سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الوطن » تقترح مشروعاً جديداً لتقسيم الدوائر الانتخابية: 100 دائرة للفردى.. و47 للقوائم.. و510 أعضاء لمجلس النواب تخفيض نسبة عدم العدالة فى توزيع النواب من 79 إلى 14 نائباً وخفض الاختلالات فى تمثيل الأصوات من 5.5 مليون إلى مليون و100 ألف
بدأت يوم الخميس الماضى أعمال لجنة تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية وانتخابات مجلس النواب وتقسيم الدوائر الانتخابية، والمكلفة بإعادة صياغة مواد هذه القوانين للتوافق مع الدستور الجديد المستفتى عليه فى يناير 2014، تمهيداً للانتقال للمرحلة الثالثة من خريطة الطريق، الخاصة بالانتخابات البرلمانية، وعلى التوازى مع أعمال اللجنة نظم المجلس القومى لحقوق الإنسان أمس ورشة عمل شارك فيها ممثلون عن الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى المختلفة، وخلال الورشة شاركت «الوطن» فى هذه القضية الحيوية، وعرضت على المشاركين بالورشة مشروعاً لتقسيم الدوائر الانتخابية، يتميز بتوافقه مع نصوص الدستور الجديد، وتفادى العيوب الدستورية التى اتسمت بها مشروعات القوانين السابقة التى جرت مناقشتها خلال فترة حكم الإخوان، وقضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريتها فى ذلك الوقت، وإسهاماً من «الوطن» فى توسيع نطاق الحوار المجتمعى الخاص بهذه القوانين المهمة، وإثراء المناقشة حولها، وخاصة فيما يتعلق بقضية تقسيم الدوائر الانتخابية، تنشر «الوطن» ملخصاً وافياً للمقترح الذى قدمته خلال الورشة، وذلك كجزء من دورها التنويرى والوطنى فى هذه المرحلة المهمة من تاريخ البلاد. ومن الناحية الإجرائية والتفصيلية، توجد عدة معايير يتعين الالتزام بها عند وضع مشروع أو طريقة أو آلية لتقسيم الدوائر الانتخابية، وهذه المعايير نابعة من طبيعة العملية الانتخابية نفسها من النواحى الفنية، ومن القيم أو المبادئ المنصوص عليها فى الدستور والقوانين الأخرى المنظمة للمشاركة السياسية، وفى مقدمتها قانون مباشرة الحقوق السياسة، ويمكن تلخيص هذه المعايير فيما يلى: 1- أن تضم كل دائرة انتخابية العدد المناسب من الوحدات الإدارية الكاملة الكيان ودون تجزئة. 2- التجاور الجغرافى للمكونات الإدارية لكل دائرة فردية. 3- تجاور الدوائر الفردية المكونة لدوائر القوائم وتوحيد المقار الانتخابية للدوائر الفردية ودوائر القوائم، بما يسمح بإجراء العملية الانتخابية بسلاسة عند الأخذ بالنظام الانتخابى المختلط. 4- تقسيم الدوائر الانتخابية بما يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات. 5- مراعاة النظام الانتخابى «ثلث فردى وثلثان قائمة». 6- مراعاة نسبة العمال والفلاحين. 7- أن يتم الاستناد فى التقسيم إلى أحدث البيانات الانتخابية المتاحة بقاعدة بيانات الناخبين. 8- أن يتم بناء التقسيم بطريقة تتوافق مع طريقة تصنيف وتوزيع البيانات الأولية بقاعدة بيانات الرقم القومى. المشروع الإخوانى غير دستورى الجدير بالذكر أن تنظيم الإخوان وحلفاءهم أثناء وجودهم بمجلس الشورى الأخير فى فبراير 2013 وضعوا مقترحاً انتخابياً قبل أن يلغى بنص الدستور الجديد مشروعاً لتقسيم الدوائر الانتخابية، يأخذ بالنظام الانتخابى المختلط، الفردى والقائمة، وبمقتضى هذا المشروع زاد عدد نواب البرلمان ب 48 نائباً، ليصبح 546 نائباً بدلاً من 498 نائباً، وقسم مصر إلى 84 دائرة فردية، و48 دائرة قوائم حزبية، وعند تحليل ومراجعة هذا المشروع اتضح أنه اعتمد على معايير غير دستورية فى تقسيم الدوائر هى: 1- وضع حد أدنى للتمثيل بواقع نائبين لدوائر الفردى و4 نواب لدوائر القوائم، بغض النظر عن عدد السكان الموجود فى الدائرة. 