منزلها ركاما: «العيد مر علينا واحنا فى حرب، ومفرحناش بأى شىء، وعندنا شهداء ومصابين كتير، ومالقتش ملابس جديدة ألبسها»، فيما عبر أحد أهالى المنطقة، الذى افترش الأرض بصحبة أطفاله الأربعة، بعدما صار بلا بيت، وبلا وظيفة، وبلا حياة: «أى عيد هذا؟! هذا العيد الأسود، دمرت بيوتنا»، موضحاً أنه يعيش على الأرض أمام أحد المستشفيات منذ 10 أيام قائلاً: «حياتنا معاناة، فراشنا الأرض وغطاؤنا السماء، والله عيد أسود علينا». وقالت إحدى أمهات الشهداء، وقد غطت الدموع ملامح عينيها ووجها الذابل: «الاحتلال الإسرائيلى قذف بيوتنا وهدموها، مفيش عيد، 5 شهداء من أبنائى، هذا عيد شهداء اسمه»، لكن بنبرة الصمود الفلسطينى المعتاد على مظاهر الجرح النازف قالت: «رغم الحزن هاخلى فيه عيد، وهاخلى ابنى يلبس جديد عشان يعرف إن فيه عيد ويفرح». وروت واحدة من المشردات مأساتها قائلة: «الحرب شردتنا من البيوت والمدارس، والأولاد بحاجة لملابس جديدة للعيد وكله راح تحت الهدم»، مؤكدة صمودها ضد عدوان الاحتلال الإسرائيلى، متمنية أن يعيد الله العيد عليهم وهم فى خير، قبل أن تضيف: «إحنا زهقنا حرب يا رب، ويا رب ننتصر وراح الأولاد والبيوت وكل شىء»، فيما رفعت يدها إلى السماء تدعو: «يا رب كل واحد ضد المقاومة والصلح ربنا ما يعطيه، ويظل طول العمر مشلول وعاجز ومعذب لا يموت».