لا يلتفتون إلى كونك رجلاً أم امرأة.. شاباً أم مسناً.. سليماً أم عليلاً، فما يشغلهم فقط هو إتمام المقلب، وإخراجك عن شعورك وحدود اللياقة، لينتهى الموقف بضحكاتهم العالية وتلويحهم بإشارات النصر، التى تزيد من غضب الضحية. أطفال أعمارهم تتراوح بين 12 و18 عاماً يجدون فى أيام العيد ضالتهم، للتنفيس عن طاقاتهم المكبوتة والإعلان عن أنفسهم بألعاب نارية وقصات شعر غريبة، وتحرش جنسى بالفتيات ولفظى بالمارة، ضاربين بالتقاليد والقوانين عرض الحائط. عم «أحمد يسرى» مصور فوتوغرافى، حظه العثر دفعه إلى السير فى شارع فيصل بعد انتهاء عمله الساعة الحادية عشرة مساء، حيث انتفض مفزوعاً بسبب صوت انفجار اندلع من تحت قدميه، أربكه وأشعره بالإحراج وسط المارة، ليجد بعد ذلك أطفالاً أقل من 18 عاماً يضحكون بعد إتمام مهمتهم وإلقاء الصاروخ عليه، غير عابئين بكبر عمر الرجل الخمسينى. «مفيش أخلاق خلاص، مش كفاية معاكسة البنات والتحرش بيهم، كمان غلاسة على خلق الله» قالها يسرى بحزن وانصرف، بينما انطلق الأطفال من حوله يجرون فى فرح على أمل اصطياد فريسة أخرى يضحكون عليها. كان لافتاً للنظر مشهد تكدس أكثر من 20 طفلاً فوق سطح سيارة «ميكروباص»، كانت تسير عند أحد مطالع كوبرى الدائرى، وفى أيديهم مسدسات «خرز»، ويتحرشون بأصحاب السيارات المجاورة لهم. «بيهوّشونى باللعبة اللى فى أيديهم ويضحكوا، بس هاعمل إيه يعنى، عيال عايزة تفرح، لكن أهم حاجة ما يكسروش حاجة باللعبة اللى معاهم» قالها «محمد الإمام»، قائد إحدى السيارات، بعد أن تم التحرش به، مؤكداً أن كل ما فعله هو الابتسام فى وجوههم، حتى لا يتعرض لسخريتهم. «قنبلة موقوتة، أخشى أن تنفجر فى المجتمع، وتؤدى إلى كوارث»، هو تعقيب استشارى علم النفس حسن صلاح الدين على الأمر، مؤكداً أن العديد من السلوكيات الشاذة والجديدة على مجتمعنا أبطالها أطفال أعمارهم تقل عن 18 عاماً، متمثلة فى تحرش جنسى بالبنات، ولفظى بالمارة، وإيذاء المواطنين بالصواريخ الخطرة، والسيارات والمحال بالألعاب الخطرة. معظم أبناء هذا الجيل لديه شعور شديد بالنقص، ويمتلك طاقة هائلة يحتاج إلى تفريغها، بحسب «صلاح الدين»، مشيراً إلى ضرورة احتضان الأجيال الأكبر سناً لهم حتى لا تحدث فجوة بين الأجيال: «الأطفال من 12 سنة حتى 18، بيطغى عليهم حب الظهور وإثبات أنفسهم أمام المجتمع، ولا يجد طريقة يظهر بها سوى السلبيات التى نراها». «صلاح الدين» يرى أيضاً أن طاقة هؤلاء الأطفال يمكن أن تفيد المجتمع إذا تم توظيفها بشكل إيجابى: «للأسف هو جيل مظلوم، لأنه يفتقد القدوة علمياً وثقافياً ودينياً، وكل ما يراه على شاشات التليفزيون عبارة عن رقص وغناء وألفاظ غريبة على مجتمعنا».