2- الأخذ بمبدأ الحفاظ على الحق المكتسب لكل محافظة ونصيبها من عدد النواب، حتى لو كان مخالفاً لقواعد التمثيل العادل للناخبين كما ينص على ذلك الدستور. 3- التمييز الإيجابى للمحافظات الحدودية، حتى لو كان مخالفاً لقواعد التمثيل العادل للناخبين. وقد أدى الأخذ بهذه المعايير إلى وجود 79 نائباً داخل هذا التقسيم سيتم انتخابهم استناداً إلى قواعد غير عادلة من حيث تمثيل الناخبين، حيث سيمثل نصف هؤلاء أو ينوبون عن عدد من المواطنين أقل من المطلوب، بينما النصف الآخر ينوب عن مواطنين أكبر من المتوسط العام المطلوب، وإحصائياً أمكن ملاحظة أن هناك 5 ملايين و466 ألفاً و747 ناخباً فى دوائر الفردى سيتم تمثيلهم نيابياً وفق توزيع غير عادل، فى حين يصل الرقم فى دوائر القائمة إلى مليون و431 ألفاً و952 ناخباً. ويعد هذا الأمر مخالفة دستورية صريحة، لأن نصوص الدستور الجديد خلت من أى استثناء يقنن أو يقر بالتمييز الإيجابى لصالح المحافظات الأقل سكاناً، ولم ينص على أى استثناء يبرر الإبقاء على مخالفات توزيع النواب بالزيادة والنقص تحت دعوى الحقوق المكتسبة، مما يجعل مشروع القانون متعارضاً بصورة صريحة مع نصوص الدستور التى تقضى بتقسيم الدوائر تقسيماً عادلاً يراعى التمثيل العادل للناخبين. وبتحليل توزيعات النواب على المحافظات وتقسيم الدوائر على الناخبين، وجدت مظاهر عديدة لاختلال التوزيع وعدم العدالة بصورة واضحة، حيث ظهرت اختلالات بالزيادة والنقص فى عدد نواب كل محافظة بدوائر الفردى والقوائم وإجمالى العدد، كما ورد فى المشروع، حيث اتضح أن هناك مجموعة من المحافظات تعانى من نقص فى حصتها من النواب يبلغ 40 نائباً، ومجموعة أخرى من المحافظات حصلت على زيادة على حصتها من النواب قدرها 39 نائباً، مما يجعل هناك 79 مقعداً بالبرلمان سيحصل عليها أصحابها استنادا إلى نسب توزيع غير عادلة وفى غير محلها. 4- ظهرت اختلالات فى نسب تمثيل النواب للناخبين بدوائر الفردى الواردة فى المشروع، وتصل هذه الاختلالات إلى ذروتها فى جنوبسيناء، حيث يقل عدد الناخبين لكل نائب بنسبة 88% عن المعدل المتوسط، ويزيد عدد الناخبين لكل نائب على المعدل المتوسط بنسبة 54% بدائرة المنتزه أول بالإسكندرية، فيما تعانى باقى الدوائر من اختلالات بدرجة أو بأخرى. 5- ظهرت بالمشروع اختلالات فى نسب تمثيل النواب للناخبين بدوائر القوائم الواردة فى المشروع، وهذه الاختلالات لا تختلف كثيراً عما هو موجود فى دوائر الفردى. 6- ظهرت بالمشروع اختلالات فى الحصة الإجمالية المحسوبة بالنسبة المئوية لكل محافظة بمجلس النواب، حيث لوحظ أن هناك محافظات مظلومة بشكل واضح، ومحافظات حصلت على أكثر من نصيبها. مقترح لتقسيم دستورى أقرب للمثالى: من أجل تلافى العيوب الدستورية التى ينطوى عليها المشروع القائم منذ مجلس شورى الإخوان وما قبله حتى الآن، تم تصميم المشروع المقترح لتقسيم الدوائر الانتخابية استناداً إلى معايير تحقق العدالة والمساواة بين جميع الناخبين فى كل المحافظات بلا استثناء وبلا أى نوع من التمييز، وبما يتوافق مع المادة رقم «102» من دستور 2014، التى تنص على «ويبين القانون شروط الترشح الأخرى ونظام الانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية بما يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات والتمثيل المتكافئ للناخبين، ويصل إجمالى عدد الدوائر فى هذا المشروع إلى 100 دائرة للفردى، و47 دائرة للقوائم، ينتخبون 170 نائباً عن الفردى و340 نائباً عن