عبارة كوميدية يرددها الكثيرون، على سبيل ادعاء المزاح معظم الوقت، لكنها لا تكون مزاحًا بنسبة 100% أبدًا، وهي تدل على تفكير ملتوي غريب وصلت الكوميديا بالأمر منذ حوالى 4 سنوات أن الناس أثنت على سلوك بعض الضباط اللذين كانوا يداهمون القهاوي التي تضم المفطرين في نهار رمضان، ويقبضون عليهم!، ويضربوهم ويسحلوهم في الأقسام ثم يطلقون سراحهم!، وطالبوا الحكومة بتعميم هذا السلوك المريض تحت دعوى حفظ الأخلاق العامة!. إن جوهر الصيام في جميع الأديان والحضارات واحد: هو تمكين الإنسان من كبح جماح الجسد والشهوات، والسيطرة عليهم وإخضاعهم، فكيف إذن تجاهد ضد شىء غير موجود أصلًا؟ إذا قمت بحبسك في غرفة مغلقة طوال وقت الصيام تحت دعوى أنني "أحميك" من أن تضعف وتأكل، هل تعتبر صائمًا؟، أي أجر تأخذ ولماذا وأنت قد أجبرت تمامًا على الصيام، بينما لو كانت واتتك الفرصة لتأكل لكنت فعلتها فورًا!. أنا شخصيًا أرى أنني إذا لم تكن الأشياء التي أحاول الجهاد ضدها موجودة، فإن صيامي يعتبر غير ذي قيمة، وذلك لإنتفاء وجود ما أصوم عنه (أي أمنع نفسي عنه من الأساس!)، ونعود ونطرح نفس السؤال على صديقي الخبيث: هل تكمن مشكلتك في منع "نجاح" الشخص في الوصول للأكل؟، أم أن مشكلتك في استعداده للتضحية بالصوم من الأصل؟ إن الشخص الصائم الذي يقوم بتعنيف كل من يفطر أمامه طالبًا منه أن يفطر في الخفاء هو ببساطة: 1 مخادع وكاذب: لأن الله طلب من الصائم أن يكبح جماح شهواته، بينما هو يصرخ مطالبًا بإخفاء الأكل من أمامه كأنما يحاول خداع الله مدعيًا أنه صائم، ولكن في الحقيقة هو ليس كذلك نهائيًا!. 2 أناني ومنافق: لأنه مُطالَب بشدة بأن ينصح المفطر بالحسنى، لا بإخفاؤه من أمامه، من يطالب بعقاب المجاهرين بالإفطار أو إخفاؤهم لا يهتم سوى بنفسه وبالمظهر العام لا أكثر ولا أقل. 3 ضعيف الإيمان: فإذا كان لا يتحمل رؤية شخص يأكل في العلن ويرى أن هذا يضعفه ويدعوه للإفطار هو الآخر، ألا يدعونا هذا للتساؤل عما سيفعله وهو وحده في المنزل بدون رقيب؟. كُن على قدر من القوة يجعل المُفطِر يرى فيك النموذج والقدوة، يجعله يتمنى أن يصبح في مثل قوتك، لا يهتز له جفن، لا أن تبدو أمامه بمظهر الفأر المذعور من خياله!.