لا خلاف على أن المرحلة الانتقالية اتسمت بوجود ديمقراطية وصلت إلى حد الانفلات أحياناً.. وأن المرحلة الحالية تحاول إعادة عجلة الديمقراطية للخلف تحت دعوى معالجة الانفلات.. لكن المؤكد أن مصر فى المرحلتين الانتقالية والإخوانية افتقدت الديمقراطيين، بمعنى أن المؤمنين فى مختلف التيارات السياسية بقيم الديمقراطية ويمارسونها فى حقوقهم وواجباتهم قلة، رغم تنامى الوعى السياسى لدى الشعب المصرى بشكل عام. لقد أغرقنا «دعاة الديمقراطية» بنظريات لم يطبقوها فى الواقع، وعادة لا تنمو الديمقراطية إلا بالممارسة.. وكانت الفترة الانتقالية فرصة قوية لتثبيت دعائم الديمقراطية لكن للأسف فإن بعض المتشدقين بالديمقراطية فصّلوها على أنفسهم ومصالحهم دون أى احترام لحقوق الآخرين. أزمة الديمقراطية هى «لب» المشاكل فى الفترة المقبلة لأن الثورة قامت لإحداث تغيير حقيقى فى المجتمع المصرى أهمه من وجهة نظرى هو مبدأ تداول السلطة، وأعتقد أن ذلك هو التخوف الحقيقى لدى كثير من النخبة بل ورجل الشارع العادى من سيطرة الإخوان على الحكم، فمن حق د.محمد مرسى أن يعين من يريد سواء من إخوانه فى الجماعة أو مؤيديه فى الانتخابات طالما يتيح له القانون ذلك لكن يجب أن تكون مؤسسات الدولة مستقلة، خاصة الجيش والقضاء والشرطة والإعلام والخارجية وغيرها.. كما من حق المعارضين أن يضمنوا وجود آليات واضحة تكفل حقهم فى تداول السلطة دون أى دعم خارجى سواء من أمريكا أو من قبل أعضاء التنظيم الدولى للإخوان المسلمين ولنتذكر أن التونسى راشد الغنوشى جاء إلى مصر ليطلب من حمدين صباحى دعم مرسى فى جولة الإعادة وأن أردوغان تحدث عن ضرورة تسليم السلطة قبل إعلان نتيجة الانتخابات. المؤكد أن الأزمة الحقيقية مع الإخوان ومرسى تتمثل فى تداول السلطة خاصة أن ممارسات الجماعة تؤكد عدم إيمان أعضائها بالديمقراطية.. وبالتالى من حق م.سعد الحسينى أن يتحدث عن أن الديمقراطية هى أخونة الدولة لكنه نسى أو تناسى أن الإخوان جاءوا بعد ثورة لم يكونوا المبادرين بها ولا الفاعل الوحيد فيها وأنهم قبل أن يتولوا السلطة صدعوا رؤوس المصريين بكلام عن التوافق والحوار والمشاركة بل إنه لا يوجد فصيل واحد يستطيع إدارة مصر بعد الثورة لكن يبدو أن كل هذه التصريحات قد ذابت فى عرق السلطة.. والخوف أن الكلام عن الديمقراطية وتداول السلطة يذوب أيضاً فى عرق حشود الجماعة.