القوائم، بإجمالى 510 نواب، ويصل متوسط عدد الناخبين الذين يمثلهم النائب الفردى إلى 301955.12 ناخب، ومتوسط عدد الناخبين الذين يمثلهم نائب القائمة إلى 150977.5 ناخب، ويمكن تفصيل هذه التركيبة فى المشروع على النحو التالى: أولا فيما يتعلق بالتمثيل العادل للناخبين: يطبق هذا النموذج معيار تمثيل الناخبين بصورة موضوعية وإحصائية تتوخى المساواة التامة والمطلقة بين المواطنين بلا تمييز من أى نوع، ومن ثم فهو يلغى التعامل مع المعايير أو الاعتبارات المتعارضة مع الدستور وهى: أ- لا يأخذ بمبدأ وضع حد أدنى لا يجوز النزول عنه فى عدد النواب الممثلين لكل دائرة، وهو المبدأ الذى يحدد نائبين لدوائر الفردى و4 لدوائر القائمة، بل يخفض الأعداد إلى الحد الأدنى القابل للاستخدام إحصائياً وعملياً وهو نائب واحد لدائرة الفردى ونائبان لدائرة القائمة تنفيذاً للنظام الانتخابى المطبق بنسبة ثلث للفردى وثلثين للقائمة، ويطبق ذلك على جميع دوائر الجمهورية بلا استثناء. ب- لا يأخذ هذا المشروع بمبدأ الحقوق المكتسبة للمحافظات، ويعيد توزيع النواب على أساس النسبة من السكان أو الناخبين بصورة موضوعية مطلقة لا تضع أى اعتبارات بالوضع السابق أو القائم. ج- لا يأخذ هذا المشروع بمبدأ إعطاء أفضلية أو تمييز إيجابى أو استثناء لأى دائرة أو منطقة جغرافية بالجمهورية، بما فى ذلك المحافظات الحدودية وسيناء، ويعامل كل المحافظات على قاعدة المساواة المطلقة، لأنه لم ترد بالدستور أية نصوص تمنح أى منطقة أو محافظة استثناءات خاصة فيما يتعلق بتمثيلها فى البرلمان. وقد ترتب على هذا الأمر أن المشروع حقق المزايا التالية التى يتفوق بها على ما عداه: 1- التوافق التام مع النظام الانتخابى من حيث نسبة الثلث والثلثين للفردى والقائمة على التوالى، على مستوى الدوائر والمحافظات معاً بدون اختلالات. 2- الحفاظ على العدد الإجمالى لأعضاء مجلس النواب كما هو، مع زيادة طفيفة للغاية تصل إلى 12 نائباً فقط، 4 فى الدوائر الفردية و8 فى دوائر القائمة، ليصبح إجمالى عدد أعضاء المجلس 510 نواب فقط بدلاً من 546 نائباً كما هو الحال فى مشروع الحكومة الذى وافق عليه مجلس الشورى. 3- تحقيق أعلى مستوى ممكن من العدالة فى نسب تمثيل النواب للناخبين، حيث يصل مستوى الانحراف عن المتوسط الإحصائى العادل المطلق إلى مليون و136 ألفاً و264 ناخباً على مستوى الجمهورية فى دوائر الفردى، و886 ألفاً و486 ناخباً فى دوائر القائمة، وفى حالة المشروع الذى وافق عليه مجلس الشورى يصل هذا المعدل إلى 5 ملايين و466 ألفاً و747 ناخباً فى دوائر الفردى، ومليون و431 ألفاً و952 ناخباً فى دوائر القائمة، ويظهر هذا الفارق أن المشروع الذى وافق عليه مجلس الشورى يحيد عن المعايير الموضوعية ومستوى العدالة المطلوب بضعفين على الأقل. 4- تحقيق أعلى مستوى من العدالة فى توزيع أعداد النواب على الدوائر، حيث يتراوح مستوى الحيود أو الانحراف عن المعدل الإحصائى المطلق بين 1 إلى 2 نائب على مستوى جميع الدوائر فى الفردى والقائمة، ويصل إجمالى الحيود والانحراف فى العدد لتوزيع النواب على الدوائر إلى 14.5 نائب فقط على مستوى الجمهورية، وينتج هذا الحيود أو الانحراف عن معالجة الكسور العشرية فى المعادلات الإحصائية، وضبط نسبة الثلث والثلثين فقط دونما تأثير على نسب تمثيل العضو للناخبين، بعكس المشروع الذى وافق عليه مجلس الشورى والذى يصل إجمالى الحيود والانحراف فى عدد النواب الموزعين بغير عدالة إلى 79 نائباً، تارة بحرمان بعض المحافظات من حصتها العادلة من النواب، وتارة بمنح بعض المحافظات أعلى من حصتها العادلة.