"والله فيهم الخير، كأنهم فتحوا لنا صفحة بيضاء نرسم فيها حاجة جديدة". هكذا سخر أحد رسامي الجرافيتي من تصرف الحكومة بمسح رسوماتهم من على جدران شارع محمد محمود، أمس الثلاثاء، معبرا عن غضب زملاءه الذين احتشدوا مساء اليوم أمام الجامعة الأمريكية لإعادة رسومهم إلى الحياة. وبدأ الرسامون وعشرات من المتضامنون الهتاف ضد الداخلية والرئيس والمرشد، في الوقت الذي كان يرسم فيه زملاءهم على الجدران حديثة الطلاء رسوما تسخر من السلطة ممثلة في الداخلية، مستخدمين عبوات الاسبراي وفرش، يكتبون بها هتافات يشدو بها المتضامنون "اشهد يامحمد محمود، كانوا ديابة وإحنا أسود" و"جدع ياباشا، امسح وأنا أرسم تاني". ولم يقرر كل الفنانين البدء في رسم أفكارهم الجديدة، التي سيصورون بها أحداث لم تدون على جدران محمد محمود، كمعركة العباسية، وخلال أسبوع على الأكثر سيعود الشارع مُتحفا كما كان، يدون أحداث الثورة. محمد، طالب بكلية تجارة وأحد الرسامين الهواة، يقول إن النظام بغبائه قرر أن "يعطينا الفرصة لكي نقول رأينا فيه بالرسم. استغل أحداث السفارة لكي يفرض سيطرته على الميدان، ومن بعدها يأخذ فرصته التي انتظرها طويلا لكي يمسح تلك الرسومات التي يراها أقوى ذاكرة مصورة لجرائم الداخلية، وللشهداء، الذين لم يوفهم أحد حقهم حتى هذه اللحظة". محمد وزملاءه الهواة كانوا من الأقلية التي بدأت في رسم أفكارهم من أول لحظة. فتح "اسكيتش" ليشير إلى صورة عسكري يمسح الجرافيتي، بجواره شاب يرسم ظل هذا العسكري على الجدران، شارحا أن فناني الجرافيتي سيظلون يصورون جرائم النظام. ويبدو أن الغضب الذي يشعر به الفنانون ربما تحصل جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي على نصيب كبير منه، فعبارات إدانة كثيرة للجماعة والرئيس تنتشر على الجدران، ولو بشكل مؤقت، بجوار عبارة كتبها بخط يده "نظام كان مشغول في الانتخابات وبنات مصر بتتعرى وشبابها بيترمي في الزبالة". "كان طبيعي نرسم، والعسكر يمسح رسومنا لأنها تدينه، لكن أن تمسح رسومنا في ظل رئيس منتخب فهذا عار. نسبة كبيرة من الموجودين الآن كانوا مؤيدين لمرسي في الجولة الثانية كُرها لشفيق والعسكر، وهم الآن منفعلون وسيعبرون عن غضبهم ضد النظام الحالي، الذي لم يكن موجود أثناء أحداث محمد محمود، وكان مشغولا في الانتخابات". يرددها محمود ياقوت مفكرا، يتأمل اتجاه الرسومات على الحائط. ويتوقع النشطاء والرسامون تطورا لفن الجرافيتي بسبب تصرف الحكومة، التي ساهمت بمسحها للجداريات أكثر من مرة في تطوير الأفكار والرسومات، كما يقول هاني راشد (فنان تشكيلي)، الذي ظهر أثناء الوقفة حاملا "اسكتش" لرسمة هي الأشهر على جدارية محمد محمود، وهي "اللي كلف مامتش"، والتي تجمع ما بين نصف وجه الرئيس المخلوع والمشير طنطاوي. يُذكرنا راشد بال"اسكيتش" الذي نقله للمرحلة الأولى من الجدارية، قبل أن تمسحه قوات الأمن ذات مرة، فعاد رسامو "رابطة فناني الثور" ليرسموا نفس الجرافيتي لكن بإضافة صورة شفيق إلى مبارك وطنطاوي.