سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«العطش» فى الشرقية: قرى محرومة منذ سنوات.. وقرى ملوثة طوال اليوم «جزيرة الشافعى»: المياه تصلها ساعتين فقط أيام الشتاء.. والأهالى يلجأون للنيل وسيارات بيع المياه
ربما يرهقك انقطاع المياه عن منزلك ساعة أو ساعتين بسبب أزمة الكهرباء حالياً، ولعل أكبر كوابيسك إذا انقطعت يوماً، لكن الكابوس الذى تخشاه أنت، يعانى عشرات الآلاف من أهالى الشرقية مما هو أسوأ منه، فهناك قرى لا تصلها المياه نهائياً فى الصيف وتصلها ساعتين فقط فى الشتاء، وقرى لا تكاد تصلها المياه منذ سنين، وأخرى تصلها مياه غير صالحة للشرب. «الوطن» رصدت معاناة قرى العطش فى الشرقية، ورحلة المواطنين للحصول على قطرة مياه، سواء بشراء جراكن المياه مقابل جنيهين للجركن سعة 10 لترات، أو المشى كيلومترات حاملين الجراكن للحصول على المياه، وأخيراً اللجوء لمياه النيل والترع. وبعد رحلة مرهقة، داخل سيارة نصف نقل مكشوفة، هى وسيلة المواصلات الوحيدة، وصلت محررة «الوطن» قرية جزيرة الشافعى التابعة لمركز أولاد صقر، التى يعيش فيها ما يقرب من 15 ألف نسمة. وعلى مدخل القرية التى يفصلها 20 كيلومتراً عن مدينة أولاد صقر، توجد حجرة مغلقة بداخلها موتور، مهمته الوحيدة توصيل وضخ المياه للمنازل، إلا أن الصدأ الذى احتل «قفل الباب»، حسم القضية: لا مياه فى القرية منذ سنين. يقول محمد الجمل، محام وأحد الأهالى، إن مشكلة انقطاع المياه تعود منذ دخولها القرية فى عام 2005، بعد توصيل المواسير منذ التسعينات، مضيفاً أن المياه تأتى من وحدة الرفع بقرية «زور أبوالليل»، ولا تصل إلا نادراً، ولساعتين فقط ليومين بالأسبوع فى فصل الشتاء، وتكون غالباً من الساعة ال12 ليلاً حتى الساعة ال2 صباحاً، أما فى فصل الصيف، فلا تصل المياه أبداً، ما يضطر الأهالى للاعتماد على مياه «الطلمبات الحبشية» التى ترتفع بها نسبة الأملاح. وأوضح أنه يصطحب معه جركنين يومياً لتعبئتهما بالمياه من مكتبه بمدينة أولاد صقر، لاستخدامهما للشرب فى منزله. وقطع الرجل كلامه مشيراً إلى عشرات الأهالى من نساء وأطفال وعجائز، وهم يهرولون حاملين جراكن المياه، متحدين حرارة الجو، ليقفوا طابوراً أمام عربة كارو تحمل جراكن لبيعها، مقابل جنيهين للجركن الواحد. تقول نادية محمد مصطفى، 38 عاماً، ربة منزل: «أول ما بنلمح أى عربية بتبيع جراكن المياه بنجرى عليها، وصحيح إحنا كلنا أهل بس ساعتها مفيش حد بيعرف التانى، واللى ميلحقش يشترى هيضطر يقطع مسافات كبيرة عشان يجيب جركن ولا اتنين وأنا مثلاً بمشى حوالى 2 ولا 4 كيلو لحد ما أوصل لأى قرية قريبة». والتقط، أحمد محمد السيد، فلاح، 35 عاماً، طرف الحديث قائلاً: «كل يوم باخد عربية كارو، و10 جراكن لينا وللجيران، وأذهب لقرية البكارشة التابعة لمركز صان الحجر، التى تبعد عنا 4 كيلومترات، وبروح للناس أخبط على الباب وأستأذنهم يملوا الجراكن وفى اللى بيرضى واللى مبيرضاش». وفى قرية إبراهيم حسن، التى تبعد عن جزيرة الشافعى، 30 كيلومتراً، وتقع على حدود محافظة الشرقية مع الدقهلية، قال على المهدى، أحد الأهالى إن المياه مقطوعة عن القرية منذ عام، مضيفاً: «لجأنا للاعتصام أكثر من مرة حتى تم تزويد القرية بموتور لرفع المياه، وبنينا غرفة لوضع الموتور بها بتكلفة 6 آلاف جنيه على نفقتنا الخاصة، وفوجئنا بأن الموتور مستعمل، وتعطل أكثر من مرة وأصلحناه على نفقتنا، حتى قطعت الكهرباء عن الموتور بحجة تراكم الفواتير المستحقة لشركة الكهرباء والتى تصل ل162 ألف جنيه ورفض شركة المياه تسديدها». وتابع: اضطررنا لشراء مياه الشرب فى جراكن بسعر 2 جنيه للجركن سعة 10 لترات، واستخدام مياه النيل فى الأعمال المنزلية مثل الطهى وغسيل الملابس والأوانى، ورغم أن المحافظ الدكتور سعيد عبدالعزيز، وعدنا أكثر من مرة بحل المشكلة، إلا أن أياً من وعوده لم يتحقق. الوضع لم يختلف كثيراً فى قرية جزيرة عليوة، فقد قدم عشرات الأهالى شكاوى جماعية للمهندس صلاح عبدالحى مدير شبكة مياه الشرب والصرف الصحى بالحسينية، للتضرر من عدم وصول مياه الشرب لأكثر من 70% من المنازل، منذ 3 أشهر. وفى مدينة الحسينية، اشتكى الأهالى من تلوث مياه الشرب، وقال أسامة عبدالله، موظف، إن المياه متوفرة ولكنها ملوثة حيث تحتوى على نسبة تتجاوز 25% من الأتربة والرمال، ما يضطر الأهالى لشراء مياه الشرب بالجراكن. من جانبه، قال الدكتور سعيد عبدالعزيز، محافظ الشرقية إن المحافظة وضعت خطة عاجلة تشمل خريطة وتوصيفاً كاملاً لجميع مشروعات مياه الشرب والصرف الصحى الحالى، لتنفيذها على أرض المحافظة بهدف رفع معدلات الإنجاز وإعطاء دفعة قوية لسرعة الانتهاء من مشروعات هذا القطاع الحيوى. وتابع أن المحافظة ستنفذ عدداً كبيراً من مشروعات الشرب والصرف الصحى، بعد حصولها على مبلغ 15 مليون جنيه كمرحلة أولى من البنك الدولى، موضحاً أنه سيتم تنفيذ مشروعات صرف صحى فى 5 قرى، بالإضافة إلى إنشاء محطتى معالجة، وقال إن المحافظة ستقوم فى المرحلة الثانية بتنفيذ مشروعات ب60 مليون جنيه، تضم مشروعات صرف صحى فى 16 قرية بالإضافة إلى 4 محطات معالجة. وأشار إلى أنه وقع عقداً تكميلياً لتوصيل مياه الشرب فى بعض القرى المحرومة من المياه مع الصندوق الاجتماعى للتنمية بمنحة مقدمة من الصندوق قدرها (1.2) مليون جنيه.