قال اللواء محمود شعراوي وزير التنمية المحلية، إنّ تعظيم الاستفادة من التراث الثقافي للمدن، سواء كان المعماري والعمراني والفني والحضاري أو المنتجات التراثية المتميزة وغيرها، يتطلب دورا واعيا للإدارة المحلية لهذه المدن الممثلة في مستويات الإدارة المحلية للمحافظات والمراكز ومجالس المدن. وأشار وزير التنمية المحلية إلى الاهتمام الدولي بموضوعات الحداثة والتراث الثقافي والحضاري، والارتقاء بمستوى المناطق الفقيرة والمهمشة وبعض الفئات الأخرى من المواطنين، والحفاظ على التراث العالمي في المدن والبناء عليه للأجيال المقبلة. وشدد شعراوي على أهمية الحفاظ على التراث المعماري والحضاري خلال عملية تطوير المدن، بما يحافظ على الهوية الوطنية ارتباطًا بمبدأ الحداثة والمحافظة على التراث. جاء ذلك خلال كلمة الوزير شعراوي التي ألقاها في الجلسة الحوارية الثالثة علي هامش المنتدي الحضري العالمي الذي عقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي، تحت عنوان "الحداثة والعادات والثقافة الموروثة.. نقاط الالتقاء الابتكارية للمدن المستدامة". وأشار شعراوي إلى أنّ الدستور المصري لسنة 2014، أكد الهوية الثقافية للمجتمع وضرورة احترام تلك الهوية، وهناك الكثير من الآليات لتعظيم الاستفادة من التراث الثقافي للمدن، عن طريق اعتبارها أحد أهم العوامل المؤثرة في عمليات التخطيط والتنمية والإدارة الحضرية. وأضاف وزير التنمية المحلية أنّه تم تخصيص محور خاصة بالثقافة باستراتيجية مصر للتنمية المستدامة - رؤية مصر 2030 - أكدت فيه الأهداف التي تعمل الدولة على تنفيذها للحفاظ على وتعظيم الاستفادة من التراث الثقافي، مثل دعم الصناعات الثقافية والتراثية في بعض المحافظات كمصدر قوة للاقتصاد، بما يساهم في تقليص الفجوات الجغرافية في الخدمات المقدمة وزيادة دعم النشاط الثقافي الأهلي. وعن التهديدات الناجمة عن الحداثة التي تواجهها المناطق الحضرية، قال شعراوي إنّ الكثير من نماذج الحداثة وأنماط المعيشة المرتبطة بها يشكل تهديدا مباشرا للمجتمعات المحلية، قد يؤدي إلى تفككها واندثار ثقافتها. وأوضح الوزير أنّه لا شك أنّ المجتمعات المحلية في مصر منذ العصر الفرعوني وحتى مطلع القرن العشرين، كان لديها رصيد من التراث الثقافي يعد أقرب للتنمية المستدامة عن ممارسات الحداثة المذكورة، إذ كان للمجتمعات قيم وعادات لاحترام الطبيعة والحفاظ على الأراضي الزراعية وعدم تلويث المجاري المائية، وتقدير القيم الجمالية في العمارة والتنسيق الراقي في عمران المدن. وأضاف شعراوي أنّه لاشك أنّ الحداثة جلبت تقدما ملحوظا في الوسائل التكنولوجية التي ترتكز على الابتكار ونظم الإدارة، ويجب الاستفادة منها وتوظيفها لصالح التنمية خاصة التنمية المستدامة، ولكن مع الحفاظ على القيم التراثية ومقومات الثقافة المحلية الإيجابية. وقال إنّ الدولة المصرية حرصت أثناء صياغة استراتيجية التنمية المستدامة 2030 من خلال التأكيد على زيادة معدل الاستثمار في الصناعة الثقافية وتحفيز الابتكار وإدخال التقنيات الحديثة بها، وزيادة صادرات المنتج الثقافي والتراثي وتطوير وإعادة هيكلة المنظومة الثقافية لتكون أكثر ابتكارية وحداثة، وإنشاء شبكة بنية معلوماتية متكاملة للعمل الثقافي والتراث المجتمعي في مصر. وعرض الوزير بعض ملامح التجربة التي خاضتها الدولة المصرية بعد عام 2011 وتعرضها لموجة شديدة من الإرهاب، وبعض التحديات الداخلية الأخرى والتي تسببت في تعرض الكثير من الآثار والعمارة التي كانت تتميز بها مصر للضرر بسبب تلك الأحداث، ومشاكل وتحديات اقتصادية كبيرة في ظل عدم توافر الأمن والاستقرار خلال تلك الفترة. وأكد وزير التنمية المحلية أنّ الدولة المصرية بمؤسساتها كافة، تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، نجحت في تحقيق الاستقرار الأمني والدفع بعجلة التنمية في كل أنحاء الجمهورية، بعد مرحلة من الاضطرابات مرّ بها الوطن خلال السنوات الماضية. وقال شعراوي إنّ الرئيس عبدالفتاح السيسي عقب توليه الرئاسة وضع استراتيجية حديثة متعددة المحاور لسرعة إعادة مصر لمكانتها الطبيعية التي تستحقها بين دول العالم والمنطقة، وتحقيق نجاحات كبيرة في المجالات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية. وأضاف الوزير أنّه خلال تلك السنوات بعد عام 2011، شهدت المحافظات هجرة داخلية لأبناء القرى التي تشهد نموا بمحافظات الجمهورية للمنطقة الحضرية في مدن وعواصم المحافظات المختلفة. ولفت شعراوي إلى أنّه كان لابد من خطوات إصلاح اقتصادي سريعة تبنتها القيادة السياسية ونفذتها الحكومة بدعم من الشعب المصري، الذى يعود إليه الفضل في النجاح الذي حققه برنامج الإصلاح الاقتصادي، بما تمتع به من وعي ومثابرة لعبور مرحلة الإصلاح الصعبة. وأوضح الوزير أنّ الحكومة بدأت الاهتمام بقطاعي الصحة والتعليم تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسي لبناء الإنسان المصري، لافتا إلى الاهتمام بالمشروعات القومية الكبرى التي يتم تنفيذها في مصر بما في ذلك المدن الجديدة، إذ تم بناء أكثر من 22 مدينة جديدة وعلى رأسها العاصمة الادارية الجديدة والعلمين والمنصورة الجديدة، بما يساعد في الخروج من المساحة التي نعيش عليها حاليا، والتي تصل لنحو 8%، وصولًا لتنفيذ خطة الحكومة في عودة القاهرة الفاطمية والتاريخية لما كانت عليه ويعود وجهها الحضاري خلال الفترة القليلة المقبلة. وشدد شعراوي على سعي الحكومة المصرية بقوة لاستعادة الوجه الحضاري والتاريخي للقاهرة، وافتتاح المتحف المصري الكبير خلال العام الحالي، وترميم عدد كبير من الآثار التي تعرضت للضرر خلال السنوات الماضية.