التحليل البلاغي: كلمات براقة ومناورات بارعة "الخطاب الدبلوماسي" قد يكون هذا الوصف وصف طبيعيا لطريق الحوار التي يديرها عمرو موسي المرشح لرئاسة الجمهورية، طبقا لأستاذ البلاغة السياسية بكلية آداب القاهرة عماد عبد اللطيف أوضح عماد أن الخطاب الدبلوماسي يحاول بقدر ما عدم التماس والتصادم مع الأفكار المطوحة، ويحاول دائماً أن يخلق توافقات وتوازنات، ويضرب مثالا بحوار موسي مع يسري فودة، الذي اعتمد فيه موسي علي لفظة" نعم ولكن" التي كان يستخدمها دائما للمناورة، خاصة في الحديث عن علاقته بحسني مبارك. يتميز خطاب موسي بنبرات هادئة وصوت عميق والقدرة العالية علي المناورة والحوار، وهو أهم ما يميز خطاب عمرو موسي، في رأي أستاذ البلاغة. يقول عبد اللطيف أن "عمرو محاور يتسم بالبراعة الشديدة في إدارة حواره مع المذيع" ، مدركاً كيف يتم إرسال الرسالة التي يقصدها، مما يرسم صورة ذهنية جيدة لدي المتلقي، مؤكدا علي ما لدية من خبرة كبيرة في الحوار السياسي أثناء تقلده منصب وزير الخارجية وأمين الجامعة العربية. ويتمتع موسي بنبرة صوت "هادئة وعميقه"، مما يستخدم موسي جميع خلجاته، مستعينها بحركات اليد وتعبيرات الوجه للهيمنة علي الحوار، فيصنع حوارا مؤثرا. ويستطيع بسهولة التهرب من الأسئلة الشائكة دون إعطاء إجابات واضحة. الألفاظ البراقة التي لاتفصح عن موقف بعينه هو سلاح عمرو موسي في الهروب من الأسئلة المحرجة، فهو لايعطي جوابا حاسما أو قاطعا علي الإطلاق. "مثل هذة اللغة تجلب لدى البعض الكثير من الانتقادات ويعتقد البعض علي أنها محاولة لإخفاء النوايا الحقيقية وغياب للشفافية وغياب درجة كبيرة من المصارحة"، في رأي عماد. وأشار عماد إلي أن هذه الطريقة سهلت لموسى الدخول إلي قلوب المصريين أثناء توليه منصب وزير الخارجية، لكن علاقته الوثيقة بالرئيس المخلوع، وتصنيف البعض له على أنه جزء من النظام الذي قامت الثورة للخلاص منه يمثل عبئًا ثقيلا، ربما لا تستطيع براعة الكلام التخلص منه. هذا العبء يضعه دومًا في مأزق، فحين يدين النظام السابق يواجهه البعض بحقيقة أنه لم يقل ذلك إلا بعد سقوطه، وإن لم يدنه، يتهمه البعض بأنه كان جزءًا من هذا النظام، كما يؤكد عماد. التحليل النفسي: تناقض الظاهر بالباطن عيناه الزائغتان وحركات جسد غير منتظمة تدل علي تناقض حديثه عما بداخله، وهو بذلك شخص غير متسق مع ذاته، هكذا تصف أستاذة علم النفس منال زكريا المرشح الرئاسي المستقل عمرو موسي. تري منال أن موسي يحاول دائمًا أن يؤكد بتعبيرات جسدية علي التعظيم من ذاته ودوره، ويكاد يقول لمن يحاوره:من أنت؟"، يكثر موسى من استخدام سبابته محذرا محدثيه حينما يسمع أسئلة تزعجه، ويرجع بجسده إلي الوراء، لكن عندما يسمع كلاما يعجبه، يدفع بجسده كله للأمام في إشارة للراحة والرضاء عن الحوار. تقول منال إن موسي يحاول دائما أن يظهر بمظهر المرشح المحايد، ولكنه حياد شكلي، وبشكل خاصة عندما يتحدث عن النظام السابق، موضحةً أنه عندما يتحدث عن الثورة تخرج عنه تعبيرات لإظهار نوايا ايجابية تجاه الثورة و"لكنه ليس معها بشكل كامل" حسب قولها، وهذا يظهر من خلال تعبيرات اليد العدائية التي تناقض تأييده للثورة والثوار، علاوة علي اقترابه من المتحدث عند ذكر الثورة مما يدل علي توتر نفسياً. ورغم حنكة موسي كسياسي ودبلوماسي، فإن منال ترى أن استفزازه سهل، ويحتاج إلى مزيد من التدريب في الاتزان الانفعالي. تحليل المضمون:مصطلحات العهد القديم يري محمود خليل، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن خطاب المرشح الرئاسي عمرو موسي يتماهي مع أسلوب خطاب وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف، خاصة استخدامه لكلمات مثل "السيادة، الريادة، القيادة، البناء". يقول خليل إن خطاب موسي "استعلائي وفوقي باقتدار"، يظهر دائما كالمتفرّج الذي "ينظّر" في الحديث، ولا يتكلّم بموضوعية تلامس عقل المتلقّي. والهدف من هذه الطريقة في الحوار هي "تخدير الرأي العام"، علي حد قول خليل. يشن خليل علي خطاب موسي هجوما حادا، فهو يري أن موسى منفصل بصورة تامّة عن الواقع، ويهرب منه، "فشخص يتحدّث عن البناء والريادة، ويهمل المشاكل اليومية للشعب الذي لا يجد قوت يومه، هو شخص يسكن برج عاجي، بعيد عن الأرض". يظهر من حديث موسي خوفه من وصفه بالفلول، والذي يكتنف دائماً كل حوار يظهر فيه. يسعى أن ينفي عن نفسه باستمرار تهمة أنّه كان شريك أساسي في النظام السابق الذي يقوده مبارك. يقول خليل أن موسي دائم التملص من هذا الوصف بأن "يستدعي الخطاب عن الثورة العظيمة، والشباب الطاهر الذي قام بإحداث تغيير لم يسبق له مثيل في مصر، وإلى نهاية تلك المفردات التي يحاول أن ينصّب نفسه من خلالها رجلاً ثورياً". يطلق خليل علي أسلوب موسي أنه "مساج" يدلّك أحساسينا، ويدغدغ مشاعر العامّة، من خلال كلمات الثورة التي يكررها حتى باتت أشبه بالتنويم المغناطيسي، علي حد تعبيره. خطاب موسي مازال حبيس منصبه القديم كوزير خارجية، فأغلب كلامه يتطرّق به إلى العالم العربي والشرق الأوسط، أما أسلوب دعايته فيقترب من أساليب الدعاية لمجلس الشعب منها لرئاسة الجمهورية، فهو يعمل دائماً بمنطق "ابن الدايرة"، سواء عبر طريقته في الحوار التي يغلب عليها طابع المشرّع، وليس الجالس على كرسي رئيس الجمهورية، أو عبر أفعاله وذهابه لحضور أفراح، والجلوس على المقاهي والمشاركة في بعض الفعاليات الشعبية، وتوزيع هدايا عينية.