الفوضى الخلاقة مصطلح استحدثته الإدارة الأمريكية على لسان وزيرة خارجيتها السابقة كونداليزا رايس، ولم نر من هذه الفوضى سوى مزيد من الفوضى، كما هو الحال فى العراق وسوريا وليبيا. وفى محاولة لإعادة ترتيب الأوراق فى المنطقة توقف وزير الخارجية الأمريكى بالقاهرة فى أثناء رحلته إلى بغداد والتقى بالرئيس السيسى لمدة 90 دقيقة، ثم عقد مؤتمراً صحفياً ليثير العديد من التساؤلات أكثر مما يجيب عن الأسئلة المطروحة. وكما هى عادة السياسة الأمريكية لا تفصح عن نواياها وإنما تتقاسم الإدارة الأمريكية الأدوار بين تصريحات متشددة وأخرى تحمل حسن النوايا وليجتهد المحللون فى قراءة ما بين السطور. وازدواجية الخطاب تحديداً عند الحديث عن الشأن المصرى، وهذا ديالوج أتقنته جين ساكى، المتحدثة باسم البيت الأبيض، وجون كيرى. وما يثير التساؤل هنا هو التناقض فيما صرح به مساعدو «كيرى» إلى صحيفة «نيويورك تايمز» وما أجاب به «كيرى» عن بعض أسئلة الصحفيين المصريين. فما كتبته ال«نيويورك تايمز» عن مساعدى «كيرى» بأن من أسباب الزيارة هى الهجمة الشرسة على الإخوان المسلمين وإقصاؤهم من الحياة السياسية. كما انتقدوا اعتبار الجماعة إرهابية وأن الإدارة الأمريكية لم تجد أى أدلة بين الجماعة والجماعات المتشددة الأخرى، بل تطالب الإدارة الأمريكيةالقاهرة بإظهار المعلومات التى لديها. وفى المقابل فى القاهرة أكد «كيرى» أن الولايات المتحدة حريصة على إعادة علاقتها مع مصر، وأنقل هنا التعبير بالإنجليزية كما استخدمته الجريدة REPAIR RELATION WITH EGYPT وهو لا يعنى إعادة العلاقات وإنما الترجمة الحرفية هى إصلاح العلاقة، بالإشارة إلى خلل واضح قد حدث. وقد كانت تصريحات «كيرى» تتسم بليونة أكثر من بيانات الخارجية الأمريكية، ولكن ذلك لم يمنعه من أن يذكر أنه تحدث مع الرئيس السيسى عن إعادة تقييم بعض الملفات، وقد أبرزت ال«نيويورك تايمز» هذه الملفات وهى تتعلق بالقضاء وأحكام الإعدام وكذلك قانون التظاهر وحقوق الإنسان، وهما ورقتان دأبت الإدارة الأمريكية على التلاعب بهما فى الشرق الأوسط بما يتسق مع مصالحها الخاصة. وأنا لن أتوقف عند هذه النقطة كثيراً، وإنما لا بد من وجود معلومات واضحة من رئاسة الجمهورية عن الملفات التى تحدث عنها «كيرى» وتحتاج إلى إعادة تقييم من الجانب المصرى. إن العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية على مدار العام الماضى مرت بمنحنيات كثيرة وأصبحت توصف من الجانب الأمريكى بالعلاقة المعقدة وهذا يستلزم من صانع القرار المصرى إعادة تقييم الأمور بما يتسق مع موازنة المصالح الوطنية.