تحوّل حفل موسيقى، كان من المعتاد أن يقام فى أماكن الانتشار الثقافى فى مصر، إلى حالة من الجدل الدينى والسياسى والقانونى، بل امتد إلى التلويح بأن منظمى حفل «الميتال» الأخير فى ساقية الصاوى يرعون ما يسمى «عبادة الشيطان».. الأبعاد كثيرة والآراء ملأت الصحف ومواقع التواصل، مع أو ضد، بلاغ مقدم من أحد المحامين يحمل الاتهام السابق. توجهت «الوطن» إلى محمد عبدالمنعم الصاوى، صاحب ساقية الصاوى، مستفسرة منه عن طبيعة ما حدث وموقفه من «الميتال» والبلاغ والفنون. * ما رأيك فى الربط بين الميتال وعبدة الشيطان؟ - فكرة أن «الميتال» مرتبطة بعبادة الشيطان غير منطقية تماما، والأزمة تكمن فى ثقافة المجتمع الذى تعود على التفكير البسيط والسطحى لدى بعض طبقاته، إضافة إلى حالة التراخى الثقافى وإهمال الدولة لدورها فى رعاية الثقافة ونشرها بشكل حقيقى، وذلك بسبب النظام غير الديمقراطى الذى كان يحكم مصر. * ما مدى تخوف الساقية من استقبال عازفى «الميتال»؟ - الساقية اختارت أنها تدافع عن المشاكل «مش تتجنبها»، ومن واجبنا أن نصحح المفاهيم الثقافية لدى المجتمع، وأنا مش بالضرورة أعرض أحسن موسيقى، أنا مؤمن بأن «من حق الناس تختار اللى هى عاوزاه، ده نوع من الموسيقى بيعبر عن مجموعة من الشباب فى مرحلة سنية معينة، أنا لو هسمع مش هسمع ميتال، بس الناس اللى بتحبها من حقها تسمعها، واحنا بنوفر للشباب بيئة صحية عشان يسمعوا الموسيقى اللى بيحبوها». * ما الضوابط التى وضعتها الساقية لاختيار الفرق التى تغنى فيها؟ - الساقية منهجها واضح، بنشوف المستوى الفنى اللى هيتقدم، ونعرف الأغانى ونقوم بحذف الأغنيات التى تخرج عن الآداب العامة أو التى تعيب فى الذات الإلهية، وحدث كثيرا فى الماضى أننا حذفنا نصوص أغنيات أو حتى مسرحيات عشان ضوابط الساقية، وإحنا مش مستنيين جهة رقابية عشان تعدل علينا. * هل هناك إحدى الحالات التى تتذكرها كانت خارجة عن الآداب فى الساقية؟ - كانت هناك سيدات على المسرح تلفظن بألفاظ جنسية، وأنا اعتذرت للناس عنها؛ لأنى بعتبر استخدام الألفاظ دى إفلاس فكرى، وممكن أوصل رسالتى دون السقوط فى فخ اللغة المسفة، وحالة أخرى كان هناك شاب يرى أنه من الطبيعى أن يسب الدين على خشبة المسرح؛ لأن هذا يحدث فى الشارع، فكانت إجابتى له أن هناك من يتبول وهناك من يتحرش فى الشارع، فهل هذا مبرر لنفعل مثله؟! * ما رأيك فى قضية «الميتال» عام 1997؟ - قضية الميتال عام 97 كانت سياسية بحتة، ليس لها علاقة إلا بالنظام الفاشل؛ حيث إن بعض أعضاء النظام زاد من جرعة القمع، فشعر المواطنون أن هناك اضطهادا للإسلاميين، فأرادوا إحداث توازن فتم القبض على مجموعة من الشباب واتهامهم بأنهم من عبدة الشيطان، لكن تم الإفراج عنهم بعد ذلك لأنه لم توجد تهمة توجَّه إليهم. * ما طبيعة البيان الذى أصدرته الساقية عقب الممارسات التى وقعت فى حفل الميتال الأخير؟ - البيان جاء لتفسير ما يحدث؛ فالساقية مكان يأتى إليه الآلاف؛ فمن الوارد أن يقوم شخص بإشعال سيجارة، والسيجارة يكون فيها «حاجة»، اللى حصل مش أكتر من كده. * منذ متى بدأت الساقية فى استقبال فرق «الميتال»؟ - منذ أن تم افتتاح الساقية ونحن نستقبل جميع أنواع الموسيقى. * البعض اعتقد أن البلاغ الذى تم تقديمه المقصود الحقيقى منه هو أنت.. فما رأيك؟ - أنا لن أقع فى نفس الخطأ الذى ارتكبه مقدم البلاغ؛ لأنه قال «أنا شكيت إنهم عبدة شيطان»، فأنا مش هقول أنا شاكك إنه ضدى، أنا لست مخمنا، لو شاكك واحد فى المليون يبقى أنا مش متأكد. * هل تتخوف على مستقبل الفن فى ظل التيار الدينى؟ - أنا منحاز للدين وعمرى ما حسيت إن الدين ممكن يأثر على الفن، إلا مع الفهم الخاطئ للدين، لو فهمنا جوهر الدين ومقصده فأنا معنديش شك إن الدين دايما فيه مصلحة للأمة، وهو وصفة السعادة للدنيا والآخرة، ولو الإسلاميين هيصادروا الحريات ويحرموا الفنون إحنا مش مطالبين نخاف إحنا مطالبين نقعد نتكلم معاهم ونقرا الدين سوا. * هل تم الاتفاق على نصوص فى الدستور تخص حرية الفنون؟ - الفنانين فرحانين جدا بالنصوص المتفق عليها فى الدستور، بس دايما بيقولوا لما نشوف التطبيق، لما المجتمع يعيش التجربة بجد بعد الدستور ما يعتمد ويثبت إن فى مرونة فى التعامل.