بداية أحب أن أنوه باختلافى مع الفنانة إلهام شاهين فى وجهات النظر السياسية.. وقد يكون اختلافنا اختلافا جذريا، خاصة فى وجهة نظر كل منا فى شخصية مبارك وأسرته وفترة حكمه.. لكن، كما تعلمنا من أبجديات الحياة، الاختلاف لا يفسد للود قضية.. وبعيداً عن مبلغ احترامى لها كفنانة مثقفة وذات وعى وموهبة ودائماً فى حالة اجتهاد.. فمن وجهة نظرى ومن وجهة نظر أى إنسان يحترم الحريات، خاصة حرية إبداء الرأى، فإن الفنانة إلهام شاهين لم تخطئ حين عبرت بشجاعة «تُحسد عليها» عن وجهة نظرها وعن آرائها السياسية.. فعندما تعلن عن تعاطفها مع الرئيس المخلوع غير المأسوف عليه مبارك، فهذه وجهة نظرها التى لا بد أن تُحترم ولا تقابل بتجريح وهتك أعراض.. وعندما تعلن عن تخوفها من حكم التيار الإسلامى وحكم المشايخ فالملايين غيرها يعلنون ذلك، ولا تستحق، عن إعلان تخوفها من حكم هؤلاء، التجريح وهتك الأعراض.. وحتى عندما كانت تعلن تأييدها لشفيق فى انتخابات الرئاسة فأقل من نصف الشعب المصرى بقليل كانوا يؤيدون شفيق.. وعندما تعلن تخوفها من حكم الإخوان فالملايين مثلها متخوفون من حكمهم.. إذن فلم تخطئ إلهام شاهين، بل مارست حقها فى حرية الرأى، وحرية الرأى ليست حكراً على رجال الدين والمشايخ، بل هى حق أصيل للتسعين مليون مصرى الذين منهم إلهام شاهين وجموع الفنانين والمبدعين.. وقد ذُهلت وصدمت صدمة مهولة حينما شاهدت واحداً من المفترض أنه رجل دين وأستاذ بجامعة الأزهر يتلقى على يديه الآلاف من الطلاب العلم وتستضيفه البرامج التليفزيونية فيأخذ منه الملايين ما يتعلق بأمور دينهم.. صُدمت وأنا أشاهده يشن هجوماً غير أخلاقى على الفنانة إلهام شاهين (لآرائها السياسية) وعلى الفن والإبداع وجموع الفنانين والمبدعين.. ولهذا الرجل أقول وأتساءل: هل من الإسلام فى شىء أن تهتك عرض إنسانة وتشهر بها بلا دليل قاطع ولمجرد الاختلاف فى الآراء السياسية؟ وهل من الإسلام فى شىء أن تتهم جموع المبدعين والفنانين بالزندقة وفعل المنكرات ومعظمهم ملتزمون دينياً ويتقون الله أكثر منك ومن أمثالك ممن يرمون الناس بالباطل وينتهكون الأعراض دون اتقاء الله؟ وهل رسالة الداعية ورجل الدين أن يكون شتاماً لعاناً منتهكاً للأعراض وفظاً غليظ القلب سليط اللسان؟ يا سيدى الداعية.. إن الدعوة لله كما أمر الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم وأمرنا لا بد أن تكون بالموعظة الحسنة، ولم يكن سيدى وسيدك وإمامى وإمامك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شتاماً ولا لعاناً ولا منتهكاً للأعراض، وفى كل جماعة وفئة ومجتمع الطالح والفاسد، فكما من بين الفنانين قلة من الفاسدين أخلاقياً ففى المشايخ أيضاً من هم أفسد أخلاقياً، والأدلة كثيرة.. والفن والإبداع ليسا فسقا ولا فجورا.. ولن أتطرق فى الحديث عن رسالة الفن والإبداع لأمثالك؛ لأن الإنسان ذا التفكير والعقل السوى يدرك دون تذكرة سمو رسالة الفن والإبداع. ونصيحة لك ولكل المشايخ أن تكونوا قدوة فى حسن الأخلاق وفى حسن الحديث، وبشروا ولا تنفروا ولا تكونوا سبة وعورة فى جسد الإسلام السمح واتقِ الله الذى ستقف أمامه قريباً أو بعيداً وسيسألك ويحاسبك عن انتهاكك للأعراض وقذفك للمحصنات ورميك الناس بالزندقة بالباطل.. وسيسألك أنت وجميع الدعاة عن مالك من أين اكتسبته وعن علمك كيف استخدمته.. وأرجو أن يكون حكم القضاء وحكم شيخ الأزهر فى شأنك رادعاً لهؤلاء المشايخ الذين يريدونها كهنوتية. والله سبحانه وتعالى من وراء القصد.