لم تتعدّ سنوات عمرها ال30، لكنها خاضت رحلة روحانية خاصة جدا، كثيرا ما يستغرق البعض أعمارهم كاملة دون أن يصلوا إلى منتهاها، «ماريا» التى أصبحت بعد إسلامها «مريم»، فتاة إيطالية مرحة، لها ابتسامة آسرة ووجه جميل وروح متمردة تسعى إلى الخلاص والوصول إلى الحقيقة أينما كانت، أخذت طرف الخيط من إيطاليا وتتبعته إلى مصر وصولا إلى قبرص، ومنها إلى العالم، وفى رحلتها اكتشفت الفتاة معانى جديدة للتدين والعبادة والإله المعبود. «أتمنى أن تكون قصتى الروحية ملهمة لمن يقرأها، ممن يريدون أن يتذوقوا معنى الإسلام ويجربوه بطريقة مختلفة عن تلك التى يسوّق لها البعض، من يريدون أن يتقبلوا هذا الدين بقلب مفتوح على مصراعيه».. هكذا بدأت مريم حديثها عن تجربتها، هى تؤمن بفكرة تناسخ الأرواح، وتؤمن أنها فى حياة ما سابقة كانت تعيش كعابدة متصوفة، فى العالم العربى، قادها حنينها إلى العالم العربى وما فيه إلى اتخاذ قرار بالزواج من رجل تونسى مسلم.. «ظللت متزوجة لسنوات لكنى لم أعتنق الإسلام قط، كنت أؤمن أنه دين متشدد يبقى المرأة تحت السيطرة والقهر، ويحرص على ألا تكون مثقفة». لم تلبث «مريم» أن وقعت فى حب فتى مصرى، يعمل فى فرقة للفنون الشعبية، يقدم من خلالها عروض تنورة فى إيطاليا، تقول: «بمجرد أن رأيته يدور فى رقصة التنورة انفجر قلبى بالحب، أخذت أبحث عنه فى كل مكان، لعلنى أستطيع أن أعثر على الدرويش الذى خطف قلبى، كان الأول والوحيد الذى استطاع أن يغير معتقداتى.. قال لى إنه باستطاعتى الدوران حتى لو كنت امرأة، لم أصدقه، فأخذنى معه إلى درس، ودرست معه درسا واحدا عن التنورة، عرفت خلالها معنى الصفاء والنقاء وكيف يمكن لإنسان يدور تحت ضوء الشمس أن يسمو ويتحول إلى شىء نورانى، عدت بعدها مباشرة إلى إيطاليا، وبدأت أبحث عن الصوفية فى كل أنحائها، وعقب شهر وجدت اجتماعا لبعض المتصوفة بجوار مدينتى، ذهبت إلى هناك، فوجدت نفسى فجأة فى قلب «حضرة» لمريدى الطريقة النقشبندية، فأخذت أذكر الله معهم، كان الكل مسلمين إلا أنا، لكنى رددت معهم الله أكبر الله أكبر، وكلمات إسلامية أخرى عن الله، وذهبت لشيخ الطريقة قلت له: أود أن أكون صوفية مثلك، فقال لى: «أهلا، إن شاء الله ستكونين على الطريق الصوفى قريبا، فقط اركضى فيه»، لكنى كنت خائفة للغاية، اعتقدت أنه كى أصبح صوفية علىّ أن أصبح مسلمة أولاً، لكنهم لم يطلبوا منى هذا، لذا وعقب شهر ذهبت إلى لقاء آخر مع بعض المتصوفة، فى توسكانى، يومها اعتنقت الإسلام، واتصلت بشيخ الطريقة النقشبندية الصوفية، مولانا الشيخ، الذى يعيش فى قبرص، تتخطى سنوات عمره ال90، علمنى كيف يكون حب الناس وحب الله، أصبح اسمى «مريم»، لن أنسى قط شعور أن تصبح مسلما، هذا الدين الذى لم أتقبله قط، وقعت فى حبه عبر التصوف.