خريطة مصر لم تعد كسابق عهدها، ففي كل مرحلة سياسية، يضفي عليها الرؤساء لمساتهم السحرية إما بالتمدد أو الاقتطاع، ولكل منهم أسبابه الخاصة في ذلك، بداية من الرئيس الأسبق مبارك، الذي عدل الحدود الإدارية للمحافظات، باستحداث محافظتي حلوان و6 أكتوبر، لتسهيل قيد الناخبين في قوائم الانتخابات، ليأتي المجلس العسكري بعد الثورة، يدرس قرار إلغاء المحافظتين، دون أن يبت في الأمر بشكل قاطع، لدراسة جدوي إعادتهما إلي القاهرة والجيزة، ثم يقرر الرئيس المعزول مرسي، إعادة حلوان إلى أحضان القاهرة، والإبقاء على محافظة 6 أكتوبر. نظرة الرؤساء السابقين لخريطة المحافظات المصرية لم تتغير، فانتقلت طريقة تفكيرهم بشكل مباشر لمرشحي الرئاسة عبر برامجهما الانتخابية، التي وضعها خبراء ومستشارون وفقا لمنظور كل منهما، اذ يدعو صباحي إلى ضرورة تقسيم المحافظات بخط عرضي جديد بحيث يكون لكل محافظة ظهير صحراوي، فيضع المرشح عبدالفتاح السيسي خطة مماثلة، لضمان تقسيم مصر إلى 33 محافظة، علي أن تكون سيناء ثلاث محافظات "شمال، ووسط، وجنوب"، بالإضافة إلى محافظات جديدة يتم إدراجها لأول مرة، وهى العلمين، والواحات، وسيوة، ما يضمن الحفاظ علي الامكانيات السياحية، حسب الخبير التنموي الدكتور قدري الكاشف الذي أكد أن "هناك مخطط استراتيجي للتنمية الإدارية والعمرانية على مستوى مصر، المكونة من 7 اقاليم تخطيطية، متجانسة هي القاهرة الكبري، والاسكندرية، ومرسي مطروح، وقناة السويس، وشمال ووسط وجنوب سيناء، والبحر الأحمر، ويضم كل إقليم 3 محافظات". وحرص صناع القرار في مصر على إعادة تقسيم الخريطة المصرية، لم يكن لأسباب تنموية بحتة، فمن منظور تنموي حسب الكاشف، عدد السكان في مصر حوالي 100 مليون نسمة، يتركز حوالي 96 % منهم في مساحة 6 %، ما يلزم إعادة التخطيط الإداري، وإن كان ذو سلبيات عديدة "إعادة التقسيم له مساوئ كبيرة أيضا، فرؤية كل رجل دولة للخريطة المصرية، قد تعزز فكرة المركزية في القاهرة والإسكندرية، فضلا عن الاستناد إلى دراسات وبيانات صحيحة".