عادةً ما نتحدث عن أبطال العمل الدرامى من النجوم والنجمات سواء بالمدح أو الانتقاد، وصحيح أن بطلات مسلسل سجن النساء أبدعن فى تجسيد أدوارهن بكل إتقان، وعلى رأسهن النجمة الرائعة نيللى كريم التى أعتبر «غالية» دور حياتها بعد تألقها الكبير فى «ذات»، وأنها نضجت فنياً لدرجة مبهرة وأن تعبيرات وجهها الصادقة تنتقل إلينا بشكل مباشر يرشحها للقب أفضل ممثلة هذا العام، لكننى أود أن أراها العام المقبل تخرج من عباءة المرأة المطحونة اجتماعياً والمقهورة نفسياً إلى دور جديد مختلف. كما أن النجمتين «درة» و«روبى» قدمتا أدواراً جديدة عليهما كلياً، كذلك الرائعة سلوى خطاب أضافت للمسلسل ثقلاً كبيراً بأدائها الجاد المرح فى آن واحد، وسلوى عثمان ونسرين أمين وريهام حجاج. لكن بكل صراحة فإن نصف نجاح المسلسل بالنسبة لى، وكلمة السر، وخلطة التميز الحقيقية، هى المخرجة المبدعة كاملة أبوذكرى، التى تغزل بحركات وزوايا الكاميرا إيقاعاً يفرض على المشاهد احترامه، تشعر بها موجودة فى كل لقطة، تتعب على المشهد، تلعب بالإضاءة والظل والشمس كالأفلام الأجنبية، زوايا الكاميرا تتحدى عقل المشاهد ليفكر، وتبرع «كاملة» فى استخدام الرموز المعبرة عن روح ورسالة المشهد، الصمت رائع لديها وله مغزى تماماً كالكلام، تحرك الفنانين بموسيقى خفية تخرج منها بإيقاع يضع المشاهد فى كونشيرتو لا نهائى من المتعة والجمال، دقة التفاصيل بلا ملل ولا تطويل، استخدام الأغنية والمشاهد الأولى من كل حلقة وربطها بالمكان شىء رائع، تصنع وتقود بكل جدارة وجبة كاملة من الإبداع المتواصل يومياً، وهو ليس بالجديد عليها فقد أمتعتنا بنفس الأسلوب فى «ذات» العام الماضى، ولا يمكن أن ننسى لها أفلامها المتميزة (عن العشق والهوى) و(واحد صفر). أما الرائعة مريم ناعوم فقد تألقت هذا العام فى السيناريو والحوار، جزالتها فى بساطتها، ودقتها فى اختصار الحوار فى المفيد، لا تجد جعجعة ولا تطنيباً، لكنها اقتربت من ملح الأرض فذاب معها شعورنا بأن هناك ممثلين وأن هذا مسلسل، وكأننا نشاهد الواقع وليس تمثيلاً. ملابس الفنانين منتقاة بعناية فائقة، وأعتقد أن الاستايلست الشابة ريم العدل بذلت مجهوداً كبيراً لانتقاء الملابس المعبرة عن الحكاية بدراسة وعلم وفن واجتهاد. فضلا عن روعة الموسيقى التصويرية والتتر. وبالتأكيد فإن العدل جروب الذين قدموا لنا «الداعية» العام الماضى، تألقوا هذا العام ب«سجن النساء» و«ابن حلال» الذى أعتبره أيضاً إبداعاً لهم وتميزاً كبيراً لكل الفنانين المشاركين فى العمل: وفاء عامر، محمد رمضان، هالة فاخر، أحمد فؤاد سليم، سارة سلامة... وغيرهم. وهنا أود القول إن المشاهد المصرى يدرك الفرق بين الفن والهلس، بين العمل الذى به تعب ورسالة وبين الأعمال التى تستهدف فقط تضييع الوقت، وإن نغمة «الجمهور عاوز كده» أصبحت تدل على فشل الإنتاج والورق والإخراج، وتعبر عن فلس فكرى وفقر إبداعى، لأن الجمهور يبحث عن العمل الجيد. يوجد هذا العام كثير من الأعمال الدرامية الناجحة، ولكنى أرى أن (سجن النساء) متميز بدرجة كبيرة لتوافر كل عوامل النجاح من ورق وإنتاج وفنانين وإخراج، وننتظر دائماً رؤية وإبداعات كاملة أبوذكرى كل عام، فقد حفرت اسمها فى أذهاننا على مدار عامين كفوازير رمضان، وأصبحت «كاملة» بكل تأكيد علامة رمضانية مضيئة للدراما التليفزيونية المتميزة.