تصاعدت تداعيات موجة الغضب العارمة التى تجتاح البلدان العربية والإسلامية على خلفية نشر فيلم مسىء للنبى محمد «صلى الله عليه وسلم»، وسط استمرار المحاولات من الدول الكبرى لاحتواء الغضب والسعى لإيجاد مخرج لتلك الأزمة المتفاقمة، فيما بدأ التحقيق أمس مع الرجل الذى يشتبه فى أنه مخرج الفيلم فى ولاية كاليفورنيا. ففى اليمن، استمرت الاحتجاجات لليوم الثالث على التوالى أمام السفارة الأمريكية، الأمر دفع السفارة الأمريكية إلى إعلان وقف خدماتها القنصلية وتحذير رعاياها من الاقتراب من محيط السفارة الذى من المتوقع أن يشهد مزيداً من التصعيد، بعد حث تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب على تصعيد احتجاجاتهم وقتل مزيد من الدبلوماسيين الأمريكيين فى الدول الإسلامية. وفى تركيا، تظاهر مئات الأشخاص أمام السفارة الأمريكية، وأحرقوا الأعلام الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية وطالبوا بطرد سفرائهم من إسطنبول. وفى أستراليا، اشتبك مئات المحتجين فى سدنى مع الشرطة أمام مقر السفارة الأمريكية بعد محاولات منهم لقذف السفارة بالزجاج والطوب. أما عن السودان، أكد مسئول أمريكى، أمس، أن فريقاً من قوات مشاة البحرية الأمريكية «مارينز» يتجه إلى الخرطوم فى أعقاب العنف والتظاهرات ضد سفارة بلاده، لتنضم بذلك إلى قوات المارينز إلى وصلت إلى اليمن وليبيا. وفى أفغانستان، أعلنت حركة طالبان، أمس، تبنيها هجوماً على قاعدة كامب باستيون التابعة لحلف شمال الأطلسى «الناتو» انتقاماً من الفيلم المسىء للإسلام، الهجوم الذى أسفر عن مقتل جنديين من قوات مشاة البحرية الأمريكية. وفى الجزائر، قامت السلطات هناك برفع حالة التأهب لمواجهة أى تصعيد للاحتجاجات ضد مقار الهيئات والشركات الأجنبية. وفى ماليزيا ذات الأغلبية المسلمة قامت السلطات الحكومية بتكثيف دورياتها الأمنية حول السفارة الأمريكية وسط حشود مناهضة للولايات المتحدةالأمريكية. وفى إندونيسيا خرج أمس مئات المتظاهرين احتجاجاً على الفيلم المسىء. وفى خطوة لاحتواء الغضب، دعت السلطات النرويجية إلى صياغة تشريع جديد يحظر بث الإساءات على شبكة الإنترنت وتشديد العقوبة على الأشخاص الذين ينشرون مواد من شأنها الإساءة إلى شخص أو إلى مجموعة على أساس عرقى أو دينى أو جنسى. فيما أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن «قلقها الشديد» حيال أعمال العنف المستمرة فى العالم العربى، داعية جميع الأطراف إلى الهدوء والتفكير من أجل حل الأزمة. واعتبرت إيران إنتاج الفيلم المسىء جزءاً من مشروع لنشر «الإسلاموفوبيا» فى العالم، حيث أكد المبعوث الإيرانى لدى الأممالمتحدة محمد خازى أنه «لو كانت البلدان الغربية والولايات المتحدة قد أظهرت جميعها رد فعل جدياً جراء تدنيس المقدسات الدينية، لم نكن لنشهد مثل هذه الإهانة الأخيرة». ومن جانبه، طالب الاتحاد الأوروبى قادة الدول العربية والإسلامية ب«الدعوة فوراً» إلى «السلام وضبط النفس وضمان أمن الدبلوماسيين»، فيما أدان مجلس الأمن بإجماع أعضائه أعمال العنف، معتبراً إياها ب«غير المبررة». وفى ذات السياق، دعا أمس بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر من لبنان إلى استئصال «الأصولية الدينية»، ونبذ الانتقام والاعتراف بالأخطاء. وفى تونس، ندد الرئيس المؤقت المنصف المرزوقى، مساء أمس الأول، بأحداث العنف التى اندلعت قرب مقر السفارة الأمريكية فى الوقت الذى ارتفع فيه عدد القتلى إلى أربعة، مطالباً الحكومة بتحمل مسئولياتها الأمنية وصورة البلاد فى الخارج. وأضاف المرزوقى أن «استفزازات» المجموعات الدينية المتشددة فى بلاده «قد تجاوزت الخط الأحمر»، متوعداً إياهم بالمواجهة. وفى ولاية كاليفورنيا الأمريكية اصطحب مسئولو تطبيق القانون فى مدينة سيريتوس، أمس، الرجل الذى يشتبه بأنه مخرج الفيلم المسىء للإسلام نيقولا باسيلى الذى اندلعت على أثره تلك الاحتجاجات، من منزله إلى مركز عمدة المدينة للتحقيق معه. وذكرت شبكة «إن بى سى» الأمريكية أن عناصر تطبيق القانون كانت تراقب منزل باسيلى منذ 48 ساعة ونقلت الشبكة عن ستيف وايتمور المتحدث باسم عمدة مقاطعة لوس أنجلوس قوله «تم الانتقال بنقولا إلى مركز عمدة سيريتوس لمقابلة ضباط إطلاق السراح المشروط الفيدراليين». وكانت تقارير قد أفادت بأن نقولا مدان بقضية احتيال وحكم عليه بدفع 790 ألف دولار كتعويض وبالسجن 21 شهراً، كما صدرت ضده أوامر بعدم استخدام جهاز الكمبيوتر أو الإنترنت لمدة خمس سنوات من دون الحصول على موافقة مراقب السلوك، إلا أن مراقبين توقعوا عدم معاقبته بسبب الفيلم بسبب الحريات التى يضمنها الدستور. الأمر الذى تناولته صحيفة «تليجراف» البريطانية أمس قائلة إن مخرج الفيلم المسىء للنبى محمد وهو سجين سابق تحت المراقبة وقد يعود إلى السجن مرة أخرى لا نه انتهك شروط الإفراج عنه بتوزيع الفيلم. وأضافت الصحيفة قائلة إنه أدين بحيازة المخدرات والاحتيال فى وثائق بنكية. فيما أعلن وزير الدفاع الأمريكى ليون بانيتا «يجب أن نكون مستعدين لفرضية خروج هذه التظاهرات عن السيطرة»، ولم يقدم مزيداً من الإيضاحات.