أصعب مشكلة تواجه نظام الحكم الحالى أن المصريين ما زالوا يتساءلون: «مصر رايحة على فين؟»، مما يدل على أن القلق ما زال موجوداً رغم استقرار مؤسسات الدولة، كما أن الشك فى قدرة الإخوان ود. محمد مرسى على تلبية احتياجات الشارع المصرى يزداد، فقد نجح «مرسى» فى تثبيت دعائم حكمه، لكنه أخفق -حتى الآن- فى تثبيت مكانته كحاكم قوى وديمقراطى ومستقل فى نفوس المصريين.. ولا تكاد تخلو جلسة إلا والجدل مستمر بين الناس؛ بعضهم يرى أن جماعة الإخوان المسلمين تسيطر على مصر وأن كل خطوات «مرسى» تتجه نحو تمكين الجماعة، التى لم تدرك حتى الآن أن مشاكل مصر لا يستطيع فصيل واحد حلها حتى لو كان بقوة وتنظيم «الإخوان المسلمين».. ويؤكد هؤلاء أن مفاصل البلد تتفكك وأن مؤسساتها غائبة وأن الحكومة «منظر» بدليل أن مستشار الرئيس هو الذى يتفاوض لإنهاء الإضرابات، وأن المؤسسة الوحيدة الفاعلة فى الحياة المصرية هى «مكتب إرشاد الجماعة» وأن حركة المحافظين انتخابية، بدليل أن سعد الحسينى ذهب كمحافظ لكفر الشيخ، وهى منطقة نفوذ المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى، ود. محمد على بشر إلى المنوفية، التى ذهب معظم أصواتها إلى الفريق أحمد شفيق، كما يرى هؤلاء أن الإخوان يعيدون إنتاج النظام السابق فى علاقتهم بأمريكا وتقييدهم للحريات. ولأن الحديث لا يحلو إلا بالجدل فإن الطرف الثانى فى الجلسات يتبنى رؤية أن المعارضين لمرسى يكرهون الإخوان بطبيعتهم، وأن الرئيس الجديد لم يحصل على فرصته بعد فى تحقيق برنامجه، وأن من حق الإخوان المسلمين إدارة البلاد طالما أن الشعب قد اختارهم عبر الانتخابات، وأن من يعارضونهم إما طالبو مناصب أو منافع أو حاقدون وجاحدون.. وأن عودة هيبة الدولة أساس للاستقرار، وأن العلاقات مع أمريكا ضرورية والاقتصاد المصرى بحاجة ماسة إلى القروض، وأن الليبراليين واليساريين والثوار لا يملكون سوى النقد فقط لا غير، وليست لديهم جذور قوية داخل القرى والنجوع، وأن ما يفعله مرسى لم يكن أحد يحلم به. وتستمر الجلسات والمناقشات والمنتديات والجدل الذى يصل أحياناً إلى نقطة اللاعودة فى ظل أحداث يومية يستخدمها كل فريق لتدعيم وجهة نظره مثل الإضرابات والمحاكمات وأداء الشرطة والخدمات ولا أحد يجد معياراً موضوعياً للحساب، حتى فكرة ال 100 يوم أفسدها أعضاء الإخوان فخرج منهم من يقول إنها بدأت مع اختيار حكومة د. هشام قنديل، وبعدها قالوا بعد استبعاد المشير والفريق، ثم خرج م. سعد الحسينى ليقول إنها ستبدأ مع اختيار المحافظين، وبالطبع استغل المعارضون هذه التصريحات ليؤكدوا أنها تعكس الاعتراف بالفشل. ورغم كل هذا الجدل يظل السؤال المحورى الذى لم يمل منه مواطنو المحروسة: «هى مصر رايحة على فين؟».