سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالفيديو والصور| أسرة "تحية" السودانية بعد 7 سنوات في مصر: "العصيدة" و"الحلو والمر" لم يفارقا مائدتنا الرمضانية "عين شمس" قبلة السودانيين القادمين إلى مصر.. وكانت المقر الرئيسي لسلاح الهجانة
حيثما تولي وجهك في "عين شمس" ترى السودان حاضرًا، فالمحال والمطاعم ذات الرائحة السودانية التي تنتشر في مختلف الشوارع، بجانب المقاهي المكسوَّة بالبشرة السمراء، ابتسامتهم الحاضرة في كل أزقة المنطقة، كأنك تتجول في أحد أحياء الخرطوم، كل هذه الملامح أعطت للحي الشعبي العريق طابعًا مختلفا، جعلت منه قبلة للسودانيين القادمين إلى مصر. فمنذ أن استدعى الضابط الإنجليزي "توم ريك" ال18 صبيًا من فتية منطقة "مروي" بالولاية الشمالية بالسودان لتأسيس سلاح الهجانة في مصر عام 1907 الذي يعد النواة الرئيسية للشرطة المصرية، استوطن هؤلاء العساكر في عين شمس التي كانت المركز الرئيسي لسلاح الهجانة في مصر، توالت الأجيال من أبنائهم وأحفادهم، وظل حي "عين شمس" صورة حية تجسد أبهى صور التواصل الإنساني بين شعبي وادي النيل. أسرة الحاجة "تحية" التي أتت إلى عين شمس منذ 7 سنوات، قادمة من السعودية، لم تشعر بالغربة للحظة بسب الملامح السودانية التي تسيطر على حي عين شمس. مائدة الحاجة "تحية"، الأم لخمسة أبناء أصغرهم من من مواليد عين شمس، لم تغب عنها النكهة السودانية، الذرة هي المكون الرئيسي في السفرة السودانية، ف"العصيدة" هي أحد أهم الأطباق على المائدة السودانية في رمضان؛ فهي عبارة عن دقيق يطبخ مع الماء ليتحوَّل إلى مادة سميكة تضاف إليها "التقلية" وهي عبارة عن بامية مجففة مطحونة تطبخ مع البصل واللحم المجففين مع الصلصة، وهناك "الكِسرة" التي هي عبارة عن دقيق يطبخ مع الماء ليتحول إلى مادة سميكة تضاف إليها الملوخية أو "الخضرة"، وفقًا للهجة السودانية. يشتهر السودان بمشروب "الحلو والمر" الذي لا تخلو أي مائدة سودانية منه، وهو مصنوع من الذرة؛ حيث يتم طحنه وتجفيفه وإضافة مجموعة من البهارات وعصير "الكركديه" لإعطائه اللون الأحمر، و"البليلة" و"الحمص"، أهم أنواع البقوليات في السفرة السودانية، بينما "الرقاق" و"الزلابية" أبرز الحلويات التي يتناولها السودانيون في رمضان، بالإضافة إلى "شاي الغزالتين" الذي لا تحلو جلسات الأسر السودانية المسائية إلا به. تروي الحاجة "تحية" ذكرياتها عن رمضان في السودان، بدءًا من استعداداتها مع جارتها لتجهيز مأكولات ومشروبات رمضان التي يصنع معظمها يدويًا في المنزل، حتى جلسات السمر التي تعقد عقب الإفطار وسط جو من الألفة والتواصل الاجتماعي. "الكرم هو شيمة سودانية أصيلة"، فالإفطار في السودان له مذاق خاص كما تحكي لنا الحاجة "تحية" حيث تمتلئ الشوارع بالموائد، ويصطف الرجال عقب صلاة المغرب ليتناولون الإفطار سويًا في صورة تتجلى فيها ملامح الترابط الاجتماعي، وظلَّت الأسر السودانية في مصر محافظة على هذا الترابط الاجتماعي من خلال الإفطارات الرمضانية مع بعضهم البعض، خاصة المرضى وكبار السن. "مرام" بنت العشرين ربيعًا، الابنة الكبرى للحاجة "تحية"، بدأت أولى خطواتها في مجال الإعلام في مصر من خلال إحدى القنوات الفضائية الخاصة، بعد أن جاءت لمصر لاستكمال دراستها مستفيدة من اتفاقية الحريات الأربع الموقعة بين مصر والسودان، والتي تتيح للسودانيين حرية التعليم في الجامعات المصرية على عكس المملكة العربية السعودية التي ولدت بها، ومكثت فيها 16 عامًا. الفتاة العشرينية لم تشعر بالغربة طيلة ال7 سنوات التي عاشتها في مصر؛ فالمناخ السوداني المسيطر على حي "عين شمس" الذي تسكن فيه، وانخراطها في مجتمع النوبيين بمصر خففوا حرارة غربتها قليلًا. الابنة الكبرى للحاجة "تحية" ترى أن أبرز العادات التي اكتسبها السودانيون من المصريين في رمضان هي فانوس رمضان، والزينة والمشروبات المصرية مثل "السوبيا" و"التمر هندي"، بالإضافة إلى الجو الرمضاني المتمثل في المسلسلات وسحور "الحسين" والحفلات والندوات الثقافية في رمضان. تروي "مرام" ذكرياتها عن رمضان في السعودية، حيث يغلب الطقس الديني على الشهر بشكل كبير ويظل الجوانب الترفيهية للبنات مقتصرة على الزيارات العائلية والخروج للمنتزهات العامة والحدائق، بينما في السودان التواصل الاجتماعي مع الأهل والأقارب هو الطقس الغالب على ملامح الشهر.