أيقن أهالى شرق أسوان، بعدما انتشر خبر المذبحة الثانية، التى راح ضحيتها 2 من قبيلتى الكوبانية والنوبيين، أن رحى الانتقام ستدور من جديد، وأن الحرب ستشتد، وحذروا بعضهم بغلق أبواب منازلهم لتجنب الإصابة أو القتل، خاصة أنهم غير متورطين فى الأحداث. «الوطن» التقت بعض أهالى المنطقة الذين تضرروا من الواقعة بمنطقة شرق أسوان والسيل الريفى ومنطقة خور عواضة، الذين ليس بينهم طرف نوبى أو هلالى، وأصلهم «صعيدى»، ويقيمون مشروعات صغيرة، ومنهم من يقطن هناك منذ عشرات السنين وعلى علاقات طيبة بالأهالى، وكانوا يعيشون طوال عمرهم آمنين غير مختلفين أو متقاتلين، ويتشاركون مع النوبيين الدابوديين والهلالية المناسبات السارة والحزينة. ويسكن محمد عز توفيق، فى منطقة كوبرى مستشفى الصدرية، بجوار المنطقة التى شهدت الحادث الثانى، وهو شاهد عيان على الواقعة وصاحب محل لبيع الطيور فى منطقة السيل، يقول الشاب العشرينى: «شفت الواقعة بعينى، رأيت الشباب مقتولاً ومحروقاً بجوار منزلى، الحادثة نشرت الرعب وسط أسرتى وأصيب الأطفال أبناء إخوتى بهلع ورعب، وخفنا من تجدد الاشتباكات، لأن الحادثة الأولى أوقفت الحياة، وأغلقنا محلاتنا ومصدر رزقنا لمدة 15 يوماً، وتعرضنا لخسارة كبيرة». ويروى أيمن صفوت، أحد أهالى منطقة السيل الريفى، أنه فور سماع أهل المنطقة خبر اندلاع الأحداث وقتل الشابين «النوبى والكوبانى»، أيقن أنهم على شفا حرب أخرى ستطول كل الناس، وأغلق سكان المنطقة محلاتهم خوفاً من التعرض لمكروه، ونصح الجيران بعضهم البعض عدم الخروج والتزام المنازل لأن الوضع مضطرب. يشير الشاب إلى أن أسرته مكونة من 9 أفراد ترتبط مصالحهم بالتنقل والسفر، ويقول «حينما يحدث اضطراب تتوقف مصالحنا». ويقول «لماذا لم تضع الشرطة قوات انتشار سريع فى المنطقة حتى تقضى على أى تعدٍّ قبل حدوثه»، مطالباً بأن توفر الشرطة الأمان للمواطنين، وأن تعجل من إجراءات المصالحة بين القبيلتين الدابودية والهلالية حتى يعود الأمن. ويشير محمود عبدالصمد، صاحب محل بقالة، إلى الضرر الذى وقع عليه خلال فترة الاضطراب الأولى والأخيرة، قائلاً «لى محل فى المنطقة التى وقعت بها الاشتباكات الثانية، أغلقته خوفاً من المشاكل، بقالنا 70 سنة فى المنطقة أول مرة نشوف العنف ده». ويثنى الرجل على أداء الشرطة فى الحادث الثانى بين النوبيين والهلايل، قائلاً «الشرطة فى المرة الثانية أظهرت العين الحمراء للناس وأخافتهم، عشان كده الموضوع بقى محدود، لكن فى المرة الأولى كان فيه تعامل بطىء مع الأحداث، عشان كده تطورت وتعقدت وراح ضحايا كثيرون». على «دكة» خشبية فى الشارع بمنطقة السيل، يجلس الحاج حسن الشلالى متكئاً، يتأمل المارة من وراء نظارته الطبية. لا يريد الرجل سوى أن يعيش مع أسرته فى المنطقة بأمان وسلام، فقد عاصر العديد من رؤساء مصر، وينتقد الحالة التى وصل إليها أبناء الوطن الواحد، بدون تفرقة بين نوبى أو هلالى أو أى قبيلة أخرى، يقول «طول عمرنا عايشين فى سلام، بنحب بعض وشايلين بعض على أكف الراحة، أتمنى يرجع الوضع زى الأول، ونحب بعض ونعيش مع بعض فى سلام». يلتقط محمد نجيب، موظف بهيئة السد العالى وأحد سكان المنطقة، طرف الحديث، يقول «أسرتى مكونة من 14 شخصاً، وعندى أولاد أخاف عليهم من التعرض لسوء عندما أسمع عن اشتباكات، لأن المنطقة فى الأحداث الأولى كانت مقفولة. ويروى خضر عليان، ساكن بمنطقة السيل الريفى: «لما سمعت عن الواقعة كنت خارج البيت، كلمونى أسرتى ليحذرونى من عدم السير فى هذه الأجواء، لكنى عدت لأحميهم من أى سوء». ويضيف محمود فؤاد، صاحب سوبر ماركت، «خسرت أكثر من 15 ألف جنيه لأنى كنت فاتح محل فى وسط منطقة خور عواض، التى شهدت العنف مؤخراً، وأغلقت لمدة 15 يوماً وخسرت بسبب الإغلاق، والبضاعة تلفت، لذا نقلت المحل من خور عواض إلى منطقة السيل الريفى، وما زال الخطر موجوداً».