في السابعة صباحًا، استيقظت "أميرة حماد" على صوت عمال حي مصر الجديدة، أثناء تقليمهم شجرة كانت تظلل منزل عائلتها طوال سنوات عمرها العشرين، فأصيبت بذهول بالغ ليس فقط لتشويه المظهر العام، ولكن لقضائهم على النباتات النادرة، فالشجرة البالغ عمرها 100 عام، كانت ترتفع لعشرة أمتار قبل أن تصبح في مستوى الأرض. "أميرة" قررت أن تلتقط صورًا للشجر في منطقة بمنطقة الميرلاند بمصر الجديدة، قبل وبعد تقليمها، لتثبت حالات التعدي الجائر على الشكل الجمالي للأشجار. "أصحاب المحلات التجارية و الشركات والعيادات ذبحوا الأشجار لوضع إعلاناتهم".. هكذا عبرت أميرة عن حزنها على الأشجار، وأضافت "للأسف هناك هجمة شرسة على جميع أشجار مصر الجديدة في الشوارع الرئيسية والجزر الوسطي والحدائق العامة". وتابعت "هما مش عارفين إن الأشجار رئة المدينة التي تمنح الأكسجين الذي نتنفسه و تصد الرياح والأتربة وتبرد الجو في الصيف"، واستطردت "مش هسيب حقي في الهواء النضيف، منطقتي كان فيها حوالي 35 شجرة نادرة كلهم اتقطعوا واتشوهوا والشكل العام بقى مش متحضر". الزحف لم يصل إلى المنطقة التي تسكنها "أميرة" فقط بل راح يبحث عن مناطق أخرى داخل مصر الجديدة مثل أبو بكر الصديق، وشارع العروبة، ومستشفى مصر الطيران، وشارع الخليفة المأمون. ومضت قائلة "المشكلة أن الحي بيسيب شجر (الفيكس) النادر بدون تهذيب سنين طويلة لغاية ما يبقي شكله بشع وبعدين يعملوا تهذيب وتقليم بشكل جائر للتحكم في فروعه، وإذا كانت هذه الشجرة مصابة بمرض فطرى تموت قبل تهذيبها، وعلشان كده بضطر أصور أي حالة علشان أثبت وجود إهمال في المنطقة وتعدي على التراث الأخضر". شكري أسمر، المنسق العام لمبادرة حماية تراث مصر الجديدة، يعتبر أن ما يحدث كارثة بيئية بكل المقاييس، ويضيف "العمال بيمسكوا (بلطة) و(سيف) ويجذوا الأشجار النادرة من غير دراسة أو احترافية، ومفيش بلد بتتعامل مع مقتنياتها النادرة بالشكل ده، وعلشان كده بنضطر نصور الشجرة قبل ما تتقص علشان نرفع بيها تقارير دورية لجهاز التنسيق الحضاري". محمد أبو سعدة، مدير هيئة التنسيق الحضاري، يقول إنه تلقى عددًا من الاستغاثات والبلاغات العاجلة من المواطنين؛ بسبب القطع الجائر للأشجار، والقضاء على النخيل الأخضر بالمخالفة للقانون، وجار التحقيق بشأنها؛ لضمان عدم تكرار هذه التعديات.