وسط الزحام بمحطة مترو الشهداء، تشق "أمنية" الفتاة العشرينية، طريقها إلى عربة السيدات يوميًا، مسددة نظرات تحمل نوعًا من التوجس نحو الرجال الذين يصطفون على الرصيف في انتظار قدوم المترو، خوفًا من التحرش. يوميًا تتعرض "أمنية" للتحرش، رغم ارتدائها نقابًا أسود اللون لا يظهر منه سوى عينيها، تقول: "لو كان اللبس هو السبب في التحرش طيب بيتحرشوا بيه ليه وأنا منتقبة"، الفتاة القاهرية أضافت أنها لم تجرؤ في أي مرة تعرضت فيها للتحرش على التقدم بشكوى "أخاف الموضوع يتقلب عليه ويتقال إن أنا اللي مش كويسة"، وفقًا لها، موضحة "مرة شفت راجل بيتحرش بواحدة ولما عنفته صرخ في وجهها.. انتي اللي بتبصي وعايزة تجيبيها فيا"، هكذا بررت الفتاة عدم التقدم ببلاغ ضد من يتحرش بها. أعمار المتحرشين، تتفاوت بين سن الطفولة وبداية الشيخوخة، "منة الله"، طالبة الألسن، تحصر مشكلة التحرش في الفئة العمرية بين 11 و12 عامًا "الأفلام الهابطة اللي ماليه البلد خلت العيال تتعلم كل التصرفات الوحشة"، وفقًا لها، أما "رشا"، فتنظر إلى الرجال فوق سن الأربعين نظرة اتهام، بالإقبال على أفعال التحرش بنسبة أكثر من غيرهم، فبحكم عملها بأحدي الهيئات الحكومية تشاهد في الذهاب والإياب تصرفات شاذة كونت لديها انطباع أسود تجاه الرجال الأربعينيين، تقول رشا "زحمة الركاب في المترو أوقات خروج الموظفين بيخلي حالات التحرش تزيد خاصة أن فيه محطات مقفول"، هكذا تفسر السيدة القاهرية أزمتها مع ظاهرة الترحش. "حالات التحرش انخفضت بنسبة 25% منذ تم تغليظ العقوبة على المتحرش مؤخرًا"، يقولها العميد رقية الصيفي، رئيس قسم حقوق الإنسان بهيئة النقل والمواصلات، مؤكدة أن أعداد أفراد الشرطة المنتشرين بمحطات المترو تضاعف بنسبة 40% وفقًا لخطة وزارة الداخلية. نفس الرأي ذهب إليه، مدير المباحث الجنائية بمترو الأنفاق، قائلًا إن الشرطة تنشر أفرادًا يرتدون الزي المدني بين ركاب المترو لضبط أي حالة تحرش تتعرض لها السيدات، سواء داخل العربات أو في المحطات، حسب كلامه.