تابعت بنظرة الباحث العلمي ما دار ولازال يدور في مصر من لغط حول قضية فيلم سينمائي اثار حفيظة المصريين مما دفع برئيس الوزراء المصري المهندس ابراهيم محلب للتدخل شخصيا ووقف عرض ذلك الفيلم . والحقيقة ان هذه المشكلة لابد ان تمثل لنانحن الباحثين والعاملين في مجال البحث العلمي وقفة للتأمل لكي ندرس ونبحث عن العوامل والأسباب التي أدت إلي حدوث مثل هذه المشكلة والتي باتت قضيه رأي عام تتناولها الأقلام والبرامج التليفزيونية والإذاعية . وفي رايي ان السبب الحقيقي وراء ذلك هو غياب الاهتمام بالبحث العلمي وقضايا التعليم والعلم بصفه هامة وانحصار نظرة البعض منا للبحث العلمي انه دراسات وأبحاث في الكيمياء والفيزياء والطب وغيرها من العلوم الطبيعية ولم ننتبه الي أهمية العلوم الانسانية والاجتماعية وما تلعبه في بناء المجتمعات وتطويرها والارتقاء بها وبالثقافة العامة وطريقة التفكير والسلوك العام للأفراد . ولعل قضية هذا الفيلم تكون كالقاء حجر في بحيرة بها مياه راكدة فنفيق من غيبوبتنا ونعيد النظر في طريقة تناولنا ونظرتنا للبحث العلمي في مصر بجناحيه الطبيعي والاجتماعي و رغم اننا نمتلك مراكز للأبحاث العلمية في المجالين مثل المركز القومي للبحوث وغيره من المراكز التي تعمل في المجالات الطبيعية والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الذي يعمل في مجال الأبحاث الانسانية الا اننا في حقيقة الامر لا نضع برامج واستراتيجيات للاهتمام الحقيقي وتفعيل نتائج دراسات تلك المراكز من خلال خطة متكاملة للدولة للاهتمام بالبحث العلمي بصفة عامة . والحقيقة التي يجب ان يعرفها الجميع ان هناك ارتباطا بين الأبحاث العلمية الطبيعية والأبحاث الانسانية والاجتماعية وان نتائج الاثنين تؤثر تأثيرا مباشرا علي الفرد والمجتمع ككل بل ان الارتقاء بمستوي المعيشة والرفاهية للمواطن هو محصلة نتائج تلك الدراسات معا وان حماية الانسان من الانحراف والمشاكل الاجتماعية المختلفة يأتي من تفعيل نتائج تلك الدراسات معا. خلاصة القول اننا. ونحن ننادي الان ببناء دولة العلم والأخلاق والعدل علينا ان ندرك اننا لابد وان نضع البحث العلمي كاولوية قصوي في المرحلة القادمة واعتباره الأداة الاساسية التي يمكن للدولة ان تستعين به لبناء هذه الدولة ومن اجل تحقيق النهضة الشاملة اقتصاديا وصناعيا وزراعيا وصحيا وسلوكيا وأخلاقيا وعلينا ان ندرك ان الاهتمام بالأبحاث العلمية الانسانية والاجتماعية يجب ان يسير جنبا الي جانب مع اهتمامنا بالعلوم الطبيعية حتي لا تظهر علينا مرة اخري مثل هذه النوعية من المشاكل التي يجب ان تخلو منها الساحة في المرحلة القادمة.