يقال، إنه من عيوب الديمقراطية أنها تجبرك على سماع أصوات الأغبياء، وقد ضاعفت (السوشيال ميديا) من أصداء أصواتهم، فأصبحنا محاصرين فى عوالمنا الافتراضية التى وقعنا فى أسرها بالآلاف من أصوات الجهلاء الذين جعلوا من صفحاتهم على المواقع الاجتماعية، منابر للتحليل السياسى، يضلون بها الناس بغير علم. وإذا كانت (السوشيال ميديا) هى المسئول الأول عن رواج آراء الهواة، فمن المسئول عن تحول الإعلاميين إلى محللين سياسيين؟! يبدأون برامجهم بعرض سريع للأخبار مصحوب بتحليلاتهم الفذة، وآرائهم التى لم يطلبها منهم أحد، ضاربين عرض الحائط بأبجديات الإعلام التى تُلزم المذيع بالحيادية والموضوعية والاتزان كشروط مهمة لكسب ثقة المشاهد. وقد بلغ الأمر مداه مؤخراً، وتعدى مرحلة التحليل والفذلكة، إلى مرحلة الشرشحة والهبل، فعلقت مذيعة قناة التحرير على وجود حالات تحرش بالميدان، بضحكة بلهاء مصحوبة بتعليقها الأكثر بلاهة: «الشعب مبسوط بقى وبيهزر»! ولم تمض أسابيع على الواقعة حتى قامت مذيعة قناة التحرير أيضاً، بإغلاق خط الهاتف فى وجه سفير إثيوبيا، متغافلة أنها بفعلتها قد تتسبب فى أزمة دبلوماسية! أما مذيعة قناة «أون تى فى» فكادت تتسبب فى أزمة مماثلة، مضافاً إليها أزمة من نوع آخر لمالك القناة، الذى يمتلك استثمارات بملايين الدولارات فى المملكة المغربية، بعد أن قررت سيادتها أن تشن حرباً على المغاربة، متهمة إياهم ببناء اقتصاد بلادهم على الدعارة، جهلاً منها بأن المغرب تأتى فى مقدمة الدول العربية الجاذبة للسياح بعد الإمارات، وقد اضطُر رجل الأعمال «نجيب ساويرس» على إثر فعلتها إلى الاعتذار لملك المغرب ومواطنى المملكة. ولكن (كل اللى فات حمادة واللى جاى حمادة تانى خالص)، فقد قررت إحدى مذيعات التليفزيون المصرى أن تواكب زميلاتها فى الفضائيات فى حمقهن، فعلقت على رفض حماس للمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار بالجملة الآتية نصاً وليس مجازاً: «ما تتقتلوا وإحنا مالنا»! هكذا قررت سيادتها أن تنصب نفسها وزيرة للخارجية المصرية وتدلى بتصريحاتها الخاصة من مخها الخرب! لمثل هذه وأخواتها لا نملك إلا التحسر على حال الإعلام ونحن نردد مقولة المتنبى: «لكل داء دواء يستطب به، إلا الحماقة أعيت من يداويها».